الإثنين 29/أبريل/2024

التجويع .. سلاح إسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية على غزة

التجويع .. سلاح إسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية على غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

بعد أيام من الجوع، رحلت الطفلة الفلسطينية حنين صالح جمعة، شهيدة لتضاف إلى قائمة شهداء المجاعة التي تسبب بها عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

والد الطفلة حنين، لم يكن يتخيل أن يأتي يوم يعجز فيه على توفير لقمة الخبز التي تبقي فلذة كبده على قيد الحياة.

الموت جوعًا

وتوفيت الطفلة حنين صالح حسن جمعة ( أعوام)، بسبب الجوع، حيث كانت تعاني من نقص حاد في الكالسيوم، وفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

يتذكر والدها تلك الليلة المأساوية عندما طلبت الطعام، ووعدها بإحضاره في الصباح. وبحلول فجر اليوم التالي، بدأت حنين في البكاء، وعندما اقترب منها أدرك أنها تقترب من الموت. نقلوها على عربة يجرها حمار إلى المستشفى، لعدم توفر سيارات. وأخبره الطبيب أن ابنته توفيت بسبب الجفاف ونقص الطعام.

وبات الجوع أحد أسباب الموت في قطاع غزة، خاصة في محافظة غزة وشمالها، بعدما استخدمت قوات الاحتلال الجوع كسلاح من أسلحة الحرب، وسط صمت وعجز المجتمع الدولي عن حتى إرسال مساعدات إنسانية لمئات الآلاف من الجوعى.

ويعيش 700 ألف فلسطيني في محافظة غزة، ومحافظة شمال غزة، بعدما رفضوا النزوح إلى جنوب وادي غزة، وأصروا على الصمود لإفشال مخططات التهجير الإسرائيلية منذ بدء الحرب الغاشمة على القطاع.

صعوبة حصر الأعداد

ولجأت “إسرائيل” إلى سلاح التجويع ضد سكان قطاع غزة لا سيما شماله، وهي التي بدأت حربها المدمرة في 7 أكتوبر الماضي بإعلان منع الكهرباء والماء والطعام، وفرض حصار شامل لدرجة أن وصف وزير حربها سكان غزة بالحيوانات البشرية.

والطفلة حنين، ليست الأولى التي تستشهد نتيجة الجوع في قطاع غزة، فقد سبق أن وثق المرصد الأورومتوسطي وفاة العديد من المواطنين بما فيهم أطفال وكبار في السن.

وتؤكد مصادر حقوقية، أن أعداد المتوفين جراء الجوع أكبر من المعلن، نظرًا لعدم وجود آلية واضحة رسمية لحصر أعداهم، وما يجري أن وفياتهم تسجل في كثير من الأحيان تحت أسباب أخرى، مما يخفي العدد الحقيقي لضحايا الجوع.

وتتدهور الحالة في غزة، خاصةً في الشمال المعزول، حيث تواجه قوافل المساعدات رفض التصاريح والتأخيرات الطويلة.

وفي إطار صراع البقاء، لجأ السكان إلى تدابير قاهرة كطحن العلف الحيواني وتناوله للبقاء على قيد الحياة.

وتتزايد محدودية الوصول إلى الموارد الأساسية مثل الماء والرعاية الصحية وأنظمة الصرف الصحي بشكل كبير، مما يزيد من تفشي الأمراض.

أعلاف الحيوانات

وبدا التعب والإرهاق على المواطن محمود ياسر من جباليا وهو يشرح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” كيف أنه يقضي ساعات طويلة في البحث عن الطحين ليطعم أطفاله الـ5، لكنه لم يعثر على ضالته فاضطر لشراء الأعلاف لصناعتها خبزًا.

ويضيف أنه لم يجد الدقيق الأبيض فاشترى 3 كيلوغرامات من الأعلاف المخصصة للدواب.

يكمل ياسر حديثه بإبراز ما كان عليه العديد من سكان شمال القطاع، نأكل الأرز منذ فترة طويلة، والآن سعر الأرز ارتفع 3 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيئ.

شراء 3 كيلوغرامات من الدقيق يكلف الفلسطيني يوميا 100 شيكلا (نحو 30 دولارا)، وهو ما بات المواطنون يجدون صعوبة في توفير هذا المبلغ.

ويحاول المواطن أحمد قريقع أن يشرح ما يعانيه أقرانه من الرجال في غزة.

يقول: “يعيش الرجل الفلسطيني مأساة على جميع الأصعدة، فلا طعام ولا نوم جيدا بسبب استمرار القصف الإسرائيلي، ولا مياها صالحة للشرب”.

ويتابع أن المواطنين في شمال القطاع لا يتناولون سوى وجبة واحدة كل يومين، وتكون وجبات غير مشبعة ولا تحتوي على قيم غذائية، مناديًّا بثورة عربية لفك الحصار عن غزة، ولجم الاحتلال عن تصرفاته اللعينة.

وفيما يتواصل دخول الشاحنات بشكل شحيح إلى مناطق جنوب قطاع غزة، فلم تصل أي من تلك الشاحنات إلى محافظتي غزة والشمال.

كارثة هائلة

لمواجهة أجواء المجاعة التي يمر بها القطاع ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المحافظتين بحاجة إلى 1300شاحنة غذاء يوميا للخروج من حالة الجوع، بواقع 600 شاحنة للشمال و700 لغزة.

أما مدير عمليات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين، فقد شدد، على أن سكان قطاع غزة “يموتون من الجوع” بسبب القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.

وقال راين: “هناك سكان يموتون من الجوع ويتم دفعهم إلى حافة الهاوية وهم ليسوا أطرافًا في هذا النزاع (…) ويجب حمايتهم كما يجب حماية مرافقهم الصحية”.

وأضاف: “الشعب الفلسطيني في غزة في قلب كارثة هائلة”، مشيرًا إلى أن الوضع قد يزداد سوءًا.

وأكد راين أن الوصول إلى التغذية السليمة أصبح قضية رئيسية في قطاع غزة خصوصًا مع الانخفاض الحاد في عدد السعرات الحرارية ونوعية الأغذية التي يتناولها سكان غزة.

وذكّر بأنه ليس من المفترض أن يعيش السكان إلى أجل غير مسمى على المساعدات الغذائية، موضحًا “من المفترض أن تكون هذه المساعدات عبارة عن مساعدات غذائية طارئة لدعم السكان”.

وتابع أن “مزيج نقص التغذية مع الاكتظاظ والتعرض للبرد بسبب نقص المأوى (…) يمكن أن يوجد ظروفا ملائمة لانتشار الأوبئة على نطاق واسع” خصوصًا بين الأطفال “وقد بدأنا نراها”.

تعليق المفاوضات

أمام هذه الحالة، لم تجد حركة حماس سوى الإعلان عن عزمها تعليق مفاوضات التهدئة وصفقة التبادل إلى أن يتم إدخال المساعدات والإغاثة إلى شمال قطاع غزة.

وقالت مصادر مقربة من حماس: لا يمكن إجراء مفاوضات والجوع ينهش في الشعب الفلسطيني.

وسبق أن أكدت وكالة أممية أن الاحتلال لم يسمح منذ أسابيع بإدخال أي مساعدات إلى غزة وشمالها، في وقت تفاقمت الأوضاع الإنسانية مع عدم توفر أي مواد غذائية.


الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات