عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

عن المؤتمر الوطني لشباب فلسطين

د. أسامة الأشقر

كنا ثلاثة أو نزيد من ذوي الشيب مشاركين في مؤتمر الشباب هذا، وللحق فإنني لم أشعر لساعة أنني فوقهم عمرا وأزيد في تعداد السنين ضعف سنوات حياة أحدهم، ولا أحسب الأستاذ منير شفيق الذي حضر كل مناشط المؤتمر إلا هكذا، وذلك أن المرء إنما ينظر إلى محل الحيوية والنشاط الذي يتقدمه فيظل يتابعه ويجاري نهره لينهل منه ويستمد المدد فيطول عمر روحه بتعلّقه، وكان أستاذنا أبو فادي منير يقول لنا إن الحكمة أن تتبع الشباب لا الشيوخ، وأن التجربة إنما تنضج باستمرار التجربة وتراكمها وليس بالتوقف عنها وادعاء الامتلاء بها، وقال إن الحياة إنما تستمر بالتواضع لها والبقاء خلفها أثناء تقدمها.

كنت سعيدا وأنا أرى تلك الهمة في اللجنة التحضيرية، وكنت أدعو لكل واحد منهم باسمه المعلق على صدره وأشجعهم بكلمات بينما أرى ذبول أعينهم من الرهق وطول السهر ومتابعة التفاصيل والجري وراء إتمامها، وكنت أبتسم وأنا أرى أحدهم يرتمي على كرسي منزوٍ يبحث عن غفوة سكينة يستعيد بها طاقته.

كانوا يتعلمون من بعضهم، ويتشاورون في كل أمرهم، ويستوعبون غفلات بعضهم، ويسارعون إلى تغطية ما يظهر من انكشافات غير مقصودة أو فجوات نسوا ردمها في زحمة انشغالهم، ويتخافتون في معاتباتهم لبعضهم، وكأنهم في منظومة منسوجة تتعانق انعقادات خيوطها في انسجام.

لقد اشتغلنا دهرا طويلا فيما يتعانونه اليوم، أعرف مهمة كل واحد بإيقاعه الساكن أو المتحرك، وفي مربع حركته وزاويتها، ولم يكن صعبا أن تعرف رتبة كل عامل ومسؤوليته من ملاحظة دوره: فلان هذا في الاستقبال، وتلك في الإعلام، وذاك في النظام، وتيك في السكرتارية… ولا يفوتني النظر في أنماط عيون المتابعين للأعمال الذين يرقبون المشهد ويتابعونه من بعيد ويتدخلون في لحظة الاستدراك.

نحو مائة وخمسين شابا وشابة كانوا في هذا المؤتمر الذي يحاول اقتحام مسار لم ينفتح من قبل على الوجه الذي يقصدونه من أجل قضيتهم التي ينغمسون بالتزامها، كانوا يجتهدون: فيصيبون ويخطئون، ويتقدمون وينحازون، ويسارعون ويترددون، ويناورون ويجادلون.

وكنت أقول لبعض رفاقي: إنهم يتعلمون ويكبرون في لحظتهم فلا توقفوهم ولا تراجعوهم الآن !فسيعرفون قبل أن تعرّفوهم، وسيجلسون للتلاوم والاستدراك والإصلاح والتعديل قبل أن تتابعوا عليهم نقدكم.

فبورك للمؤتمر الوطني لشباب فلسطين في مجمعهم ومؤتمرهم، وكل أحد ناقد أو مخاصم فإنما ينتظر منكم الخطوة التالية البانية على تأسيسكم، فأروهم حسن تدبيركم وانفتاح بصيرتكم وصواب تقديركم فعلاً وقولاً، ومبادرةً واقتحاماً، وأرونا آثاركم وشواهدكم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات