الإثنين 29/أبريل/2024

استهداف الجهاز الشرطي ومنظمي توزيع المساعدات بغزة.. أهداف إسرائيل الخبيثة

استهداف الجهاز الشرطي ومنظمي توزيع المساعدات بغزة.. أهداف إسرائيل الخبيثة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

فيما بدا إفلاساً صهيونياً في خضم حرب الإبادة في غزة منذ نصف عام، وفشلاً للاحتلال في تحقيق أهداف الحرب المعلنة بالقضاء على حركة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية والمدنية، واصل جيش الاحتلال استهداف منظمي توزيع المساعدات، في محاولة لنشر الفوضى وتنفيذ مخططات مشبوهة على أرض الواقع، وفرض حكم العشائر.

والليلة الماضية، استهدفت طائرات الاحتلال منزل رئيس شرطة جباليا، رضوان الرضوان، وهو رئيس لجنة تأمين المساعدات في شمال قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاده.

ليس الأول من نوعه

وهذا الاستهداف ليس الأول من نوعه، فقد تعمدت قوّات الاحتلال استهداف مسؤولي الشرطة بغزة، ومنظمي توزيع المساعدات، في مسعى لإعاقة توزيعها ونشر المجاعة والفوضى في ظل فشل صهيوني متراكم، رغم مرور أكثر من نصف عام على حرب الإبادة الجماعية.

وكانت قوات الاحتلال اغتالت الشهر الماضي مدير لجنة الطوارئ في منطقة غرب غزة أمجد هتهت، بقصف إسرائيلي استهدفه على دوار الكويت جنوب المدينة، خلال تأمين وصول المساعدات.

وأوضحت مصادر إعلامية حينها أنّ عدداً من أعضاء اللجان الشعبية المشرفة على تأمين وتوزيع المساعدات في غزة، استشهدوا في تلك الغارة.

وسبق استهداف الهتهت اغتيال الاحتلال للعميد فايق المبحوح الذي كان يدير عملية التنسيق مع العشائر والأونروا لإدخال وتأمين المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، حيث يعاني السكان من المجاعة بسبب الحرب والحصار منذ 6 أشهر.

وتعمل لجان الطوارئ بالتنسيق مع العشائر ووكالة الأونروا على تأمين وصول المساعدات إلى مناطق شمال القطاع وتوزيعها بشكل عادل على مختلف المناطق.

ولم يتوقف استهداف جهاز الشرطة في غزة بعد اغتيال المبحوح، فخلال الفترة الماضية، كثف الاحتلال من استهدافه لقادة الشرطة، لتتوالى قوافل الشهداء من حراس القوافل الغذائية والمسؤولين عن تأمينها واحداً تلو الآخر.

فقد سقط مدير جهاز المباحث في شمال غزة، المقدم رائد البنا، شهيداً مضرجاً بدمائه، رفقة زوجته وأبنائه، جراء قصف ليلي نفذه جيش الاحتلال على منزلهم، لينضافوا إلى سلسلة طويلة من الشهداء في القطاع اقترب عدادها الآن من 35 ألفاً.

ثم جاءت عملية الاغتيال الثالثة خلال يومين لتستهدف المقدم محمود البيومي (أبو النور)، وهو مدير مركز شرطة النصيرات، وكان مسؤولاً عن تأمين المساعدات، وقد استشهد جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في مخيم النصيرات وسط القطاع.

وبعد استشهاد القادة الثلاثة، جاء الدور على مدير لجنة الطوارئ في غرب غزة، أمجد هتهت، الذي استهدفته قاذفات الموت الإسرائيلية عند دوار الكويت، لتعيد بذلك التذكير بمجازر الطحين البشعة التي وقعت عند هذا الدوار، وأدّت حينها إلى استشهاد العشرات وإصابة المئات من المواطنين الغزيين الذين دفعهم الجوع إلى التجمع حول شاحنات الغذاء، التي دخلت إلى القطاع بعد 5 أشهر من الحصار والتجويع المستمر.

شمولية الموت وانتقاء القادة

وتهدف هذه الاغتيالات إلى شلّ القوة الأمنية لحكومة غزة، واستهداف عناصرها ومراكزها القيادية بشكل مستمر، وبطريقة تجمع بين شمولية الموت وانتقاء القادة.

كما تهدف وفق متابعات المركز الفلسطيني للإعلام، إلى إدامة الفوضى التي ستؤول مع الزمن إلى خلخلة الثقة في المقاومة، وفي الحكومة الغزية، وذلك بعد فشل محاولات الاحتلال شقّ الوئام الغزي من خلال تحريض زعماء العشائر ليقوموا بتوزيع المساعدات والإشراف عليها، وهو ما رفضه النشامى والمختارون الغزيّون ما لم يكن بتنسيق تام مع حكومة القطاع.

وتحاول إسرائيل من خلال هذه الاغتيالات أن تبحث عن صورة انتصار تفقدها في القطاع، كما تحاول التعويض عن فشلها في اغتيال القادة العسكريين للمقاومة، باغتيال قادة في جهاز الشرطة والطوارئ.

وتهدف كذلك إلى تسويق عمليات الاغتيال داخلياً، باعتبارها إنجازات نوعية لجيش الاحتلال في قطاع غزة، خصوصاً أنّ ذلك يأتي بالتزامن مع إذعان قوات الاحتلال للضغوط الدولية لإدخال مساعدات إلى شمال القطاع، ظلت إسرائيل ترفضها وتؤكد أنها لن تسمح بها.

والحقيقة أنّ هدف الاحتلال الرئيسي هو إفشال عملية دخول المساعدات أصلاً، والتوقف عن تسيير الشاحنات، حتى تتحقق أعلى درجات الإبادة التي يعمل الاحتلال على مدّ أطنابها في كل أنحاء القطاع، وتجاه كل كبد رطبة فيه.

ضرب الحاضنة الشعبية

يرى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور حسام الدجني، في هذا الاستهداف المركّز والمتنامي ضدّ الشرطة مخططاً من إسرائيل تسعى من خلاله إلى خلخلة الأمن الداخلي، وضرب الحاضنة الشعبية والجبهة الداخلية في قطاع غزة.

وهذا الاستهداف، برأي الدجني، هو حلقة من مسلسل إسرائيلي كبير، يستهدف شاحنات المساعدات، ومن بينها مساعدات تابعة لوكالة الأونروا، كما يستهدف العشرات من القائمين على العمل الإغاثي في المؤسسات الدولية، وكذلك الموظفين التابعين لوزارة التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية برام الله.

وكان تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أكّد أنّ مقتل ضباط شرطة في غزة على يد جيش الاحتلال في فبراير/ شباط الماضي، أدّى إلى تعقيد عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كبير.

وجاء في تقرير أوتشا أنّ موقف الجيش الإسرائيلي المتمثل في معاملة قوات الشرطة كمقاتلين، يزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى استعادة القانون والنظام، وهي عناصر بالغة الأهمية لحماية المدنيين، فضلاً عن إيصال المساعدات الإنسانية بسلاسة.

وكتب المحلّل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون عبر حسابه بموقع إكس عن أسباب استهداف الاحتلال الإسرائيلي لشرطة غزة تحديداً، حيث أوضح أنّ الصهاينة يريدون إحداث فراغ في غزة، والضغط على الحاضنة الشعبية عن طريق الفوضى وزعزعة الأمن، من أجل أن يتحول الشعب الفلسطيني من الصمود والتماسك والتنظيم إلى التشتت والفوضى.

وأوضح المدهون أنّ الاحتلال يهدف إلى ضرب جميع مشاهد ومظاهر سيادة حكومة حماس، لإظهار أنّه حقق إنجازاً ملموساً.

وحذّر من أنّ الاحتلال، بعد استهدافه المنظومة الصحية والتعليمية وكل مفاصل الحياة ومرافقها في قطاع غزة، يريد الآن تدمير المنظومة الأمنية من أجل تقويض أي استقرار سلطوي يكون عنوانه حركة حماس.

تفكيك المجتمع

من جانبه، أكّد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أنّ استهداف شرطة غزة يأتي في إطار الحرب الشاملة على قطاع غزة، والحرب الشاملة على حركة حماس تحديداً.

وأوضح عرابي في حديثه الخاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ هذا الاستهداف يكشف إرادة الاحتلال الإسرائيلي تفكيك المجتمع الفلسطيني داخل قطاع غزة، وتدمير الحياة الحضارية والعمرانية، وخلق حالة من الفوضى، بحيث تصبح الحياة مستحيلة داخل القطاع.

ويرى عرابي أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنه أن يحقق أهدافه إلا بتفكيك كل قدرات حماس، على المستوى العسكري والتنظيمي والحكومي والإداري؛ لذلك فهو معنيّ بعدم وجود أي مظهر إداريّ أو شرطي، أو أيّ مظهر لانتظام المجتمع الفلسطيني.

ويضيف أنّ تحقيق الاحتلال لأهدافه الكبرى يتطلب منه تدمير أي وجود لحركة حماس داخل قطاع غزة، وتدمير أيّ نمط لإدارة المجتمع الفلسطيني في ظل الحرب بعيداً عن الاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكّد عرابي أنّ الاحتلال كان يريد شكلاً من الإدارة التابعة له، وليس إدارة وطنية وتنظيمية وحكومية تابعة لحركة حماس، كما لا يريد أيّ إدارة تنظيمية متوافق عليها شعبياً واجتماعياً داخل قطاع غزة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات