حسين منذر.. الفنان الثائر
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام
رحل عن عالمنا بعد سنوات طويلة صدحت فيها حنجرته بعشرات الأغاني الثورية، التي ألهبت الحماس في نفوس العرب ومناصري القضية الفلسطينية بوجه الاحتلال، بعد أن جال بالأنشودة الفلسطينية العشرات من البلدان، وهو الذي كرس مسيرته لأجل فلسطين، حتى بات يعرف بالفنان الثائر.
حسين منذر، المكنى بأبي علي، توفي مساء أمس الأحد، إثر وعكة صحية ألزمته سرير الشفاء في العاصمة السورية دمشق.
هو الذي أنشد للثورة، والانتفاضة، والفداء، والمخيم، وأبطال عكا الثلاثة، وقبل أشهر من الآن أنشدة لكتيبة جنين وعرين الأسود.
نعاه كثيرون على منصات التواصل الاجتماعي بكلمات مؤثرة استرجعوا فيها تراثه الغنائي الفلسطيني، وعده بعض محبيه أنه من أواخر الأعمدة الفنية، التي كرست مسيرته الفنية في سبيل القضية الفلسطينية.
ويحمل رصيد الراحل حسين منذر أكثر من 300 أغنية وطنية، وكان أشهرها “من سجن عكا وطلعت جنازة”، و”هبت النار” و”اشهد يا عالم علينا وعبيروت”، وغيرها كثير من الأغاني الوطنية، التي عكس فيها -أيضا- تماهي وطنه لبنان مع القضية الفلسطينية، ومشاركته فلسطين العداء مع إسرائيل.
حسين منذر (أبو علي) المغني الرئيسي في فرقة “العاشقين”، صاحب الصوت الذي صدح ثورةً ونضالاً، ذو الحضور الطاغي والصوت القوي، يقف على المسرح شامخاً متجذّراً فيه كشجرة زيتون يصفّق بيديه فتشتعل الصالة تصفيقاً يعلو صوته وتعلو معه أيدي الحاضرين رافعةً أعلام فلسطين.
غنّى منذر لثورة الـ 36 وخلّد أسماء الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني، وأشعل القلوب بمواويل الفلاح والثائر الفلسطيني، ووثّق بأغانيه أهم المراحل التي مرّت بها الثورة الفلسطينية.
أنجز أبو علي على مدى أعوام طويلة دوراً وطنياً مميزاً وحضوراً، ووثّق تاريخ شعب يناضل لنيل حقوقه، وهو الذي حمل الأغنية الفلسطينية وجال بها العالم ونقل صوت فلسطين إلى مختلف المسارح العالمية.
ورث منذر، كما يؤكد، عن والده الصوتَ الجبلي القوي الذي يحمل بين طبقاته كل مشاعر الثائر الفلسطيني من حب وغضب وأسى وحنين، ووظّف هذا الصوت في خدمة الفن الملتزم الذي يناصر القضية الفلسطينية.
ومن كلمات أغنيته الشهيرة:
من سجن عكا طلعت جنازة محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي المندوب السامي وربعه عموما
محمد جمجوم ومع عطا الزير فؤاد الحجازي عز الدخيرة
أنظر المقدم والتقاديري بحْكام الظالم تيعدمونا
ويقول محمد أن أولكم خوفي يا عطا أشرب حصرتكم
ويقول حجازي أنا أولكم ما نهاب الردى ولا المنونا
أمي الحنونة بالصوت تنادي ضاقت عليها كل البلادي
نادوا فؤاد مهجة فؤادِ قبل نتفرق تيودعونا
بنده ع عطا من وراء البابِ أختو تستنظر منو الجوابِ
عطا يا عطا زين الشبابِ تهجم عالعسكر ولا يهابونَ
وغنى للمخيم، من على مسارح مدينة عدن اليمنية:
شوارع المخيم تغص بالصور .. شهيدا تكلم فأنطق الحجر
في كل بيت عرس ودمعتان .. ميعادنا في القدس مهما نعاني
لا تلبسُ السواد أم المكارم .. فموته ميلاد والفجر قادم
لا نقبل العزاء ولا نزايد .. إبن الشهيد جاء يا شعبي عاهد
الوطن البعيد نحن فداه .. من يكرم الشهيد يتبع خطاه
وينحدر الفنان الراحل من القرى السبع اللبنانية-الفلسطينية التي حصل لاجئوها على الجنسية اللبنانية، في القرن الماضي.
وعاش في دمشق التي شهدت انطلاقته مع فرقة “العاشقين”، خاصة في مخيم اليرموك الذي تركه بعد الحرب السورية.
وسبق أن قال في تصريح صحفي لجريدة “الأخبار” اللبنانية في أبريل/نيسان الفائت، “أنا عربي وأعشق فلسطين. أعشقها عشقا لا يوصف. دمي واسمي وعنواني عربي فلسطيني أحمل بداخلي كل المكوّنات العربية”. وقال حينها -كذلك- أنه ورث عن والده الصوت الجبلي القوي، “الذي يحمل بين طبقاته مشاعر الثائر الفلسطيني من حب وغضب وأسى وحنين”.
كما ورد في سيرته أنه تمكن في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 من زيارة رام الله، في حدث كان استثنائيا بمسيرته وعلى المستوى الشخصي له، حيث غنى في قصر رام الله الثقافي، برفقة عدد من فناني فرقة العاشقين. ووصفها حسين منذر بالحفلة “الحلم”.
أما فرقة “العاشقين”، فقد أسسها حسين بجهد شخصي سنة 1978، خاصة أن لبنان كان في تلك الفترة يمر بأصعب مراحل اشتعال الحرب الأهلية، التي انخرطت فيها منظمة التحرير الفلسطينية.
ومما قاله عن تأسيس الفرقة، “جاءت فكرة تأسيس فرقة العاشقين مع الأغاني التي كتبها الشاعر أحمد دحبور وقُدمت خلال مسرحية المؤسسة الوطنية للجنون، التي ألّفها الكبير سميح القاسم وأخرجها المبدع السوري فواز الساجر، وقُدمت على صالة تشرين وسط دمشق عام 1977”.
وواكبت فرقته الغنائية العمل الثوري الفلسطيني، وأحيت حفلات في عدد من الدول العربية، لكنها انكفأت عن العمل منذ بداية التسعينيات لأسباب لم تعرف كامل تفاصيلها، لكنه سبق أن عللها حسين في أحد تصريحاته قائلا، “الأحداث السياسية في لبنان وخروج منظمة التحرير.. أثرت في مسيرة الفرقة، وأدّت إلى توقفها عن العمل”.
لكن الفرقة، عادت بخطوات مليئة بالتحديات إلى العمل في 2009، وكان لها الحظ بالغناء على عدد من المسارح العربية.
وآخر أغاني “العاشقين”، حملت اسم “رصاص العز”، وغناها حسين منذر المعروف بـ “أبي علي” قبل أشهر من هذا العام، وتوجه فيها إلى عرين الأسود وكتيبة جنين.
وفي 2018، نال “أبو علي” وسام الثقافة والعلوم والفنون “مستوى الابتكار”، تقديرا لمسيرته الفنية النضالية، من رئيس السلطة محمود عباس.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
شهيدان في قصف الاحتلال لمركبة شرق طولكرم
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطنان، مساء اليوم الخميس، في قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لمركبة شرق طولكرم....
16 عملا مقاوما بالضفة خلال 24 ساعة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أفاد مركز معلومات فلسطين "معطى"، مساء الخميس، بأن 16 عملا مقاوما سجلت في الضفة الغربية ضمن معركة "طوفان...
لليوم الـ 370.. القسام: كمائن مركبة وقنص جنود وإسقاط مسيّرات وتدمير دبابات الميركفاه
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم الـ 370 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور من قطاع...
جيش الاحتلال يعترف بمقتل 3 من جنوده بكمين للقسام شمال غزة
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام كشف جيش الاحتلال، أن 3 من جنوده من سكان مستوطنات في الضفة الغربية، قتلوا في كمين لكتائب "القسام" الجناح العسكري...
أنصار الله: استهدفنا سفينتين بصواريخ بالستية ومسيّرات نصرةً لغزة ولبنان
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الناطق العسكري لأنصار الله يحيى سريع أن القوات المسلحة اليمنية نفذت عمليتين عسكريتين في البحر الأحمر والمحيط...
الصحة اللبنانية: 18 شهيدا في قصف الاحتلال مبنى وسط بيروت
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الصحة اللبنانية إن "18 شهيدا ارتقوا وأُصيب 92 آخرون في قصف قوات الاحتلال مبنى وسط العاصمة اللبنانية...
رفضا للإبادة في غزة.. اعتصام أمام مبنى وزارة الخارجية الهولندية
لاهاي – المركز الفلسطيني للإعلام نظم موظفون وعاملون في الخدمة المدنية بهولندا، الخميس، اعتصاما أمام مبنى وزارة الخارجية، في إطار فعاليتهم الاحتجاجية...