الإثنين 29/أبريل/2024

في يوم الأسير.. عقود القهر تواجه بعزم أبطال طوفان الأقصى

في يوم الأسير.. عقود القهر تواجه بعزم أبطال طوفان الأقصى

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

يُحيي الشعب الفلسطيني يوم الأسير هذا العام، في أتون الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي خضم تحديات كبرى تعصف بالقضية الفلسطينية.

وتنطلق فعاليات ومسيرات في فلسطين والشتات وأرجاء العالم دعماً ونصرة للأسرى، وتسليطاً للضوء على واحدة من أبرز القضايا الوطنية.

ولعل من أبرز أهداف عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، تحرير الأسرى الأبطال من سجون الاحتلال، إذ أسرت المقاومة عشرات الإسرائيليين في محاولة لتحرير أكبر عدد من الأسرى.

ووفقاً لمؤسسات دولية ومحلية تعنى بشؤون الأسرى، بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو 9500 أسير، بينهم 80 أسيرة، و200 طفل تقل أعمارهم عن 18 عاماً.

وقالت المؤسسات في تقرير لها، حصل المركز الفلسطيني للإعلام على نسخة منه، عشية يوم الأسير، إنّ من بين الأسرى أكثر من 3660 معتقلا إدارياً، و56 صحفياً.

وذكرت أنّ عدد النواب المعتقلين في سجون الاحتلال 17 نائباً، جُلّهم رهن الاعتقال الإداري، وأقدمهم الأسيران أحمد سعدات ومروان البرغوثي.

وأفادت بأنّ هذه الإحصائيات لا تشمل معطيات معتقلي غزة، كونهم رهن الاعتقال القسري حتى اللحظة، في حين أوضحت تقارير أخرى أن عدد معتقلي غزة أكثر من 3000 أسير.

وأشارت المؤسسات إلى أنّ المتغير الوحيد القائم هو أنّ سلطات الاحتلال، وأجهزتها المختلفة، عملت على تطوير المزيد من أدوات التّنكيل والتعذيب، كما عمّقت انتهاكاتها عبر وتيرة العنف الهادفة إلى سلب الأسير الفلسطيني إرادته، وتقويض أي حالة نضالية عنده تهدف لحماية حقوقه الإنسانية.

ولفتت إلى أنّ عدد المعتقلين القدامى بلغ بعد استشهاد المعتقل وليد دقة 21 معتقلاً، أقدمهم المعتقل محمد الطوس من بلدة الجبعة بمحافظة بيت لحم، والمعتقل منذ عام 1985.

كما يبلغ عدد المعتقلين الذي يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد نحو 600 معتقل، أعلاهم حكماً الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بالسجن 67 مؤبداً، يليه إبراهيم حامد بـ54 مؤبداً.

وحول شهداء الحركة الأسيرة، أشارت المؤسسات إلى أنّ العدد ارتفع إلى 252 شهيداً منذ عام 1967، وذلك بعد أن ارتقى داخل سجون الاحتلال 16 معتقلاً، وهذا لا يشمل كافة شهداء الحركة الأسيرة بعد السابع من أكتوبر، مع استمرار إخفاء هويات غالبية شهداء معتقلي غزة الذين ارتقوا في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، فيما يبلغ عدد الشهداء المعتقلين المحتجزة جثامينهم 27 شهيداً، أقدمهم الشهيد أنيس دولة المحتجز جثمانه منذ عام 1980.

قوانين مجحفة

وطوّعت إسرائيل القوانين المجحفة بحق الأسرى، واستخدمتها ضدهم، لا سيما قانون محاكمة الأطفال دون سنّ 14 عاماً، وآخر لحرمانهم من التعليم، وثالثاً شرعن احتجاز مستحقاتهم المالية، ولعلّ أخطرها قانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام لنيل حقوقهم.

كما شرعنت إسرائيل احتجاز جثامين الأسرى الذين يقضون في الأسر، حيث تحتجز الآن 496 جثماناً (لا تشمل جثامين الشهداء بمحيط غزة بعد الحرب) في ثلاجات وفي مقابر الأرقام.

كما طُرح مشروع قانون لإعدام الأسرى عام 2015، ولم يقره الكنيست بعد، بالرغم من مطالبات الوزير المتطرف، إيتمار بن غفير، بذلك علناً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ومع ذلك، لم تسقط إسرائيل من أجندتها الأحكام العالية، فهناك 561 أسيراً محكومون بالسجن مدى الحياة، ويوصف أكثر من 500 أسير ممن قضوا فوق 20 عاماً بجنرالات الصبر، إضافة لأسرى المؤبدات المفتوحة كالأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بـ67 مؤبداً، ونائل البرغوثي الذي يوصف بأنه أقدم أسير بالعالم بقضائه 44 عاماً في السجن.

وأشد خطورة من ذلك، انتهاج إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري، التي يكون فيها ملف الاتهام سرياً، والمعتقل بموجبها الآن أكثر من 3660 أسيراً، حيث يبقى الأسير رهن مزاج مخابرات الاحتلال التي تحكم وتجدد اعتقال الأسير دون سبب.

الاعتقال مرات عديدة

أثبتت التجارب أن شيئاً لم يردع الفلسطينيين، نتيجة إيمانهم بأحقية نضالهم والعيش على أرضهم بحرية وسلام.

يقول فؤاد الخفش، الباحث في شؤون الأسرى، إنّ 75% من الأسرى الفلسطينيين أعيد اعتقالهم أكثر من مرة، كونهم استمروا بنضالهم حتى بعد تحررهم.

وأضاف في حديث للجزيرة أنّ من الأسرى من يخضع الآن للاعتقال للمرة الـ30 كالشيخ حسن يوسف، والمرة الـ15 كالأسير نزيه أبو عون، وكثير ممن يعتقلهم الاحتلال الآن من مختلف الفصائل الفلسطينية وقياداتها قد اعتقلوا مرات عدّة، كمروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وعباس السيّد.

ولم يَعدم الأسرى وسيلة لنيل حقوقهم داخل الأسر أو حتى تحرير أنفسهم، فشرعوا بإضرابات عن الطعام، حيث خاضوا 26 إضراباً جماعياً منذ العام 1967، ومئات الإضرابات الفردية.

ومن هذه الإضرابات إضراب سجن عسقلان عام 1976 الذي استمر 65 يوماً، وإضراب سجن نفحة عام 1980، واستشهد فيه 4 أسرى، أمّ إضراب “أم المعارك” عام 1992 فهو من أشهرها، حيث خاضه 7 آلاف أسير واستشهد أحدهم، كما خاض الأسرى إضراب “سنحيا كراماً” في 2012، وإضراب “الكرامة” في العام 2017.

وافتتح الشيخ الشهيد خضر عدنان بإضرابه عام 2011-2012، الذي استمر 65 يوماً، طريق الإضرابات الفردية الحديثة، ولحقه عشرات الأسرى الذين أضرب بعضهم 100 يوم وأكثر.

واعتقلت قوات الاحتلال المئات في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، واعتبرتهم “مقاتلين غير شرعيين”، ولا يزال نحو 850 منهم قيد الأسر، وأخفى الاحتلال قسراً أية معلومات عنهم، واحتجزهم بمعسكرات للجيش قرب غزة، وسجون سرية في النقب، كـ”سديه تيمان” و”عينتوت”.

وكشف طبيب إسرائيلي عسكري أنّ بعض الأسرى بترت أطرافهم بفعل استمرار تقييدهم لأيام وأسابيع، وقتلت إسرائيل باعترافها 27 فلسطينياً من أسرى غزة.

كما تعرّضت بعض الأسيرات إلى خلع حجابهن، إضافة إلى حالات من التحرش والتفتيش العاري.

صفقات المقاومة.. سبيل الحريّة

وتجمع الفصائل وذوو الأسرى، على أنّ القوة هي السبيل الأوحد لتحرير الأسرى، فمفاوضات السلام مع إسرائيل لم تنجح بتحرير أيّ منهم.

وهذه القوة تكمن في عمليات أسر إسرائيليين، وخاصة من الجنود، وإبرام صفقات تبادل، ونجحت المقاومة الفلسطينية في تحقيق ذلك في عشرة صفقات تبادل منذ العام 1968 وحتى 2011، وهذه الصفقات شكلت ولا تزال أمل الأسرى الوحيد لنيل حريتهم.

وكانت أشهر اتفاقيات التبادل “صفقة الجليل” الأولى عام 1983، والثانية التي عرفت أيضا بصفقة “أحمد جبريل، الجبهة الشعبية-القيادة العامة” عام 1985، وصفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، إذ فرض فيهما المفاوض الفلسطيني شروطه، وأُطلق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، بينهم ذوو أحكام عالية ومؤبد، مقابل 3 إسرائيليين في الأولى، والجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اختطفته المقاومة بغزة عام 2006 في الثانية.

وجاء “طوفان الأقصى” ليعلّق الأسرى آمالهم عليها، رغم آلامهم بسبب إجرام الاحتلال في غزة وإبادته لشعبها، ورغم الألم نال أكثر من 150 أسيراً فلسطينياً من الأطفال والنساء حريتهم في صفقة مرحلية، شملت الإفراج عن 50 إسرائيلياً من النساء والأطفال احتجزوا خلال طوفان الأقصى.

ومع أنّ العديد من الأسرى الإسرائيليين قتلوا نتيجة قصف الاحتلال الهمجي في غزة، فلا تزال المقاومة تفاوض على من تبقى منهم، وعلى ذلك يعلّق الفلسطينيون ولا سيما الأسرى آمالهم.

ويوضح الباحث الخفش، أنّ المفاوضات وعملية السلام لم تفرج عن أسير واحد، وأنّ من أطلقت إسرائيل سراحهم بعد اتفاق أوسلو كانوا تحت مسمى “حسن النوايا” منها تجاه السلطة الفلسطينية للعودة للمفاوضات، فأطلقت عام 2013 سراح 75 أسيراً من أصل 104 أسرى ممن اعتقلوا قبل أوسلو، وفي ظل تحرّر بعضهم واستشهاد آخرين، بقي منهم حتى الآن 22 أسيراً، يعرفون بـ”أسرى الدفعة الرابعة”، معظمهم من الداخل المحتل عام 1948.

وشكّلت عمليات الهروب من سجون الاحتلال أملاً آخر للأسرى في نيل حريتهم، ونجحوا في كثير منها، وكان آخرها في سبتمبر/أيلول 2021، حين تمكن 6 من أسرى سجن جلبوع من الهروب عبر حفر نفق أسفل السجن، لكنّ الاحتلال عثر عليهم وأعاد اعتقالهم بعد عدّة أيّام ذاقوا فيها طعم الحرية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات