السبت 27/أبريل/2024

نغمات سياسية متداخلة

محمد القيق

تختلط في الآونة الأخيرة أمزجة سياسية تحمل مصالح تارة وفكرا تارة أخرى، يلتقي البعيد مع القريب ويتنافر الحلفاء، يتكرر الخبر وتتغير الأسماء وألوان الدول، تهدأ صراعات ولو شكلا أو مؤقتا وتنفجر أخرى ليست في الحسبان.

تتداخل الملفات وتشترك الدول في نسيج سياسي جغرافي متناقض متصالح متنافر وبات التعقيد سيد الموقف، فليس الربيع العربي هو الذي أبعد المسافات أو قلص العضويات والعلاقات، فهذه حالة عربية تاريخية ليست أولها الحرب الإيرانية العراقية ولا حرب الخليج بحلقاتها وصولا إلى ثورات الربيع العربي امتدادا للحالة الدولية التي تنعكس لزاما على النغمات السياسية.

القضية الفلسطينية في كل المشهد حاضرة سواء بقول أو فعل أو متفق عليها أو مختلف في أولويات مراحل حلها والجميع حججهم حاضرة وعنوانها قضيتهم الأولى، وعلى أرض الواقع حصار لغزة وإهمال لمخيمات اللجوء وتجاهل لممارسات المستوطنين والاستيطان، وعلاوة على ذلك لا قيمة لجواز فلسطيني يتسابق الكل ليكتب بيان الاستقلال لشعب مزقه وهم الإسناد وأتعبه وأصبح في طي الغياب.

تأتي في هذه الصورة تناقضات الفكرة أو المبدأ في العلاقات مع الكثير من الدول، فبات العبء كبيرا جدا على قيادة المقاومة الفلسطينية التي لم تغلق أبواب مصر ولا قطر ولا سوريا ولا إيران ولا الجزائر ولا تركيا وغيرها من الدول – التي شهدت مواقف إقليمية مختلفة وربما متناقضة- فعلا في وجهها، بل كانت سندا بشكل أو بآخر فوق الطاولة، حديثنا هنا بعيدا عن التفاصيل بينما نغمات سياسية لدول أخرى تناقضت علنا مع طموح الشعب الفلسطيني، فراح بعضها مبعدا نحو التطبيع في توقيت يخدم إسرائيل وأخرى إلى مواجهة المقاومة بحصار من أعالي البحار أو السياج أو قمم أمنية لم يسجل فيها تطبيق لبند واحد قيل إنه في خدمة القضية.

نغمات سياسية طغت عليها المصالح والملفات الأمنية جعلت الأمور متداخلة بين مقاومة تريد التطوير للتحرير والارتقاء بالقضية، وبين عيش كريم لمواطن ينشد تعزيز صموده وإسناداً من قريب وبعيد، وفي هذه المعادلة يتمترس الشعب الفلسطيني خلف قوانين دولية تجاهلتها قوة الراعي للاحتلال وأهملتها هشاشة جامعة عربية وحولتها اتفاقية أوسلو إلى ذاكرة لا يتعدى ذكرها أرقاما في خبر أو مقال وفي أفضل أحوالها تقرير لحظي يغيب في أدراج الأمم المتحدة.

هذه النغمات حتى في فلسطين منقسمة على وقع منع انتخابات تفرز خادما في مؤسسات برلمانية ورئاسية وعلى وقع تنسيق أمني أفرزته اتفاقيات قيل يومها إنها لتعزيز القرار الفلسطيني المستقل، فلا قويت بعدها حاضنة العرب ولا تعزز استقلال الفلسطيني ببرمجة ثورية وهيكلة توافقية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ليصبح لدى الفلسطيني شعب ومقاومة في كفة؛ وما يسمى قيادة فلسطينية تحظى بقبول أمريكي ومفروضة على دول ومنظمات عربية ودولية في كفة أخرى.

وهنا يكمن الجهد المهدور والزمن المتوقف والدم النازف والأرض الملتهمة، على وقع هذه النغمة لا يراد للشعب أن يرتفع صوته ولا يكسر حصاره ولا ينشد حقه دون أن يكون ذلك جليا، فالإجراءات التي ذكرناها سابقا من حصار وفيتو على تطبيق القرارات ومنع أمريكي للانتخابات كفيلة كلها أو جزء منها على فرز جديد وترتيب للنغمات.

وفي هذا السياق باتت مؤخرا تغيرات جوهرية في محاولة من المقاومة للدخول إلى حلبة السياسة الدولية لتبرمج ساعتها بالتوقيت الإقليمي والسياسي، فكانت لديها مراجعات في الملف السوري وتطوير مع حزب الله في غرفة مشتركة وتعزيز للعلاقة العلنية المتكررة لإيران ومحاولة اختراق في الخليج، تحاول تلك النغمة أن تفرض نفسها مع تطورات عالمية ليست بعيدة عن التوقيت الروسي أو متجاهلة لعقارب الساعة الأمريكية.

ترتيب دبلوماسي وسياسي أخذت تعمل عليه المقاومة لتخترق حاجز لاءات الرباعية أو محرمات أمنية من خلال بروز تغيرات قطبية من أحادي حاصر وفتن وأحدث فوضى خلاقة إلى تعدد قطبية لا تروق لمن دفن الربيع العربي أو تغنى بفلسطين شكلا كقضية وفتح بلاده لإسرائيل ومن على أرضه أعلنت الحروب وقتل الأطفال وما زال الجرح ينزف باحثا عن توقيت يعيد الهوية أو على أقل تقدير يحدث نغمة سياسية تكسر حاجز الإحباط المفرز في ملف القضية.

وفي المحصلة إعادة تشكل العلاقات العربية ومعها تحالفات دولية وانتخابات تركيا والأزمة الاقتصادية العالمية وتطور المقاومة في فلسطين وفتح جبهة الضفة الغربية منذ عام ونصف وتلاقي الساحات مع تجاوب في المشهد الإقليمي كلها نغمات تداخلت، وبالتالي باتت جزءا من التوقيت السياسي الدولي وإن لم يظهر جليا لبعضنا تحرك عقارب الساعة الجديدة أو سماع دقاتها ونغماتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...