عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

المخيمات الفلسطينية بالضفة.. محطات مقاومة وكابوس يقض مضاجع الاحتلال

المخيمات الفلسطينية بالضفة.. محطات مقاومة وكابوس يقض مضاجع الاحتلال

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام

تواصل آلة الحرب الصهيونية إجرامها ضد المخيمات في الضفة الغربية للشهر السابع على التوالي من العام الحالي 2023، في ترسيخ صهيوني لفكرة القتل والإرهاب ضد الفلسطيني.

ويعد شهر تموز/ يوليو الماضي من أكثر الشهور دموية في الذاكرة الفلسطينية، حيث شهد عدوانًا صهيونيًّا واسعًا على جنين استخدمت فيه الطائرات لأول مرة منذ عدوان السور الواقي عام 2002.

العدوان على مخيم جنين خلّف 12 شهيدًا، و117 جريحًا، منهم 12 إصابة حرجة، إضافة لتدمير هائل في البنية التحتية للمخيم، حيث بات المخيم وكأن زلزلاً عنيفًا قد ضربه.

وكانت مخيمات جنين وعقبة جبر والدهيشة والجلزون ونور شمس، أبرز نقاط المواجهة مع جيش الاحتلال في الشهر الماضي، حيث رصدت تقارير إعلامية استشهاد 14 مواطنًا في مخيمات الضفة، في حين اعتقل الاحتلال 264 مواطنًا آخر، كما سجل في هذه المخيمات 346 إصابة بالرصاص الحي، و322 عملية اقتحام ومداهمة في 17 مخيمًا من أصل 19 مخيمًا بالضفة.

وتركز العدوان خلال الشهر في مخيمات: العروب، نور شمس، جنين، الجلزون، شعفاط، الدهيشة، عين السلطان، طولكرم، عسكر الجديد، عسكر القديم، الفوار، بلاطة، عقبة جبر، العين، الفارعة، قلنديا، عايدة.

الشهداء والجرحى

وارتقى 14 فلسطينياً في مخيمات اللاجئين خلال شهر تموز/ يوليو، 12 منهم في مخيم جنين، وشهيد في مخيم العين، وشهيد في مخيم الجلزون، فيما شهد مخيم جنين أكبر عدد اعتقالات بمجموع 145 معتقلاً خلال الشهر المذكور، يليه مخيم الدهيشة بعدد 28 معتقلاً.

وخلال اقتحامات الاحتلال للمخيمات المذكورة، أصيب 346 لاجئاً بينهم من أصيبوا بالرصاص الحي، حيث كان مخيم جنين أبرز المخيمات التي سُجل فيها إصابات بعدد 120 إصابة، يليه مخيم العروب بعدد 33 إصابة.

فيما يأتي مخيما الدهيشة وشعفاط أيضاً في مقدّمة المخيمات التي سُجلت فيها الإصابات بمجموع 56 إصابة منها بالرصاص الحي، إلى جانب إصابة المئات اختناقاً بالغاز وجرى علاجهم ميدانياً من قِبل الطواقم الطبيّة المختلفة.

تقرير الرصد الشهري - تموز.jpg

مداهمات واندلاع مواجهات

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المخيمات المذكورة 322 مرّة ما بين ساعات الفجر والصباح، وساعات المساء والليل المتأخّر.

وكان مخيم عقبة جبر للاجئين الفلسطينيين وللشهر السادس على التوالي أكثر المخيمات تعرضاً للاقتحام من قِبل قوات الاحتلال خلال الشهر السابع من عام 2023 بعدد 42 اقتحاماً، يليه مخيم العروب بعدد 37 اقتحاماً، ثم مخيم الجلزون بعدد 35 اقتحاماً.

وكما هي العادة في مخيمات اللاجئين بالضفة، يواصل أبناء المخيمات مواجهة جرائم الاحتلال بشتى الإمكانات المتوفّرة لديهم، ويراكمون قوتهم رغم مجازر الاحتلال المستمرة.

ولعلّ الدليل على ذلك ما فعله الشهيد كامل محمود أبو بكر قبل أن يستشهد، حيث نفّذ عملية إطلاق نار في شارع “مونتيفيوري” في “تل أبيب” مساء السبت 5 أغسطس/ آب، أدّت إلى مقتل مستوطن رغم كل الإجراءات الأمنيّة.

كابوسًا للاحتلال

يقول مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، رياض الأشقر: إنّ المخيمات الفلسطينيّة تمثّل كابوساً مريعاً بالنسبة للاحتلال، وهي بمثابة نبض المقاومة وقنبلة موقوتة يخشى الاحتلال انفجارها في أي لحظة.

وأضاف في تصريح تابعه المركز الفلسطيني للإعلام: لذلك يواصل اقتحاماته وهجمته المسعورة على المخيمات وخاصة التي يسميها “عش الدبابير” مثل مخيمي جنين ونابلس.

وتابع: “لذلك نشهد عمليات قتل واعتقالات مستمرة بحق أهالي المخيمات وخاصة فئة الشباب بهدف تحقيق الردع وتخويف السكّان من المشاركة في فعاليات المقاومة وحماية واحتضان المقاومين، والتأثير على إرادة ومعنويات سكّان المخيمات، بهدف التسليم بمخططات الاحتلال”.

ويضيف الأشقر: مخيم جنين تعرّض لعدوانٍ همجي بداية تموز الماضي، حيث احتجزت خلاله قوات الاحتلال ما يزيد عن 300 فلسطيني من بينهم عائلات بأكملها وتم نقلهم إلى منزل في أطراف المخيم بعد تحويله إلى مركز تحقيق وأخضعتهم للتحقيق الميداني لساعاتٍ طويلة بعد تقييد أيديهم وعصب أعينهم بقسوة، مع العلم أنّه كان من بينهم أطفال ونساء وكبار سن.

وتابع: بل حرموهم من الطعام طوال يومين وتم تقديم مياه ساخنة لهم للشرب خلال فترة احتجازهم، وكل ذلك بهدف الضغط عليهم للحصول على معلومات حول المقاومين وأماكن وجودهم في المخيم.

وبحسب الأشقر، فإنّ سلطات الاحتلال أفرجت عن غالبية المعتقلين بعد التحقيق معهم لساعاتٍ طويلة، بينما تم نقل حوالي 130 معتقلاً عبر حافلات إلى معسكر “سالم” للتحقيق، إضافة إلى اعتقال عدد من الجرحى بعد إصابتهم بالرصاص الحي وشظايا الصواريخ وحالة بعضهم خطيرة، فيما تم تحويل العشرات منهم إلى الاعتقال الإداري دون تهمه، بينما ينتظر البقية تقديمهم للمحاكمة.

ويرى الأشقر أنّه من الصعب “ردع” وتخويف الشعب الفلسطيني، لا سيما وأنّه يمارس المقاومة كوسيلة للتخلّص من الاحتلال، ورأس الحربة في مقاومة الاحتلال هم سكّان المخيمات ومجموعات المقاومة التي تربّت في شورع وأزقة هذه المخيمات، ورجال المقاومة يردون على جرائم الاحتلال بشكل مستمر حتى أصبح اقتحام المخيمات بالنسبة للاحتلال عملية غير سهلة أو ميسّرة.

وأصبح الاحتلال يحشد لها مئات الجنود والآليات العسكرية والطائرات المسيّرة وغيرها من العتاد، لمواجهة المقاتلين الذين يتصدون للاقتحامات ويكبدون الاحتلال الخسائر في الأرواح أحياناً وفي المعدات، أي أصبح الاحتلال يحسب للمخيمات ألف حساب، وفق الأشقر.

يقول الباحث الفلسطيني: “إنّه وعلى الرغم من عمليات القتل والاعتقال المستمرة التي يمارسها الاحتلال بحق أبطال المخيمات في الضفة ، إلّا أنّ المقاومة تتصاعد يوماً بعد يوماً وتزداد صلابة وصموداً وإصراراً على تدفيع الاحتلال ثمن الدم الفلسطيني بل أصبح شبان المقاومة أيقونة يفتخر بها أبناء الشعب الفلسطيني ويقتدون بهم، حيث أثمرت حالة الاشتباك المستمرة مع الاحتلال في المخيمات جيلاً جديداً لا يخشى مواجهة الاحتلال رغم قلة الإمكانيات المتوفّرة”.

وحول التحريض المتواصل على المخيمات الفلسطينيّة بالضفة، يؤكّد الأشقر: حكومة الاحتلال الحالية من أكثر الحكومات تطرفاً وعنصرية، وقادتها يحرضون بشكلٍ علني ومستمر على المخيمات والمقاومة بداخلها، وهناك بالفعل توقّعات في ظل التحريض المستمر أن يتكرّر العدوان الذي تعرّض له مخيم جنين وبشكل أوسع، بهدف التخلّص من المقاومة التي تتنامى، سواء في جنين أو نابلس وغيرها من المخيمات.

يضيف الأشقر: المقاومة تدرك هذا الأمر جيداً، وتعد العدة لهذا اليوم، وتطوّر من عتادها وإمكانياتها للرد على العدو في حال أقدم على اجتياح أي مخيمٍ من المخيمات للقضاء على المقاومة، والعدو صار يدرك أيضاً أنّه لن يستطيع القضاء على المقاومة، ويعلم جيداً أن اقتحام المخيمات بالنسبة له كابوس، لذلك يتردد كثيراً قبل تنفيذ أي عملية اقتحام، “وما جرى في جنين مؤخراً لقنه درساً قاسياً في ظل بسالة المقاومة وتفانيها في الدفاع عن المخيمات”.

الارتباط بالمقاومة

 ولعل السمة الأبرز للمخيمات الفلسطينية أينما تواجدت؛ هي ارتباطها بالمقاومة والحفاظ على الهوية الوطنية؛ فمشاركة أبناء مخيمات اللاجئين في مسيرة المقاومة الوطنية الفلسطينية تمثلت في إسقاط البرنامج الاحتلالي الهادف لإذابة الهوية الوطنية، وإجبار الفلسطينيين على قبول الأمر الواقع.

فغالبية أبناء المخيمات ولدوا في ظل الاحتلال وسياساته القمعية والإجلائية، واستيقظوا على محاولات طمس وتبديد الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، وتضييق الخناق على حرية الرأي والتفكير والإبداع، ومحاولات تزوير الثقافة والتراث الوطني.

فالارتباط بالهوية الوطنية أكد على ديمومة أن يظل أبناء المخيمات هم طليعة المقاومة رغم ظروف مخيمات اللاجئين من الفقر والاكتظاظ السكاني والحيّز الجغرافي الضيق الذي يحوي عشرات الآلاف من السكان في ظروف معيشية صعبة للغاية على كافة الأصعدة.

كما أكد هذا الارتباط دورها البارز في تأهيلها بتوفر مقومات الثورة المنظمة للتمرد دومًا على واقع الاحتلال، فجاءت المخيمات ممثلة الإطار الشعبي الأوسع الذي احتضن هذه المنهجية وطورها، حتى أن الاحتلال أقدم على بناء سور عال في نهاية حدود كل مخيم، بالإضافة للأسلاك الشائكة وإغلاق كافة مداخلها بالجدران الإسمنتية العالية لفصلها عن المحيط الخارجي.

وقد كرست حالة المقاومة التي تعيشها مخيمات اللاجئين في الأراضي المحتلة أخلاقيات مجتمعية انتقلت بها إلى حيز التنفيذ العملي، وأبرز تجلياتها تمثلت بترسيخ قاعدة عامة للتعاطي مع المشاكل، بدلًا من الاستغراق في تحليل وتحديد المصاعب والتعقيدات الناجمة عنها.

ولعل في مقدمة المؤشرات الاجتماعية للمقاومة، نجاحها بتوفير بنية تحتية عريضة لحياة مستقلة معزولة عن الاحتلال وخاصة في مخيمات الضفة المحتلة التي تنتفض في وجه الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات