الجمعة 11/أكتوبر/2024

بالفيديو.. روايات فراق موجع وأمل منشود بالنصر من تحت القصف

بالفيديو.. روايات فراق موجع وأمل منشود بالنصر من تحت القصف

المركز الفلسطيني للإعلام (خاص)
محمود ناجي الكيلاني

تتنوع روايات الفلسطينيين في غزة، وتتفق على خاتمة أمنياتِ بيوتٍ وأُسرٍ بالعيش في طمأنينة وتحقيقِ أحلامٍ منظورة، ونهاياتِ أوجاع ِ فراقٍ ينتشر في كل أرجاء القطاع، ومفردات ثبات ودعم للمقاومة وصمود لن يتزعزع، وتحدٍ لمحتل غاصب، أهلك الحرث والنسل.

يرجون رحيل آلام وهموم تكتوي صدورهم، من غير رجعة، فيرحل من كانوا يشاركونهم إياها، ولكنهم لا يعرفون المستحيل، ويصبرون ويناضلون ويحمدون خالقهم ويرجون نصره في كل لحظة وصلاة بالليل والنهار.

زوجة طبيب، تدخل مع ابنتها للمستشفى وبلهفة خانقة تبحثان عن طفل عمره 7 سنوات، ويحمل اسم نبي الله “يوسف”، الذي ألقاه إخوته في الجب، وتسألان: “شعره كيرلي، وأبيضاني وحلو”.

وبعد جهد جهيد وجدوه ممدا في ثلاجة الموتى، وكانت “الحمد لله” أول عبارة يطلقها الوالد الموجوع، وهو لا يريد تكرار رؤية منظر الملاك المسجى، وزوجته وابنته وطفل آخر له يسألونه، وينتظرون أن يجيبهم بالنفي: هل تأكدت أنه يوسف؟

هبة أبو ندى، شابة وأديبة فلسطينية، تُعرّف نفسها أنها “قاصة للتاريخ، ورسامة للحب، ومحاربة بالأمل بالقلم والورقة.. وفازت بجائزة الشارقة للإبداع المركز الثاني في الرواية عن رواية (الأكسجين ليس للموتى)”.

وكل ما ذكرت من تعريف كان مطابقا لمسيرتها القصيرة، والمليئة بالإنجازات، والتي ختمت بقصف صاروخي غاشم سبقه قولها على صفحتها الخاصة “إذا متنا، اعلموا أننا راضون وثابتون، وبلغوا عنا أننا أصحاب حق”.

حمزة أبو توهة، شاب من غزة، ينشر باختصار شديد: “انتهينا الآن من دفن جيراننا الأربعين.. خمس عائلات تستيقظ في قبورها.. ولكن نسينا جدَّهم، فأعدنا فتح القبور ورتبنا الجثث وأسكنّاه معهم”.

وعلى كرسي متحرك إثر إصابة بالغة، يذكر “كمال” ابن التسعة أعوام بتنهيدة لا تنقطع، ما جرى مع رفيق دربه “فراس” ويقول: “كان يصرخ عليّ يا كمال يا كمال.. ولكن الحجارة في فمه.. كان عايش والله.. بدي أبوسه”.

ولأنك في أشد لحظات قهرك، تنادي بلا وعي على أكثر من يشعر بوجعك، وكان يهب لأجلك، ولو كان بعيدًا عنك، ولذلك صرخت الأم المكلومة بحرقة تعلو صوت القذائف والدمار: “الاولاد ماتوا من غير ما ياكلوا.. الحقينا يا جنين.. الحقينا يا نابلس.. الحقونا يا أهل الضفة”.

وطفلتها الشهيدة على سرير المشفى، جاؤوا لأم مفجوعة أخرى بابنها الرضيع، فظنت أن نجاته ستبرد قلبها، ولكن القدر كان أكبر بقولهم لها إنه توفي، وبحيرة الأم قالت: “قوم ارضع حبيبي.. قوم”.

وبثبات كي لا تسقط دمعته أمام الكاميرا، قال مسن فلسطيني: “40 سنة وأنا أعمل حتى أبني بيتي”، وهنا تتملكه الدمعة ويتابع: “وبلحظة راحت.. ولكن الحمد لله، فداء فلسطين”.

وبحالة غضب صامت، يجلس على سرير الشفاء طفل وشقيقته وكلاهما جريحان، فيسأله أحد الكوادر الطبية: “ليش زعلان؟”، فيجيه أن والديه ماتا، فيقول له: “استشهدا وذهبا إلى الجنة”، فيرد الطفل: “صحيح.. بس إلا ما الواحد يزعل”.

و”حبيبة” طفلة أخرى لم تنجُ من القصف، وتبكيها عيون زميلاتها، ينعاها مدرسها:

وسيدة فلسطينية تقول بعد قصف منزلها: “كنت بمشّط في شعر بناتي بعد ما حممتهم، والحمد لله ابني شهـيد، وطلّعت أولادي من بين الركام”.

وبمشهد يذوب له القلب من كمد، تنتشل جثة شهيد وهو يحتضن ابنته الرضيعة

وتتفاجأ ممرضة من الكادر الطبي باستشهاد شقيقتها “ام عبدالله”.

وكذلك الممرضة ابتسام الزطمة تودع ابنها عماد وزوجته وأبناءه الخمسة، وابنتها حنان وزوجها.

وبعبارة: “أنا متأكدة هذا مش آخر وداع”.. فتاة فلسطينية تودع أمها الشهيدة.

وتفاجأ الصحفي محمد الأشقر بوصول عائلته إلى المستشفى أثناء تغطيته للعدوان

ويقف أطفال فلسطينيون أمام فتى يكتب أسماءهم على أيديهم، وأجسادهم حتى يتم التعرف عليهم عند استشهادهم.

هذه هي المشاهد المعاشة يوميا، وأكثر، في قطاع حاصره احتلال غاشم، وتركه أبناء دمه ودينه يعاني ما يعاني، وهم لا يجرؤون على فتح باب معبر يعتبر شريان حياة لمليوني إنسان، ويبقى املهم بعد الله بشريان تاجي اسمه المقاومة والصبر حتى النصر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات