الإثنين 06/مايو/2024

ماذا تريد إسرائيل من خطتها لإنقاذ السلطة من الانهيار؟

ماذا تريد إسرائيل من خطتها لإنقاذ السلطة من الانهيار؟

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام
تسهيلات اقتصادية وإغراءات مالية، وحزمة قرارات داعمة لقيادة السلطة الفلسطينية أقرها المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال بأغلبية ثمانية أعضاء، ومعارضة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، وامتناع عضو واحد عن التصويت.

فماذا تريد إسرائيل من وراء خطتها لإنقاذ السلطة الفلسطينية من حالة الانهيار المتواصلة في الشارع الفلسطيني، في ظل تراجع قبضتها الأمنية في الضفة المحتلة، وتنامي حالة الغضب الشعبي تجاه السلطة وأجهزتها الأمنية.

مؤخرا، ضعفت ثقة الجمهور الفلسطيني بالسلطة، وتزايدت حدة الغضب عليها، وكان آخر مظاهر ذلك مهاجمة المواطنين لمقر المقاطعة في جنين بالحجارة، وطرد قيادات السلطة وحركة فتح من جنازة تشييع شهداء جنين في تعبير غاضب عن حالة الاستياء الواسعة من مواقفها خلال العدوان على المخيم واستمرارها في التنسيق الأمني واعتقال المقاومين وملاحقتهم، مع غياب كامل عن أي دور في الدفاع عن المواطنين في وجه اعتداءات الاحتلال والمستوطنين.

رشوة سياسية

يقول الكاتب والمحلل السياسي ماجد الزبدة: “خطة الإنقاذ الإسرائيلية يمكن أن نطلق عليها مسمى رشوة سياسية إذ إنها جاءت مشروطة، فتَسهيلات حكومة نتنياهو تضمنت وعودات بموافقة الاحتلال على إقامة منطقة صناعية في ترقوميا بمحافظة الخليل جنوب الضفة المحتلة، وإعادة جدولة بعض الديون المالية على السلطة الفلسطينية، ومنحها دفعات مالية من أموال الضرائب التي تجبيها حكومة الاحتلال نيابة عن السلطة وفق اتفاقية باريس الاقتصادية، ومنح قادة السلطة بطاقات “VIP” تتيح لهم سهولة السفر والتنقل مع عائلاتهم على الحواجز الإسرائيلية وفي الداخل المحتل دون معيقات، إضافة إلى تمديد ساعات العمل في معبر الكرامة الحدودي بين الأراضي الفلسطينية والمملكة الأردنية”.

خطة الإنقاذ الإسرائيلية يمكن أن نطلق عليها مسمى رشوة سياسية إذ إنها جاءت مشروطة

وبرأي الزبدة، فإنّ المريب في خطة الإنقاذ الإسرائيلية أنها جاءت تزامنًا مع إقدام الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على تنفيذ خطة انتشار واسعة في مدينة جنين، حيث استقدمت قوات من عدة محافظات لدعم الأجهزة التابعة لها في جنين، كما اتخذت قيادة السلطة قرارًا موازيًا بصرف علاوة مالية قدرها أربعمئة شيكل “تعادل 110 دولار أمريكي” لجميع عناصرها الأمنية من الرتب المتدنية “من رتبة جندي وحتى رتبة ملازم”، في محاولة منها لتقديم إغراءات مالية، وشراء ذمم هؤلاء الجنود خوفًا من إقدام أحدهم على الانضمام لصفوف المقاومة، أو تنفيذ عملية فدائية ضد الاحتلال، خاصة في ظل تصاعد عدوان جيش الاحتلال والمستوطنين على أهالي الضفة، وهو احتمال تخشاه الأجهزة الأمنية التي تتمسك بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، التي تعرضت سابقًا لبعض الضربات الداخلية من جراء إقدام بعض العناصر على الانضمام لمجموعات المقاومة، وتنفيذ عمليات فدائية ضد جيش الاحتلال.

وأكد أنّ قلق حكومة نتنياهو من انهيار السلطة الفلسطينية نابع من خوفها من تحمل الأعباء والمسؤولية المباشرة لاحتلالها العسكري للضفة، حيث وصف عاموس جلعاد وهو جنرال احتياط في جيش الاحتلال بأن انهيار السلطة بمثابة الكارثة، وهي مخاوف حقيقية دفعت حكومة نتنياهو التي وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها الأكثر تطرفًا إلى المبادرة العاجلة بتقديم الأموال والتسهيلات الاقتصادية التي أعلن عنها.

حاجة إسرائيلية وأمريكية

من جهته، أجاب د. محسن صالح مدير مركز الزيتونة للاستشارات والتدريب، بـ”نعم” على سؤال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، حول ما إذا وصلت السلطة إلى حالة ضعف لدرجة أن يعقد الكابينت اجتماعًا لمناقشة آليات إنقاذها.

وقال: “هناك حاجة إسرائيلية وأمريكية أن تتابع هذه السلطة دورها في البقاء لأن ذهابها وسقوطها سيتحول إلى بيئة مقاومة لا تستطيع أن تحكمها ولا يعرفون إلى أين تصل”.

لكنه أكد أنه من المبكر الكلام عن سقوط السلطة وانهيارها، لكن هذه هو المسار الطبيعي لأي سلطة تنعزل عن شعبها وإرادته وتقوم بأوار تخدم الاحتلال خصوصا في قمع مقاومته.

هناك حاجة إسرائيلية وأمريكية أن تتابع هذه السلطة دورها في البقاء لأن ذهابها وسقوطها سيتحول إلى بيئة مقاومة لا تستطيع أن تحكمها ولا يعرفون إلى أين تصل

جنين كشفت المستور

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي أسامة سعد: ليست بعيدة الفترة الزمنية التي فصلت بين دعوة أبو مازن لاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية وبين قرارات المجلس الوزاري المصغر للاحتلال الذي أقر فيه جملة من التسهيلات للسلطة وأوقفها على شرط التزام السلطة بوقف سياساتها ضد إسرائيل أمام المحافل الدولية، ووقف صرف مخصصات الشـهــداء والجرحى والأسرى.

وأشار إلى أنّ دعوة الأمناء العامين للفصائل لم تكن على جدول أعمال أبو مازن؛ فلم يكن الرجل مكترثًا البتة بجمع كلمة الشعب الفلسطيني من خلال الأمناء العامين، بل كان يفضل العمل منفردًا كما هو الحال منذ عام 2005م، لكن هذه الدعوة جاءت عقب اقتحام العدو لمخيم جنين وتصدي المقاومة بكل بسالة لهذا الاقتحام وإفشاله؛ الأمر الذي أظهر العجز التام للسلطة عن القيام بأي دور لها في حماية المخيم، وأظهرها بمظهر العاجز الذي لا يملك إلا أن يكون وكيلًا أمنيًّا للاحتلال، وهذا بالمناسبة ما صرح به غير مرة قادة العدو؛ الأمر الذي استشعرت معه قيادة السلطة خطر تفلت قبضتها على الضفة بعد أن كفر بها وبدورها المواطن الفلسطيني، وهو ما عبر عنه أبناء مخيم جنين بطرد ممثلي حركة فتح والسلطة من المخيم، ورشق مقر المقاطعة في محافظة جنين بالحجارة.

مكافأة لجيش الاحتلال

من جانبه، قال المختص والباحث في الشأن الصهيوني صالح النعامي: “إن تشبث السلطة الفلسطينية بمواصلة التعاون الأمني مع إسرائيل يعد مكافأة لجيش الاحتلال، الذي يمارس العدوان على صعيد يومي، وللتنظيمات الإرهابية اليهودية التي تشن الهجمات الإرهابية على القرى والبلدات الفلسطينية”.

وأضاف: بكل أسف فإن قيادة السلطة تأبى استخلاص العبر من رفض أهالي جنين استقبال قياداتها المتنفذة بعد انسحاب جيش الاحتلال، احتجاجا على سلوك هذه السلطة في أثناء العدوان على المدينة ومخيمها”.

وبرأيه، يتضح بشكل لا يقبل التأويل أنه يجب على الفلسطينيين العمل بكل ما أوتوا من قوة لضمان إجبار السلطة على وقف سلوكها ونهجها الحالي، فلا يمكن لشعب واقع تحت الاحتلال أن يقبل بسلطة يمثل بقاؤها مصلحة للقوة التي تمارس الاحتلال.

وكان مدير مجموعة محامون من أجل العدالة مهند كراجة قال إن المجموعة وثقت ما يزيد عن 300 حالة اعتقال سياسي منذ بداية عام 2023 وحتى تاريخ اليوم.

وأضاف كراجة حسب ما نقلت عنه “شبكة قدس” أن مجموعته تتابع حاليًا 13 حالة اعتقال السياسي في الوقت الذي يبلغ فيه عدد المعتقلين السياسيين حاليًا 40 معتقل، لافتًا إلى أن 40% من الحالات التي يصدر بها قرارات بالإفراج من قبل القضاء يتم رفض تنفيذ هذه القرارات أو تحويل أصحابها على قضية أخرى لتمديد احتجازهم.

وأشار إلى أنَّ الاعتقالات السياسية تركزت خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد انتخابات الجامعات على استهداف الطلبة بشكل عام بالإضافة إلى استهداف نشطاء الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي والنشطاء السياسيين وغالبيتهم من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.

وبعد سلسلة طويلة لها أول وليس لها آخر، من اللاثقة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، هل ينجح نتنياهو في إنقاذ السلطة الفلسطينية من الانهيار هذه المرة؟ وإذا صدق الاحتلال في مساعيه هذه، فهل هي لأجل عيون السلطة ذاتها؟ أم لمصالح إسرائيلية صرفة تقوم فيها السلطة بدور الأجير أو الوكيل؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات