الجمعة 26/أبريل/2024

أطفال غزة .. معاناة متعددة الأوجه بفعل عدوان الاحتلال

أطفال غزة .. معاناة متعددة الأوجه بفعل عدوان الاحتلال

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

مع الحرب الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة، تتعدد أوجه معاناة الأطفال في قطاع غزة، بعدما حولهم الاحتلال إلى بنك أهداف مشروع ومستباح.

وبعد 132 يومًا من حرب الإبادة الجماعية، يقتل الاحتلال الأطفال بمعدل كارثي وبمستوى من الوحشية لم نشهده في العقود الأخيرة، وفق ما خلصت له منظمات حقوقية فلسطينية.

ويبلغ عدد الأطفال دون سن ال 18، نحو 1.06 مليون طفل، بما يشكل الأطفال 47% من إجمالي سكان قطاع غزة، وفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

أعداد مهولة من الشهداء

ومن بين أكثر من 28 ألف شهيد في قطاع غزة هناك 12 ألف طفل وفق إحصاءات غير نهائية، فيما لا يزال هناك 7,000 مفقود، 70% منهم من الأطفال والنساء.

ويشكل هذا ضعف معدل قتل الأطفال مقارنة بالأعداد التي شهدناها على مدار العشرين سنة الماضية، وفق بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومكز الميزان ومؤسسة الحق.

فقدان السيقان

وفق البيان؛ يفقد أكثر من 10 أطفال في المتوسط إحدى ساقيهم، أو كلتيهما يوميا في غزة منذ بداية العدوان العسكري الإسرائيلي، وفق منظمة إنقاذ الطفولة، وذلك إثر نقص المعدات والإمدادات الطبية والأدوية مقابل الأعداد المهولة للضحايا. فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة مما عرض العديد من حديثي الولادة في الحاضنات للوفاة، كما توقفت خدمات غسيل الكلى، وباتت نسبة النجاة ضئيلة.

الهجمات الإسرائيلية المستمرة على المؤسسات الصحية وإخراج العشرات من المستشفيات والمؤسسات الصحية عن العمل، أثر بشكل كبير وفاقم من معاناة الأطفال المصابين بالفشل الكلوي الذين هم بحاجة بشكل مستمر وعاجل لغسيل الكلى.

معاناة مصابة بالفشل الكلوي

الطفلة أنسام مازن العسكري، 12 عاماً، من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مصابة بالفشل الكلوي الحاد، تروي والدتها معاناتها، مشيرة إلى أن أنسام تحتاج إلى غسيل كلى 4 مرات أسبوعياً، وبفعل الحرب على قطاع غزة أصبحت تعاني أشد المعاناة في القيام بعملية غسل الكلى.

تقول: بالكاد نحصل على 4 ساعات أسبوعياً مقسمة على يومين عوضاً عن 12 ساعة أسبوعياً مقارنةً بقبل الحرب، وذلك كله بسبب قلة الموارد الصحية وانقطاع الكهرباء والوقود وتكدس أعداد المرضى على مستوى قطاع غزة.

كان من المقرر أن تسافر أنسام في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، للعلاج في مستشفى المطلع في الضفة الغربية، ولكن بفعل الحرب لم تستطع السفر والعلاج. وهي الآن تعاني أشد المعاناة في الحصول على علاجها أو حتى على القليل من الراحة فهي تحتاج لرعاية خاصة تفتقدها وسط النزوح من شمال غزة إلى الجنوب ووجودنا في خيمة لا تقيها مع باقي أفراد أسرتنا من برد الشتاء”.

وحيدًا بعد اعتقال والده

أما الطفل نسيم مروان مهرة، 11 عاما، المصاب بمرض الفشل الكلوي الحاد، فمأساته مزدوجة، فخلال نزوحه القسري، اعتقل الاحتلال والده، ليتركه وحيدًا مع شخص بادر لرعايته.

يروي عادل محمد هنية، سكان شمال غزة، حكايته مع الطفل نسيم: “بدأت قصة وصايتي عن هذا الطفل في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عندما اتخذ والده قراراً بالنزوح إلى جنوب قطاع غزة، بسبب انعدام إمكانيات غسيل الكلى في شمال مدينة غزة ولا سيما اقتحام جنود الاحتلال الإسرائيلي وآلياته مستشفى الرنتيسي للأطفال والخاص بمرضى الفشل الكلوي وسرطان الأطفال.

وأوضح أنه أثناء نزوح الطفل نسيم ووالده إلى الحاجز الخاص بقوات الاحتلال الاسرائيلي عبر الممر الآمن تم اعتقال والده لحظة وجودي على الحاجز وبقي هذا الطفل وحيداً يبكي بعد أن شتمه جندي من الجنود الموجودين على الحاجز ودفشه للمشي باتجاه الجنوب.

وقال: احتضنت هذا الطفل وتكفلت به إلى هذا اليوم وسألته عن بياناته أو أي وسيلة اتصال، فتواصلت مع والدته باتصال وأوضحت لي أن الطفل نسيم يحتاج لغسيل كلى وأن نزوحه ووالده إلى الجنوب كان لهذا السبب، ومنذ ذلك الوقت وأنا آتي به إلى المستشفى لتلقي جلسات غسيل الكلى ووضعه الصحي ليس بالجيد ففي بعض الأحيان يدخل في نوبات هزل شديد وقلة توازن بسبب زيادة السموم وتكسر كريات الدم كما قال لي الأطباء.

معاناة النزوح

معاناة النزوح، وجه آخر لمعاناة الأطفال، فمن بين حوالي 1.9 مليون شخص نازح في قطاع غزة، أكثر من نصفهم أطفال، حيث نزح أكثر من 600 ألف طفل وأسرهم، والعديد منهم لأكثر من مرة، إلى محافظة رفح وفق آخر بيان للمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

وتشير تقديرات المنظمة إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل أصبحوا منفصلين عن أهلهم.

لا أعرف شيئًا عن أهلي

تروي الطفلة سلسبيل بدوي، 16 عاما، من سكان غزة، مشاهد مروعة أثناء نزوحها: “بعد بداية الهجوم البري على قطاع غزة بأسبوع أو ما يقارب الأسبوعين بدأ جيش الاحتلال الاسرائيلي بالقصف بالأحزمة النارية على الحي الذي كنا نسكن به، فقالت لي أمي اذهبي على الجنوب مع الجيران وسألحقك، وقال لي أخي زكريا أنه سيلحقني هو الآخر ولكنه استشهد وكذلك أخي يوسف أصيب في رجليه وقدميه.

وأضافت: خرجت مع جيراننا “بيت العمارين”، ولا أعرف أي شيء عن أهلي حتى اللحظة ولا يوجد أي تواصل بيننا، وأثناء نزوحي مع جيراننا من شمال غزة عبر الممر الآمن كان هناك جثث للعديد من الشهداء ملقاه على الأرض، وكنت أمر من فوقهم ودعست على رأس شهيد، الله يسامحني، وافترقت عن جيراننا، رأيت الدبابات أمامي، وكان جيش الاحتلال يقتل الناس بجانبي، وبعد ما افترقت عنهم وقدمت عن الحاجز عثرت عليهم، وهم الذين أحضروني هنا في رفح”.

مخاطر الموت جوعًا

ويعيش الأطفال في غزة أوضاعاً مأساوية حيث يواجهون خطر الموت جوعًا، فقد أشار أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) إلى مستويات مدمرة من انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة.

وأكد التقرير أن جميع سكان غزة يعانون أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وأن العديد من البالغين يعانون الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.

ووفق البيان؛ الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة لخطر الموت بسبب سوء التغذية وتفشي الأمراض المعدية كالجرب والقمل وجدري الماء والطفح الجلدي. وقد سجل ما يزيد عن ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسي الحادة.

وتنتشر هذه الأمراض مع تدمير واسع للبنية التحتية والخدمات الأساسية للمياه والصرف الصحي. ويأتي هذا الخطر في وقت يواجه فيه النظام الصحي في قطاع غزة انهياراً كاملاً حيث يتعرض الأطفال دون سن الخامسة، وهم 335,000 طفل، للخطر على نحو خاص.

ويعاني أكثر من 80% من الأطفال الصغار من فقر غذائي حاد، وتظهر المعلومات أن معدل هزال الأطفال زاد بنسبة كبيرة مقارنة بأوضاع ما قبل الأزمة الحالية، ليطال الآلاف من الأطفال، ويعد الهزال أحد أكثر عوارض سوء التغذية التي تهدد حياة الأطفال، وفق البيان.

فقدان الدعم والرعاية

ويعتمد الأطفال بشكل أساسي على دعم ورعاية البالغين ممن حولهم، وهو ما انقطع عن الآلاف منهم بشكل مفاجئ نتيجة فقدانهم لذويهم، أو حتى للغياب العاطفي للوالدين نتيجة للبيئة التي فرضت عليهم بطبيعة الحال من خوف وتوتر وتمحور التركيز حول غريزة البقاء وتوفير الحماية.

وقالت المنظمات الحقوقية: من أفلت الأطفال من القتل في غارات الاحتلال الإسرائيلي فإنهم لن يفروا من مواجهة الدمار ومشاهد الموت والرعب جراء القصف الذي طال البيوت الآمنة، والمدارس، والمساجد، وحتى المشافي وأماكن تقديم الرعاية الصحية.

وأمام الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، وبسبب حالة النزوح، وفقدان الكثير من الأسر معيليها، اضطر الكثير من الأطفال إلى العمل من خلال البيع في بسطات أو جمع الحطب ونقل المياه لتأمين متطلبات الحد الأدنى من العيش لأنفسهم وربما لأسرهم التي باتت دون معيل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

45 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى

45 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلامأدى 45 ألف مواطن صلاة الجمعة اليوم في المسجد الأقصى المبارك، في حين منعت قوات الاحتلال، العشرات من الشبان...