السبت 04/مايو/2024

هل غيرت أمريكا لغة خطابها أمام العالم تجاه ما يجري في غزة؟

هل غيرت أمريكا لغة خطابها أمام العالم تجاه ما يجري في غزة؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أثار التباين في الموقف الأمريكي من الحرب على غزة في الآونة الأخيرة جدلاً واسعًا، فبينما تسعى أمريكا بكل ما أوتيت من قوة لإظهار الجانب الإنساني في إطلاق التصريحات على لسان مسؤوليها بدعم دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وخاصة الأدوية والغذاء والوقود، وإدانة جرائم المستوطنين، إلا أنّ الوجه المظلم لأمريكا في الدعم المطلق لاستمرار الحرب على غزة وعدم القبول بوقف إطلاق النار ما زال سيد الموقف، فما الذي تريده أمريكا.

ويشير خبراء في هذا الشأن إلى أنّ الموقف الأمريكي لم يتغيّر فهو ثابتٌ راسخٌ لكن المسألة تتعلق في طريقة تقديم موقفها “لحفظ ماء الوجه” من جانب أمام العالم وأمام الرأي العام الضاغط على الساسة الأمريكيين، هذا من جانب، أمّا في الجانب الآخر فهو “تبادلية التكتيك” الذي يفضي في النهاية إلى الهدف ذاته دعم دولة الاحتلال بشكل مطلق ولكن بالعامية العربية عبر “الضحك على الذقون” خاصة فيما يتعلق بحلفائهم العرب.

وفي هذا الصدد قال الخبير في النزاعات الدولية الدكتور إبراهيم فريحات، إن الموقف الأمريكي من الحرب في غزة وبالرغم من تصريحاته حول المساعدات الإنسانية وإدانة عنف المستوطنين وغيرها لم يتغيّر، حيث لا يزال الجسر الجوي الداعم للاحتلال الإسرائيلي بالعتاد والأسلحة الأمريكية مستمرًا.

ولفت فريحات إلى “إن كثرة حديث الادارة الامريكية عن المساعدات الإنسانية لغزة والحد من عدد الضحايا المدنيين وادانة عنف المستوطنين، هل هذا يعني تغييرا بموقف الادارة الامريكية تجاه الحرب على غزة؟”.

وأضاف في منشور على صفحته على “فيسبوك”، رصده المركز الفلسطيني للإعلام: “بعد الجدل الكبير داخل وزارة الخارجية الأمريكية حول موقف الإدارة الأمريكية من الحرب على غزة، تبلور موقف لدى الأخيرة بعدم تغيير الموقف من الحرب نفسها، ولكن في الطريقة التي يتم تقديم موقفها إلى العالم الخارجي، وهو ما يسمى تغيير في “المواقف العامة” Public Posturing، أي الطريقة التي يتم تقديم الموقف بها”.

ولفت فريحات إلى أنّ “الموقف نفسه لم يتغير، حيث يستمر الجسر الجوي بالعتاد والسلاح دعماً لإسرائيل بالحرب، وكذلك الموقف السياسي باستمرار الحرب نفسها، ولكن ضرورة التغيير في لغة الخطاب بحيث يتم التركيز على البعد الإنساني وبإدانة “عنف المستوطنين” وضرورة “تقليل عدد الضحايا من المدنيين إلى حده الأدنى” كما ورد في بيان قمة السبع الذي انسجم مع هذه الاستراتيجية”.

وشدد على أن “ما يمكن أن يغيّر موقف الإدارة الأمريكية، هو فقط الضغط الشعبي المتزايد، خصوصاً أن عامل الوقت هو ليس لصالح بايدن الذي يقترب من الانغماس في العملية الانتخابية لإعادة انتخابه، خصوصاً مع بداية الشهر القادم”.

بدوره يرى مدير مركز يبوس للأبحاث والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، إلى أنّ الموضوع لا يتعلق بتبيان في المواقف بقدر ما هو انسجامٌ في الأهداف التي تسعى إليها واشنطن والاحتلال في النهاية وهو ما يصفه بـ “تبادلية التكتيك لتحقيق ذات الهدف”.

وقال بشارات في حديثه لـ “وكالة سند للأنباء”: “لا يغركم أن هناك حديث عن خلافات أمريكية إسرائيلية حول الحرب على غزة، فما نستمع له يوميا هو عبارة عن تباين في المواقف وتبادلية التكتيك لتحقيق ذات الهدف”.

ونوه بالقول: “إن من وفّر الغطاء السياسي والدعم العسكري الكامل ويشارك بإدارة الحرب، لا يمكن له أن يختلف مع من ينفذها ميدانيا”.

وشدد على أن “هذا التباين يخدم الطرفين الأمريكي والإسرائيلي، إما مرحليا؛ لتعزيز المواقف الداخلية لكل منهما أمام ضغوط الشارع، أو مستقبليا؛ لتحقيق الرؤية الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، أو الطريق الذي ستمهد من خلاله واشنطن لإسرائيل لخروج يحفظ لها معادلة صورة الدولة صاحبة القدرة على الديمومة”.

وفي تصريح أمريكي آخر، جاء تعقيبًا عما يمارسه المستوطنون من جرائم بالضفة الغربية، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت قيودا على التأشيرات، والتي تستهدف المتورطين في أعمال تمس الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، حسب قوله.

وأضاف: “سنواصل السعي لتحقيق المساءلة عن جميع أعمال العنف ضد المدنيين في الضفة الغربية، بغض النظر عن مرتكب الجريمة أو الضحية، وعلى إسرائيل أن تتخذ المزيد من الإجراءات لحماية المدنيين الفلسطينيين من الهجمات المتطرفة”.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الأربعاء، حين قال إن الولايات المتحدة ستعترض على أي منطقة عازلة مقترحة إذا كانت داخل قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ذلك يخالف موقف واشنطن المتمثل في أن مساحة القطاع الفلسطيني يجب ألا تتقلص بعد الصراع الحالي.

وأكد ميلر في تصريح آخر: “إن إسرائيل لا تبذل ما يكفي للسماح بدخول المزيد من الوقود والمساعدات إلى غزة، وعليها تكثيف الجهود، مضيفا أن واشنطن تتواصل مع إسرائيل للسماح بدخول المزيد من الشاحنات”.

وأضاف “أنه لم يبذل ما يكفي من الجهد في الوقت الحالي، ومستوى المساعدات التي يجري إدخالها ليس كافيا، وأوضحنا لإسرائيل أنه يجب أن يرتفع، مستوى الوقود الذي يجري إدخاله ليس كافيا، إنه بحاجة إلى الزيادة”.

يذكر أنّ الخارجية الأمريكية أعلنت في بيان لها، “إنها لا تريد أن ترى نزوحا من جنوب قطاع غزة مثلما حدث في الشمال”، لكنها في الوقت ذاته ما زالت تواصل تقديم جسر جويٍ للاحتلال يساعده على قصف السكان بغزة وتهجيرهم.

وتقدمت إدارة بايدن بطلب للكونغرس لتمرير قرار بالموافقة على إرسال عشرات آلاف القذائف لتزويد دبابات الميركافا الصهيونية، وما زالت تصر على وضع الفيتو أمام أي قرار يسعى لتمريره مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة.

لكن في النهاية فإنّ كل ما تطلقه أمريكا من تصريحات إيجابية لا ينعكس على واقع الحال بالنسبة لغزة وأهلها فيما يتواصل السعي لإذلال الشعب الفلسطيني وتجويعه وتعطيشه وإهانته بكل ما أوتي جيش الاحتلال من قوة، وبكل ما أوتيت أمريكا من صلافة وكذب في تبرير أفعالها الإجرامية وتبنّي روايتها الكاذبة والاستخفاف بالعالم أجمع، كما أكد الإعلام الحكومي في غزة في مؤتمره الصحفي الأخير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات