الإثنين 29/أبريل/2024

دعاء الصائمين في غزة.. بقي الظمأ وجفّت العروق وثبت الأجر

دعاء الصائمين في غزة.. بقي الظمأ وجفّت العروق وثبت الأجر

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

إفطارٌ مخضبٌ بالدموع والأعشاب وفي كثيرٍ من الأحيان مخلوطٌ بالدماء، أو لنقل طحينٌ مغمسٌ بالدمّ، وإن لم تجد هذه أو تلك، فليس ثمّة شربة ماء ترتشفها في غزة بعد سماع “الله أكبر” في آذان المغرب، قبل أن تقول: “صمنا لله وأفطرنا على ما قسم الله”.. بقي الظمأ وجفّت العروق.. “وثبت الأجر إن شاء الله”.

بكلماتٍ ممزوجةٍ بالألم.. يوثق مدير المكتب الإعلامي في غزة إسماعيل الثوابتة مشاهد القهر والوجع والجوع، قائلا: “العشب هو إفطار هذه الحاجة الصائمة من غزة.. في ظل المجاعة التي تتفاقم يوماً بعد يوم في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال النازي “الإسرائيلي” على قطاع غزة.

ويؤكد الثوابتة في تدوينة على منصة “إكس”، رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، أنّ أكثر من 700,000 في محافظتي غزة والشمال يعيشون مجاعة حقيقية، توفي منهم حتى الآن 27 جائعاً والعدد مرشح للزيادة.. والباقي عندكم”.

وفي مقطع الفيديو تطبخ مسنّة فلسطينيةٌ العشب لأبنائها من أجل طعام الإفطار، بعد أن نفد الطعام، وتروي بدموعها حالة أهل غزة واضطراهم، وتجيب على سؤال السائل بالقول: “شو بدنا نسوّي”، وتتوقف عن الحديث وتلوذ بالدموع “خلص بكفّي”.

ليست وحدها، فقصص حرب التجويع أكثر من أن تروى في غزة، فمحمود بعينين جاحظتين ارتخت جفونهما إثر فقدانه 20 كيلو جرام من وزنه، يرقب ما تبقى من سلع في سوق مستحدث شمالي قطاع غزة، عله يعود لأسرته بشيء يتناولونه على وجبة الإفطار في شهر رمضان المبارك داخل مركز نزوحهم.

فشلت العينان المرهقتان في رصد أي من الأطعمة التي اعتاد عليها طوال عقوده الأربعة الماضية، وعاد كبقية سكان محافظتي غزة وشمالها بأوراق من الخبيزة التي لا يتوفر غيرها في السوق، عدا القليل من الحشائش.

غابت اللحوم والخضروات والأجبان والحلويات للمرة الأولى عن رمضان، وإن تصادف وجودها فإن سعرها يفوق قدرة الجوعى على شرائها.

تسيطر الحيرة على 700 ألف مواطن يقيمون شمال وادي غزة وهم يحاولون تدبر طعامهم بعد نفاد معظمه، وغابت الأطباق المتنوعة عن وجبة السحور التي اقتصرت غالبا على الزعتر والدقة.

لم تكن وجبة الإفطار أوفر حظًا، حيث ينهمك الصائمون لتوفير الطحين الشحيح مرتفع الثمن، كأولوية دون الاكتراث بما سيتناولونه معه.

يقول محمود إن يومه يبدأ باكرًا مع الساعة الثالثة فجرًا كبقية المقيمين في مراكز الايواء، الذين يشعلون الأخشاب لطهي ما تيسر لهم لطعام السحور، فيما يقضي نهاره بحثًا عن طعام قبل أن يعود مجددًا لاشعال النيران لتجهيز الإفطار.

جسده الهزيل يشير إلى بدء سكان غزة صيامهم القسري قبل أشهر، في ظل شح الطعام المتزامن مع نيران الحرب التي اضطرتهم للنزوح من مكان لآخر، وغابت عنهم طقوس رمضان المتعارفة.

لم يعد محمود قادرًا على جمع شمله مع بقية عائلته التي نزحت جنوبًا هربًا من الحرب، ولن يستطيع هذه المرة استضافة شقيقته على الإفطار بعدما فارقت الحياة عقب قصف طال منزلها.

“الحرب غيرت كل شئ ولم يتبق من رمضان إلا الصبر على المزيد من الجوع”، هكذا يصف محمود الواقع المرير الذي يعيشه سكان غزة.

ويضيف، لوكالة “صفا”، “وصل بنا الحال أن نكون من المحظوظين إذا توفرت وجبة واحدة على مائدة الإفطار، بعدما اعتدنا على تنوع الطعام”.

“كيف للصائمين أن يقضوا نهارهم وليلهم بعيدًا عن منازلهم وتحت أصوات القصف والخوف من غارات طائرات الاحتلال التي تسيطر على أجواء غزة؟”، يتساءل محمود.

يسخر الأربعيني من الواقع، وهو يقول: “قديما كانوا ينتظرون صوت المدفع ليعلن دخول وقت المغرب، الآن أيضًا نفطر على أصوات مدافع الاحتلال التي تدك المنازل على رؤوس ساكنيها”.

يستثني رمضان غزة هذا العام من الكثير من عاداته، فانقطعت الزيارات، وتوقف تبادل دعوات تناول الطعام، وغابت صلوات الجماعة عن المساجد المدمرة، ولم يبق إلا الذكريات التي كانت تعيشها العائلات في مثل هذه الأوقات من كل عام.

تتحلق الأسر في غزة على القليل من الطعام الذي يفترشونه أرضًا، ونظرات الألم والحسرة تسيطر على عيونهم، ودعواتهم أن يذهب الظمأ ويثبت الأجر.

نسرين عبد المجيد وعائلتها المكونة من 5 أفراد قرروا أيضًا الانتقال إلى المناطق الجنوبية للقطاع هربًا من الموت جوعًا.

وتقول نسرين للأناضول: “قررنا النزوح للبحث عن الطعام في شهر رضمان، ففي مدينة غزة الأوضاع المعيشية صعبة، حيث لا يوجد طحين وطعام ولا حتى حليب أو سكر”.

وتضيف: “نجد أنفسنا من 3 إلى 4 أيام بدون طعام، لذلك اضطررنا للنزوح من المناطق الشمالية إلى الجنوبية بحثًا عن الطعام الذي فقدناه منذ شهور”.

وتشير إلى أنها لم تتناول الخبز الأبيض منذ شهر، وكانت تتناول طعام الحيوانات بدلاً من ذلك.

وتوضح أن أطفالها يعانون من نقص في الوزن بسبب سوء التغذية وتقنين الطعام بسبب ندرته.

والأحد، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بأن “الجوع في كل مكان بقطاع غزة”.

وشددت الوكالة الأممية، في منشور على حسابها عبر منصة إكس، على أن “الوضع في شمالي غزة مأساوي حيث تُمنع المساعدات البرية رغم النداءات المتكررة”.

وقالت الأونروا أنه “مع اقتراب رمضان، فإن وصول المساعدات الإنسانية عبر قطاع غزة، والوقف الفوري لإطلاق النار ضروريان لإنقاذ الأرواح”.

وأكدت أن “الجوع في كل مكان بغزة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات