السبت 04/مايو/2024

اغتيال بطائرة مسيّرة في جنين.. المقاومة تفرض تغيير قواعد اللعبة

اغتيال بطائرة مسيّرة في جنين.. المقاومة تفرض تغيير قواعد اللعبة

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام
لأول مرة منذ 17 عامًا، اغتال الاحتلال مساء أمس الأربعاء، ثلاثة مقاومين في مدينة جنين بصواريخ من طائرة مسيرة، في تعاون مع جهاز الشاباك، حيث قصف سيارةً كانت تقلّهم، مشيرًا في بيانٍ له أنّ أسلوب التصفية من الجو استُخدم آخر مرة في عام 2006.

ويأتي استخدام المسيّرة، بعد قرارٍ إسرائيلي يقضي بتعزيز قوات الاحتلال في جنين وإرسال كتائب إضافية من الجيش إليها؛ خشية تنفيذ عمليات مقاومة، كما تقرر استخدام المسيّرات واللجوء إلى وسائل أخرى، بعد أن فرضت عليه المقاومة تغيير قواعد اللعبة.

وتحدَّث موقع والا الإسرائيلي عن قرار سياسي بتغيير قواعد اللعبة أمام العمليات التي تنطلق من جنين، وقال إنه تقرر تعزيز المنطقة بطائرات بدون طيار استعداداً لتدهور الأوضاع.

فهل فقد جيش الاحتلال السيطرة الميدانية في الضفة بعد كمين العبوات في جنين وعملية عيلي؟ وما دوافع استخدامه سلاح الجو بعد نحو 17 عاما من آخر عملية اغتيال من الجو بالضفة؟

عجز صهيوني أمام أبطال شعبنا

يرى خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، أن المقاومة هي التي فرضت عمليًّا على الأرض تغيير قواعد اللعبة ضد الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وهذا تأكيد جديد من شعبنا على أن هذا المسار المبارك هو الأكثر قدرة على تحقيق تطلعاته المشروعة بالتحرير والعودة، واستنقاذ القدس والأقصى، أمام تهاوي باقي الخيارات”.

بدوره، قال النائب باسم زعارير إنّ استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في الاغتيالات، محاولة لترميم قوة الردع التي هشمت على يد أبطالنا المقاومين.

وأضاف أن الاحتلال وبعد ما جرى له من انتكاسة في جنين ورام الله في اليومين الماضيين، لجأ إلى الانتقام وغيَّر سياسة القتل وقام باغتيالات عن طريق الطائرات، عادا إياها محاولة يائسة لترميم قوة الردع المهشمة على يد الفلسطينيين الأبطال.

وكان الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم قال إن استخدام جيش العدو للطائرات في اغتيال أبناء شعبنا تصعيد خطير، ويؤكد عجزه عن حسم المعركة بالمواجهة المباشرة مع المقاتلين في الميدان.

ويرى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس أنّ هذا الأسلوب تعبير عن الخسائر المؤلمة التي تعرضت لها قوات الاحتلال في جنين وارتفاع كلفة المواجهة في الاجتياحات التي تقوم بها بشكلٍ دوري للمدن والقرى، كما أنه يُشير إلى تطور قدرات المقاومة في إيقاع الخسائر بالاحتلال وآلياته.

المقاومة تحقق حالة ردع

الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، قال إنه من المبكر الحديث عن إلغاء الاحتلال لفكرة الاجتياحات والاستعاضة عنها بالاغتيالات من الجو، لكنّ استخدام السلاح الجوي لأول مرة من 2006 يعكس حالة الردع التي حققتها المقاومة.

ويُشير النعامي إلى عدم وجود مبرر عملياتي يدفع جيش الاحتلال إلى استخدام هذا الأسلوب، خاصة وأنه يتواجد على الأرض في الضفة، لكنّ ذلك يشي بتغيير قواعد الاشتباك نتيجة ضعف وهشاشة هذا التواجد أمنيًّا وعسكريًّا.

ويُضيف أنّ المجتمع الإسرائيلي غير مستعد لدفع ثمن أداء المجهود الحربي في جنين وغيرها، وهو ما دفع المستويات السياسة الإسرائيلية، لمباشرة الاغتيالات واستئناف الفعل بواسطة “المسيّرات”.

إلى ذلك يعتبر الخبير في الشؤون العسكرية واصف عريقات، ما جرى تأكيدًا واضحًا لتراجع قدرة الجنود الإسرائيليين على أرض الواقع.

ويستدل على ذلك بالقول: عملية الاغتيال كانت على بعد أمتار قليلة من حاجز الجملة قرب جنين، المدجج بمئات الجنود والأسلحة، ولم يكن لديهم القدرة على الاشتباك والوصول إلى المقاومة، ما دفعهم للاستعانة بالمسيّرات.

ونقل موقع “سند” عن عريقات أنّ هذا الأسلوب يشير لتنامي حالة الرعب لدى الجنود الإسرائيليين في المواجهة، كما أنه يُعبّر عن تطوّر قدرات المقاومة التي أجبرت الاحتلال، على إتباع وسيلة ملاحقة غير الجنود على الأرض.

الجيش الصهيوني في مأزق

من جهته، يرى الخبير العسكري أمين حطيط أن تغيير الاحتلال لأدواته بإدارة مسرح العمليات، تعبير عن مأزق وفشل في توظيف الأساليب التقليدية بتحقيق المهام المناطة بالجنود على الأرض.

المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر يشير إلى أننا أمام تحول سياسي وعسكري مفاده عجز قوات الاحتلال عن التقدم باتجاه مخيم جنين، وسط تخوف من نماذج أخرى لكمين العبوات الذي حصل قبل أيام.

ونقلت “صفا” عن أبو عامر أن التقدير السائد للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية في ظل فشلها في تقدير وجود عبوات ناسفة في جنين والضفة عمومًا؛ يضع فيتو كبير أمام تقدم قوات الجيش بريًا لتنفيذ عمليات اقتحامات واعتقالات هناك.

ويرى الكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان أن لجوء الاحتلال لاستخدام المروحيات لقضايا معنوية أكثر منها عملياتية وميدانية لإرضاء المستوطنين وشركاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي اليميني.

اعتراف إسرائيلي بقدرات المقاومة

ويوضح أبو علان أن جيش الاحتلال يحاول من خلال استخدامه لأفضلية الجو استرداد هيبة المؤسسة العسكرية التي تضررت بعد كمين العبوات في جنين، فضلاً عن محاولة استرداد قوة الردع التي تراجعت على الأرض.

ويعد أبو علان أن استخدام المسيرات والمروحيات في التصدي للمقاومين في الضفة هو بمثابة اعتراف إسرائيلي غير مباشر بتطور قدرات المقاومة وأن اقتحام جنين ونابلس لم يعد سهلاً كما سبق، وهذا ما صرح به كبار الضباط في جيش الاحتلال.

ويلفت إلى أن ما حصل خلال اقتحام جنين الأخير ووقوع قوات الاقتحام في كمين محكم أعطى مؤشرًا بأن قواعد الاشتباك تغيرت؛ ما جعل جيش الاحتلال يغير من حساباته، ويضيف أن هذا الحديث لا يعني وقف اقتحامات الجيش للمدن والبلدات؛ ولكن ستكون هناك عمليات محسوبة تستخدم فيها كل الأدوات وفق التصريحات الإسرائيلية.

وكان وزير الجيش الإسرائيلي “يوآف جالانت” بارك عملية الاغتيال وقال: “إنها تأتي في إطار مساعي القضاء على العمليات المسلحة”.

وأضاف جالانت: “سننتهج سياسة هجومية وسنبادر للهجوم وسنستخدم الوسائل المتاحة وسندفّع كل مخرب أو من يحرك الإرهاب الثمن باهظاً”، على حد زعمه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات