الإثنين 29/أبريل/2024

التجويع والتعطيش .. وسيلة إسرائيل القذرة لإنهاك غزة

التجويع والتعطيش .. وسيلة إسرائيل القذرة لإنهاك غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بعد 21 يومًا على المحرقة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بات الحصول على الخبز والمواد الغذائية والماء، أزمة أخرى تواجه الفلسطينيين وسط القتل الجماعي والتدمير الواسع الصواريخ والبراميل المتفجرة والنزوح الجماعي.

وينطلق محمود عبد المجيد (18 عاما) منذ الفجر كل يوم ليأخذ دوره في طابور طويل أمام أحد المخابز وسط قطاع غزة، ليؤمن لأسرته ربط خبز مع نفاد كميات الوقود من الأسواق، وعدم وجود كهرباء ووقود للخبز البيتي.

وقال عبد المجيد: بعد 3 أ و4 ساعات أحصل على نصيبي وأعود لأسرتي، التي ينطلق فرد آخر منها ليؤمن احتياجنا من الماء، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

معاناة المواطنين للحصول على المباه بغزة

حرب التجويع والتعطيش

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وصف ما يجري في غزة، بأنها حرب التجويع والتعطيش والتسبب بالأوبئة تشنها إسرائيل، بالتزامن مع جرائم القتل الجماعي والتدمير الواسع للأحياء السكنية على رؤوس قاطنيها منذ 21 يومًا.

ووفق المرصد؛ هناك عمليات قصف إسرائيلي ممنهجة ترمي إلى مفاقمة أزمة النقص للمواد الغذائية والتموينية التي بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة.

تدمير المخابز

وأكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، أن طائرات الاحتلال دمرت 10 مخابز حتى الآن، آخرها مخبز المغازي الذي استهدف مساء الأربعاء الماضي بعد ساعات من تزويده بالدقيق من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ما أدى إلى تدميره واستشهاد 10 فلسطينيين ممن كانوا يصطفون لطوابير لشراء الخبز.

وأشار إلى أن بعض المخابز المستهدفة تلقت كميات من الدقيق من وكالة الأونروا لتأمين احتياجات مئات آلاف النازحين في مناطق جنوب وادي غزة التي حددتها إسرائيل كمنطقة آمنة مزعومة، رغم استباحتها على مدار الساعة بمئات الغارات.

الأورومتوسطي خلص إلى تعمد إسرائيل استهداف الأسواق ومراكز تسوق في وقت ذروة تحرك السكان لشراء احتياجاتهم؛ ما يدلل على وجود قرارا بشل قدرة وصول المدنيين على هذه المراكز لتأمين احتياجات لبعض ما تبقى فيها من مواد غذائية.

قصف إسرائيلي مباشر استهدف مول أبو دلال بمخيم النصيرات

وذكّر بأن القصف الإسرائيلي طال مخزنا للمواد التموينية لوكالة الأونروا شمال قطاع غزة، في الأيام الأولى من الهجوم العسكري واسع النطاق المستمر على القطاع.

الحرب الإسرائيلية طالت أيضًا تمديدات المياه، فبعد قرار الاحتلال وقف تزويد القطاع بالمياه، وتعطل أغلب الآبار لعدم وجود وقود لضخها، رصد الأورومتوسطي تعمد هجمات إسرائيل استهداف تمديدات المياه البديلة التي عملت عليها البلديات لتوصيل المياه للتجمعات السكنية ومراكز إيواء النازحين كما حدث في خانيونس خلال الأيام الماضية؛ وهو ما يدلل على وجود قرار سياسي وعسكري إسرائيلي بحرمان المدنيين من حقهم في الحصول على المياه.

يترافق ذلك مع تفاقم حاد لأزمة نقص حاد في الموارد الأساسية مثل الماء والغذاء والدواء في وقت نزح نحو مليون ونصف نسمة من أصل 2.3 مليون من مناطق سكنهم وغالبيتهم يقيمون في مراكز إيواء وساحات المدارس والمستشفيات من دون أي من احتياجاتهم الأساسية.

ولا يزال الوقود، الذي تشتد الحاجة إليه لتشغيل المولدات الاحتياطية، محظورا من الدخول إلى قطاع غزة بقرار إسرائيلي، ونتيجة لذلك، فإن الأونروا وهي أكبر جهة تقدم المساعدات الإنسانية في غزة، استنفدت تقريبا احتياطاتها من الوقود وبدأت في تقليص عملياتها بشكل كبير.

يلجأ المواطنون إلى إشعال النار بمراكز الإيواء لإعداد الطعام

كما أن أزمة الوقود تهدد بتوقف شامل لعمل المخابز المتبقية في قطاع غزة، فيما تتصاعد التحذيرات من تأثيرات انعدام الأمن الغذائي، بما في لك تعرض النساء والأطفال لخطر سوء التغذية، مما سيؤثر سلبًا على صحتهم المناعية، ويزيد من خطر الوفاة لكل من الأمهات والأطفال.

وقالت سيدة نازحة تبلغ من العمر 52 عاما في مركز إيواء في غزة إنها شعرت قبل يومين بألم شديد في المعدة تبعه غثيان شديد ليتبين أنها لم تكن المصابة الوحيدة بل الكثير من النازحين معنا بسبب تناول أطعمة فاسدة في ظل انقطاع الكهرباء.

أعداد كبيرة من النازحين بمراكز الإيواء

وحذر المرصد الحقوقي بأن سكان قطاع غزة مهددون بموجة أوبئة واسعة النطاق في ظل الازدحام الكبير في مراكز الإيواء إلى جانب شح المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي وانعدام النظافة الشخصية.

وقال عاملون في منظمات إغاثية: إن مراكز الرعاية الأولية سجلت في الأيام الأخيرة آلاف الإصابات بأمراض وبائية جلها بين الأطفال، شملت أمراض الإسهال والتسمم الغذائي وأمراض جلدية وجرب والتهابات شعب هوائية إلى جانب تسجيل عشرات الحالات من جدري الماء.

وقال رجل عرف عن نفسه ب”أبو حامد عودة” في مركز إيواء في شمال قطاع غزة لفريق الأورومتوسطي، إن أطفاله الخمسة أمراض جلدية وجرب بفعل شح المياه النظيفة وأزمة الصرف الصحي إلى جانب غياب أزمة الرعاية نتيجة إخلاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) موظفيها في المنطقة.

خطر الأوبئة

بموازاة ذلك تتصاعد مخاطر تكدس النفايات في الأحياء السكنية مع مصاعب شديدة تواجهها أطقم البلديات سواء في جمع تلك النفايات -بسبب الغارات الإسرائيلية وأزمة الوقود- أو حظر وصولهم إلى المكبات الرئيسية الواقعة على الأطراف الحدودية لقطاع غزة بغرض ترحيل النقابات ما يهدد بكارثة صحية وبيئية خطيرة.

ووثق المرصد في مدينة غزة وحدها تكدس نحو 16 ألف طن من النفايات تم تجميع 50% منها فقط وتجميعها حالياً في مركزين مؤقتين يقعان وسط المدينة.

إقرار إسرائيلي بحرب التجويع

وأعاد المرصد الأورومتوسطي التذكير بما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت في 9 أكتوبر الجاري في تصريحات تلفزيونية وقال فيها: “نفرض حصارا كاملا على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز… كل شيء مغلق”، مدعيا أن ذلك جزءا من معركة ضد “حيوانات بشرية”.

كما ذكر بما سبق أن أعلنه وزير البنى التحتية الوطنية والطاقة والمياه الإسرائيلي مساء 7 أكتوبر الجاري، بأن إسرائيل ستتوقف عن تزويد قطاع غزة بالكهرباء كخطوة إضافية من العقاب الجماعي.

وقال الأورومتوسطي: إن هذا التصريحات تعبر عن موقف إسرائيلي رسمي بتنفيذ حرب تجويع وتعطيش وحرمان من مقومات الحياة لأكثر من 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة، في سابقة تكاد تحدث لأول مرة في التاريخ الحديث، وكل ذلك بدعم وإسناد أمريكي وكذلك من العديد من الدول الأوروبية، وسط عجز المجتمع الدولي عن وقف الكارثة الإنسانية التي تحدث.

مواطنون يخلون أطفالا مصابين بعد قصف إسرائيلي على غزة

وشدد المرصد الحقوقي على أن كل ما يجري في غزة يمثل تجسيدا حقيقيا للإبادة الجماعية، وأن إسرائيل ارتكبت جميع هذه الانتهاكات الفظيعة وبتوسع، بقرار معلن رسمي من أعلى المستويات السياسية والعسكرية في سابقة غير معهودة في تاريخ النزاعات المسلحة.

وشدد على أن تصعيد إسرائيل سياساتها الانتقامية ونهجها القائم على الإبادة الجماعية، وانتهاكاتها الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، يتطلب تدخلات عاجلات من المجتمع الدولي والأمم المتحدة؛ لضمان الوقف الفوري لها، والمحاسبة عليها، والتوقف عن ازدواجية المعايير التي تحكم مواقف الكثير من الدول والجهات حتى الآن على حساب حقوق الإنسان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات