الإثنين 29/أبريل/2024

كهول غزة وشيوخها.. قصص عشقٍ وجذور صمودٍ لا تنحني للعدوان

كهول غزة وشيوخها.. قصص عشقٍ وجذور صمودٍ لا تنحني للعدوان

غزّة – المركز الفلسطيني للإعلام  

على الرغم من أنّ عمره تجاوز 100 عام ٍ، مسنٌ فلسطينيٌ يواصل صموده كشاهد على النكبة ومختلف الحروب على الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة الجماعية والتهجير التي يشنّها العدوان الصهيوني الغاشم على غزة منذ أكثر من 115 يومًا، وزادت حدته وإجرامه في خان يونس.

هذا المسنّ الذي أقعده المرض والأعوام الطوال التي عارك فيها الحياة والظلم الذي طارد شعبًا بأكمله طيلة عقود لم يذق فيها طعمًا للراحة، وإن كان مشهده يدمي القلوب ويبكي العيون، إلا أنّ في باطن المشهد صورة لصمودٍ أسطوريٍ سيبقى يذهل العالم، لشعبٍ تجذر في أرضه ورفض التهجير والتآمر الذي تمّ بشراكة العالم وشهادته.

ليس وحده، فآلاف المسنّين والكهول في الغزة تحولوا لأيقونات صمود وجبالٍ للتصدي وحمل جيلٍ بأكمله على الصبر والتحمّل الذي بلغ مدى لم يعد يتصوره عقل البشر ويضيق عن فهمه إلا في غزة الصامدة المكابرة على جرحها رغم كبره ومصابها رغم شدته، ليقولوا للعالم، مهما كبر سننا وبان شيبنا لن نرحل عن أرضنا ونسعد عدونا بنصر حتى وإن دفننا بالقصف تحت أنقاض أرضنا سنبقى حراس الأرض وحماة الوطن.

صمود هذا الكهل الذي بلغ المائة، أذهل رواد التواصل الاجتماعي، وتداولوا مشهد الفيديو، مشيدين بهذا الشاهد العظيم الذي أصبح نارًا على علم في إثبات الإجرام الذي يصبه الاحتلال على أهل غزة.

فوزي العجمي، قال في تدوينة: فلسطيني مسن، يزيد عمره عن 100 عام، شهد نكبة عام 1948، ويشهد الآن الإبادة الجماعية والتشريد القسري في عام 2024!

وأضاف، كم ينطبق ما قاله أبو البقاء الرندي عن الأندلس على غزة في هذه الأيام:

🔻كمْ يستغيثُ بنا المستضعفونَ وهُمْ

قتلى وأسرى فما يهتزُّ إنسانُ

🔻ما ذا التقاطعُ في الإسلامِ بينكمُ

وأنتمُ يا عبادَ الله إخوانُ

🔻ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ

أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

🔻يا مَنْ لذلةِ قومٍ بعدَ عزَّتِهِم

أحالَ حالهُمُ كفرٌ وطُغيانُ

وقالت مدونة على منصة إكس: والله العظيم مشهد كبار السن بيحرق القلب بيقهر بوجع أرحموا عزيز قوم ذل لا حول ولا قوة إلا بالله.

مسنٌ آخرٌ، في غزة العزّة، وأحد شيوخها الذين عركتهم الحروب والنكبات في فلسطين، الذين لم يشهدوا مثل هذا الإجرام ولا مثل هذا العدوان يأمل أن تنتهي هذه الحروب، التي لا تشبه كل الحروب الستة التي شهدها وصبر وصمد فيها.

ويبقى وفاؤهم وصمودهم وهمّتهم المتواصلة جزءًا من صمود هذا الشعب العظيم الذي لم يقبل الاستكانة لهذا العدوّ الغاشم، فترى كبار السن يتكئون على بعضهم، ويسند أحدهم الآخر رغم كل المشقة والتعب، وترى بمشهد مسنٍ يجرّ زوجته نحو مكانٍ آمن كأحد مشاهد الحب والوفاء في “أزمنة الحرب” و”أزمنة موت الضمير العالمي”.

وهم كما كانوا عونًا لأهلهم في غزة وصمودها، لا يتذرع أحدهم بكبر سنّه ليقعد ويخدمه الآخرون، فتراه يتحامل على نفسه ليحمل الماء لأهله رغم صعوبة الحصول عليه بعد أن دمر العدوان الغاشم كل مصادر المياه الصالحة للشرب في غزة.

وآخر من كهول غزة العظماء يؤكد على “عقيدة الصمود” حتى آخر قطرة من الدماء في غزة، ويقول: “إذا هدموا منزلي وسقطت الحجارة على رأسي، فلن أغادر”، في أجمل حكايا الحب والعشق والصمود المتجذر في الأرض الضارب في العمق.

وإن كان من شيء يوجع كهول غزة، ويزيد الحمل على “ظهورهم وقلوبهم”، مثل فقد الأحبة وارتقاء الشهداء من أبنائهم وأحفادهم، لكنّ إيمانهم المطلق بالله يزيدهم ثقة بعدالة قضيتهم وما يدفعون خلالها من أثمانٍ، “من روح روحهم” ومن “قطع قلوبهم”.

هكذا التحدّي والصمود بلا نهاية، وإن هدموا المساجد، سنصلي في الساحات وفي العراء، وإن قطعوا الماء العذب سنتوضأ من ماء البحر، حتى وإن تجمّدت أطرافنا.

كهلٌ آخر يحكي قصة “عقيدة” لشعب لم يعد يبالي بما يفعل الاحتلال، فهذه الأرض بترابها وهوائها وبحرها جنةٌ له، لن تجعلها جحيما صواريخ الاحتلال ولا إجرامه، وسيبقى صامدًا حتى زوال الاحتلال.

ومسنٌ آخر يذرف الدموع بعد إجبار الاحتلال المجرم لهم على النزوح من خان يونس.

ورغم الألم والحزن يبقى صامدًا منتصب القامة، لا ينحني أمام العدوان وإجرام جيش الاحتلال

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وثق إعدام قوات الجيش الإسرائيلي عشرات المسنين الفلسطينيين بعمليات إطلاق نار مباشرة دون أي مبرر، في قطاع غزة، في وقت تواجه فيه هذه الفئة الهشة من المدنيين الفلسطينيين معاناة مضاعفة بعد أن حولتها إسرائيل إلى أهداف مشروعة منذ بدء عدوانها الواسع في 7 أكتوبر الماضي.

وكشف الأورومتوسطي أنه وثق، في حصيلة غير نهائية استشهاد 1049 مسنًا من الذكور والإناث، بعد 76 يومًا من العدوان، بما يقارب 1% من إجمالي عدد المسنين في قطاع غزة البالغ عددهم 107 آلاف مسن، وبما يقارب 3.9 % من إجمالي القتلى الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الغالبية من هؤلاء استشهدوا سحقًا تحت أنقاض منازلهم أو مراكز الإيواء التي لجأوا إليها بعدما قصفتها الطائرات الإسرائيلية على رؤوسهم، أو خلال تحركهم الاضطراري لقضاء حاجاتهم الأساسية في الشوارع والأسواق، فيما الخطير أن العشرات منهم تعرضوا لعمليات تصفية وإعدادات ميدانية.

وأبرز المرصد تلقيه شهادات صادمة عن تصفيات جسدية وإعدامات ميدانية تعرض لها عشرات المسنين ممن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، بما في ذلك عمليات إطلاق نار مباشرة من الجنود بعد الطلب منهم مغادرة منازلهم، وفي بعض الحالات جرت إعدامات بعد لحظات من الإفراج عنهم بعد ساعات أو أيام من الاحتجاز والاعتقال التعسفي.

يتزامن ذلك مع العدوان المتواصل الذي يشنّه الجيش الإسرائيلي على غزة، وتسبب حتى الاثنين بارتقاء 26 ألفا و637 شهيدا و65 ألفا و387مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في “دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب الأمم المتحدة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات