الثلاثاء 15/أكتوبر/2024

بعد ١٧ عام على أسر شاليط مازال الأسر خيارا قائما

عزات جمال

في فجر الخامس والعشرين من يونيو حزيران من العام 2006م وبعد ستة شهور على فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، نفذت كتائب الشهيد عز الدين القسام بصحبة ألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام أحد أهم عمليات الإغارة في تاريخ الصراع مع كيان الاحتلال

فقد نجحت المجموعات المهاجمة باجتياز الجدار الفاصل والتوغل داخل أراضينا المحتلة شرق القطاع عبر نفق معد مسبقا، واقتحام أحد المواقع الحصينة التي أقامها جيش العدو للتنكيل بسكان غزة ومراقبتهم، وهو ما عرف بموقع “البرج الأحمر” حيث استطاع المجاهدون في بضع دقائق تدمير دبابة قتال من نوع “ميركفا” وناقلة جند مدرعة وتنفيذ عملية اقتحام للبرج الأحمر، وعادوا أدراجهم للقطاع مصطحبين الجندي الأسير “جلعاد شاليط” الذي اقتادوه من قلب ناقلته المحصنة، مخلفين خلفهم عدد من القتلى والجرحى من جنود وضباط جيش العدو، تاركين العدو في ذهول من هول وشدة المفاجأة والصدمة.

على مدار سنوات لاحقة استطاعت حركة حماس وكتائب الشهيد عز الدين القسام، إدارة مجموعة من العمليات المعقدة التي شملت الإخفاء والتفاوض وإبرام صفقة وطنية كبرى، والتي حملت اسم وفاء الأحرار التي كانت بمثابة انتصار وطني كبير

وعلى مدار سنوات لاحقة استطاعت حركة حماس وكتائب الشهيد عز الدين القسام، إدارة مجموعة من العمليات المعقدة التي شملت الإخفاء والتفاوض وإبرام صفقة وطنية كبرى، والتي حملت اسم وفاء الأحرار التي كانت بمثابة انتصار وطني كبير وغير مسبوق لشعبنا الفلسطيني حيث كانت المرة الأولى التي تنفذ فيها صفقة من داخل الأرض المحتلة، حيث أدخلت فيها المقاومة السرور على كل ساحات التواجد الفلسطيني في الداخل والخارج بشملها في الصفقة، وأثبتت بأن إرادة الحق الصادقة أقوى من عنجهية العدو المحتل.

أكدت صفقة وفاء الأحرار على حقيقة بالغة الأهمية وهي أن تحرير الأسرى الفلسطينيين وخاصة أصحاب الأحكام العالية والمرضى والمؤبدات لا يمكن أن يتم إلا عبر عمليات أسر الجنود والضباط الصهاينة

لقد أكدت صفقة وفاء الأحرار على حقيقة بالغة الأهمية وهي أن تحرير الأسرى الفلسطينيين وخاصة أصحاب الأحكام العالية والمرضى والمؤبدات لا يمكن أن يتم إلا عبر عمليات أسر الجنود والضباط الصهاينة، وبأن العدو المحتل لا يفهم إلا لغة القوة والتي عبرها فقط يمكن أن يتراجع ويفرج عن أسرى شعبنا الفلسطيني في السجون

ولأجل ذلك أقدمت المقاومة الفلسطينية على تنفيذ عدد من العمليات البطولية التي استهدفت فيها أسر جنود الاحتلال، أبرزها ما تم تنفيذه في الضفة وغزة من عمليات، من أمثال عملية أسر المستوطنين في الخليل في العام 2014م التي نفذها القساميان عامر أبو عيشة ومروان القواسمي، وعمليات أسر كل من الجندي “شاؤول آرون” شرق غزة والضابط “هدار غولدن” شرق رفح خلال عدوان الاحتلال على غزة خلال نفس العام، وعمليات أسر “أبرهام منغستو، وهشام السيد” التي جاءت لاحقا والعديد من المحاولات الموثقة التي لم تنتهي في معركة سيف القدس في العام 2021م.

فالمقاومة وكتائب القسام بالذات تعتبر خطف الجنود استراتجية مهمة توليها اهتمام كبير وتجعلها أحد أهم ركائز العقيدة القتالية لمقاتليها، حيث ظهر ذلك على لسان أبرز قادة المجلس العسكري للقسام في إطلالاتهم الإعلامية القليلة، كما أنها ظهرت في التدريبات القتالية والمناورات العسكرية التي تم تنفيذها سواء في مناورات “الركن الشديد” لعموم الفصائل مجتمعة أو خلال تدريبات كتائب الشهيد عز الدين القسام.

وهذا يشير بوضوح إلى أن خيار أسر الجنود والضباط الصهاينة مازال قائما وبقوة، في ظل تعنت حكومات الاحتلال المتعاقبة وفشلها في إدارة هذا الملف، الذي يشكل نقطة ضعف مستمرة لها تتمثل بمرور أعوام عدة على أسر جنودها وضباطها والاحتفاظ بهم في قطاع غزة.

إن رفض الانصياع لشروط المقاومة الفلسطينية بالإفراج عن معتقلي صفقة وفاء الأحرار كمقدمة لخوض أي مفاوضات، وإظهار التعنت سيكون أكبر محفز لخوض غمار عمليات أسر جديدة قد تختلف من حيث الزمان أو المكان لكن بالتأكيد سيكون هدفها تحرير الأسرى من سجون الكيان الظالم، وفي نفس الوقت تصر المقاومة وكتائب القسام عن عدم الكشف عن مصير الجنود الأسرى الصهاينة لديها إلا بثمن، ومما يعزز إمكانية التوجه نحو تنفيذ عمليات أسر جديدة، هو جنوح كيان الاحتلال وحكومته الفاشية للتنكيل بالأسرى في السجون والذي وصل حد إعدام عدد من الأسرى مثل الشهيد القائد خضر عدنان، إضافة للتضييق غير المسبوق على الأسيرات والأسرى في السجون والذي شمل مكتسبات انتزعها الأسرى على مر عقود من الصراع مع مصلحة السجون، تصاعد العدوان على الأسرى الفلسطينيين في سجون الكيان المحتل يدفع قيادة المقاومة الفلسطينية للوقوف عند مسؤوليتها الدينية والوطنية، بالسعي الحثيث والعمل الدؤوب لكسر إرادة العدو المحتل وإجباره على إخراج الأسرى من السجون مهما كلف ذلك من أثمان، فالأسرى الأبطال الذين قضوا زهرات حياتهم خلف القضبان يستحقون ذلك ولا ثمن يمكن أن يعادل حريتهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات