الإثنين 29/أبريل/2024

في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.. متى يصبح الحراك مؤثرًا؟

في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.. متى يصبح الحراك مؤثرًا؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

يحلّ “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” لهذا العام كشاهدٍ حيّ على مبلغ الظلم والقهر والعدوان الغاشم الذي يتعرض له الفلسطينيون في أيامنا هذه وعبر عقود مضت، وفي ظل نظام دولي ظالم، مزدوج المعايير، يشارك ويمنح الضوء الأخضر لآلة الدمار الصهيونية لإزهاق أرواح آلاف الفلسطنيين، على مرأى ومسمع العالم أجمع.

ويتزامن يوم التضامن لهذا العام مع الحرب الصهيونية الغاشمة التي تشن على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، ومجازر الإبادة الجماعية بحقه، وقتل آلاف الأطفال، وحصار المستشفيات والمدارس وقصفها، والتجويع والتعطيش.

الباحث المختص في شؤون القدس زياد ابحيص يرى أنّ المعنى الحقيقي لهذا اليوم قد تغيّر تمامًا لا سيما وأنّه “يخلد ذكرى ظلم الفلسطينيين على يد الأمم المتحدة”.

ويستذكر ابحيص في تصريحاته لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ “هذا اليوم جاء حين صوتت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار التقسيم ١٨١ لعام ١٩٤٧م والذي يتناقض تماما مع ميثاق الأمم المتحدة في حق الشعوب بتقرير مصيرها”.

ويشدد على أنّ “هذا اليوم بمثابة الإقرار الضمني من الأمم المتحدة بأنها كانت افتتحت وجودها عمليا بقرارٍ يؤسس للنظام الدولي على أساس ظلم الفلسطينيين وتأسيس الكيان الصهيوني في مكانهم”.

من جانبه يصف رئيس جمعية حق العودة للاجئين الفلسطينيين كاظم عايش هذا اليوم بأنّه كـ “المهدئات التي لا تعالج مرضًا”، فالشعب الفلسطيني بحاجة لمن يقف بجانبه لاستعادة حقوقه، ويتحرر من الاحتلال، وهذا هو معنى التضامن مع الشعب الفلسطيني.

ويؤكد عايش في تصريحاته لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ العالم جعل هذا اليوم للتوقف لإلقاء الخطب وتدبيج الخطابات، فهذا ليس التضامن المطلوب، إلا إذا كان من يتبنّاه يقف حقا مع الشعب الفلسطيني بأفعاله.

ويعتقد الباحث زياد ابحيص أنّ الأمم المتحدة وبعد ٧٦ عاما من ظلمها لشعب فلسطين بقراراتها الظالمة وصلت إلى مرحلة من الإفلاس تؤكد أنّ هذا العالم تحكمه شريعة الغاب وليس فيه قانون وليس فيه بُنى وليس فيه أطر”.

ويستهجن ما يجري في غزة أمام أعين العالم، وتقف الأمم المتحدة عاجزة، “فلا تقف في وجه اقتحام مستشفى ولا قصف مدرسة ولا قتل مدنيين”.

ويشارك كاظم عايش الرأي السابق ذاته بأنّ “الأمم المتحدة لم يرى الفلسطينيون منها سوى الخذلان وكل قراراتها التي أصدرتها بحقهم لم تقف إلى جانبهم كي تجعلها واقعًا على الأرض”.

وفي رؤيته لمشهد التضامن العالمي الكبير مع غزة، يلفت الباحث زياد ابحيص إلى أنّ المعنى الحقيقي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يجعل من غزة – وهذا الذي يفسر سبب التضامن معها- رمزًا لتحرير الناس أنفسهم.
ويشرح ما سبق بالقول: حتى الإنسان الغربي اليوم حين يجد نفسه يتظاهر في الشارع ورغم ذلك – وشاهدنا المظاهرة المليونية في لندن- يأخذ مجلس نوابه قرارًا بأنه لن يدعو لوقف إطلاق النار بغزة، بمعنى أنّ مجلس النواب هذا لا يمثل الإرادة الشعبية، وأنّ هناك نخبًا حاكمة رأسمالية استعمارية، تأسس عليها النظام العالمي، لا تقيم وزنًا حتى لجمهورها وشعبها فيما يتعلق بسلوكها الدولي والداخلي.

ويلفت إلى أنّ الديمقراطية الغربية أصبحت مجرد أسطورة وأن ما يمارس على أرض الواقع هو لغة القوة، فيما الديمقراطية هي “القفاز الناعم” للقوة وليس أكثر من ذلك.

ويستدرك بالقول: “أنّ حقيقة هذا المعاني اليوم التي تفرضها غزة في معركتها، أنّ الناس يجدون بوقوفهم مع غزة وبما تفعله في مواجهة كل هذا الباطل في العالم فإنّما هي تحررهم ولا تحرر نفسها فقط”.

بدوره يقرأ عايش تصاعد التضامن الشعبي الدولي من خلال “صمود الشعب الفلسطيني أمام آلة الحرب الصهيونية المجرمة والكم الهائل من الضحايا والدمار الذي أصاب غزة فحرك الضمير الإنساني لدى كثيرين في العالم وهم يرون مجزرة موثقة لم يشهد التاريخ مثلها”.

ويؤشر بأسف إلى أنّ هذا الحراك الكبير لم يحرك صنّاع القرار السياسي في العالم، وعجز عن وقف آلة الحرب الصهيونية التي أراقت دماء الآلاف من الأبرياء، ولم تستطع أن تتجاوز جدران العنصرية والحقد على الإسلام والمسلمين وعلى أهل فلسطين.

ويعبر عايش عن تفاؤله بأنّه إذا ما استمر الحراك الشعبي العالمي فإنّه سيكون له أثر على صنّاع القرار، وعلى الدعم المقدم للعدوّ الصهيوني الذي لن يبقى على حاله ما بعد هذه الجريمة، معبرًا عن اعتقاده أنّ دعم الكيان سيتراجع كثيرًا وستكون معركة السابع من أكتوبر بداية نهاية الاحتلال.

أما الباحث ابحيص وعلى الرغم من أنّه لا يحمل التفاؤل ذاته، إلا أنّه يقدم معادلة مهمة حتى يصبح التضامن العالمي مؤثرًا، وذلك حين يأخذ معنى أنّك لا تتضامن مع ضحية مقهورة ولكن أنت حينما تقف مع فلسطين تقف مع الحق وحين تقف مع فلسطين تقف مع نفسك، وإن لم تكن من النخبة القليلة الحاكمة المستفيدة من الرأسمالية الاستعمارية.

ويشدد على أنّ “ما سوى ذلك فنحن جيمعًا سواء وإن توهمنا أن هناك أحدا في العالم لديه صلاحيات أكثر من أحد آخر أو أنّ هناك شعوبا مرتاحة أكثر من شعوب أخرى، لكن في النهاية حكم هذا العالم يقتصر على نخب محددة رأسمالية واستعمارية وذات ولاءات محددة وطبيعة محددة”.

ويقول ابحيص إنّ غزة اليوم تكسر هذا النظام الإجمالي وتضعه على المحك وتعريه وتقول لشعوب العالم أن تقف في وجه حكوماتها انطلاقا من هذه القضية، ليعاد صياغة معنى التضامن ويظهر في إفلاس هذا النظام الدولي الذي بُني على ظلم الشعب الفلسطيني منذ أن تأسس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات