الثلاثاء 07/مايو/2024

خضر عدنان .. سيرة كفاح حتى الشهادة

خضر عدنان .. سيرة كفاح حتى الشهادة

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام
بعد مسيرة ملحمية حافلة بالعطاء والتضحية، رحل القائد الشيخ خضر عدنان شهيدًا تاركًا إرثًا عظيمًا من الكرامة والبطولة، وروحًا تسري في آفاق الدنيا لنصرة الأسرى.

ومع استشهاد البطل يستعرض “المركز الفلسطيني للإعلام” محطات مضيئة من سيرته العطرة لتبقى نبراسًا لسالكي طريق الحرية والشهادة.

النشأة والتعليم

ولد خضر عدنان موسى في 24 مارس/آذار 1978 في بلدة عرابة في جنين شمال الضفة الغربية؛ لعائلة فلسطينية ملتزمة ربته على حب الوطن والدين.

ومنذ صغره زرع والده الشيخ الفاضل المرحوم عدنان موسى، فيه معاني الإيمان والالتزام وكان داعماً لنجله في كل محطات جهاده ومقاومته، قبل أن يتوفاه الله، في المقابل كان الشهيد إلى جانب والده يكافح ويعمل في حسبة للخضار.

وفي مدارس مسقط رأسه عرابة أنهى مرحلتي الدراسة الأساسية والثانوية العامة، التي اجتازها بتقدير جيد جدا عام 1996، ليلتحق بجامعة بيرزيت في مدينة رام الله، وتخرج منها عام 2001 حاصلاً على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، ثم التحق ببرنامج الماجستير تخصص الاقتصاد في الجامعة نفسها، وحالت الاعتقالات المتكررة دون إكماله.

انتماء وانخراط بالحالة الوطنية

ومبكرًا بدأ خضر عدنان حياته السياسية منتميا إلى حركة الجهاد الإسلامي، وانخرط نشيطًا في إطارها الطلابي في جامعة بيرزيت وتولى قيادته.

وبرز دوره ونشاطه خلال تنظيم احتجاج لموكب رئيس الوزراء الفرنسي السابق “ليونيل جوسبان”، أثناء زيارته الجامعة عام 2000، بسبب إدانته لعمليات حزب الله، حيث اعتقلته أجهزة السلطة على خلفية هذه الحادثة في “مسلخ أريحا” لأسبوعين، أمضاها مضرباً عن الطعام، وتعرض خلالها لأبشع أساليب التحقيق والتعذيب والشبح.

ونظرًا لانتمائه السياسي وانخراطه في مشروع المقاومة، حرم من الحصول على وظيفة فأنشأ مخبزًا لإعالة أسرته في مسقط رأسه عرابة، وهو متزوج وأب لتسعة أبناء أصغرهم عام ونصف وأكبرهم 14 عامًا.

عمل الشيخ خضر عدنان ناطقاً إعلامياً باسم حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية لعدة سنوات، وتعرض للملاحقة والمطاردة المستمرة من الاحتلال، والسلطة الفلسطينية، كما كان عضواً في لجنة القوى الوطنية والإسلامية في محافظة جنين، وعضواً في لجنة الحريات مندوباً عن حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية.

بصمات وحضور

وفي كل موضع بالضفة، كان للبطل خضر عدنان بصمة، ينتقل من محافظة إلى أخرى لنصرة الأسرى ومؤازرة ذوي الشهداء، ومحرضًا على المقاومة، فكان دائم الحضور في الفعاليات الوطنية والجماهيرية، وقيادة مسيرات التضامن مع كل الأسرى في معاركهم من أجل الحرية.

وكان يركز في كلماته على التضحية وانتزاع الحرية والكرامة رغم أنف الاحتلال وبطشه، وعرف بمواقفه الصلبة وعدم المداهنة مع الظلم والاحتلال، والوقوف بكل قوة وصمود في وجه جبروته خاصة في وجه إدارة سجون الاحتلال.

ورغم مواقفه الوحدوية، لم يسلم البطل خضر عدنان من ملاحقة السلطة وأجهزتها الأمنية الذين وصل الحد بهم إلى إطلاق النار تجاهه واعتقاله وتعذيبه المرة تلو الأخرى.

مسيرة الاعتقال والإضراب عن الطعام:

اعتقلته قوات الاحتلال 14 مرة، وكانت المرة الأولى عام 1997 لمدة أسبوع، ثم اعتقلته في 11-3-1999م، حتى 8-7-1999م، 4 أشهر إدارياً.

وعقب انتفاضة الأقصى، اعتقله الاحتلال لمدة سنة في 29-11-2000م، حتى 5-11-2001م، ثم اعتقل سنة أخرى منذ 14-12-2002م، حتى 11-12-2003م، واعتقل سنة أخرى من 3-5-2004م، حتى 11-4-2005م خاض خلالها إضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة (28 يوماً)، بدأه جماعياً في سجن “مجدو”، ثم أكمله منفرداً في سجن “كفاريونا” حتى رضخت إدارة السجن لمطالبه.

ثم اعتقله الاحتلال لمدة سنة ونصف من 4-8-2005م، حتى 6-11-2006م، ثم اعتقل إدارياً 6 أشهر من 12-3-2008م، حتى 6-9-2008م.

وعاود الاحتلال اعتقاله في 17-12-2011م، حتى 17-4-2012م، لمدة أربعة أشهر إدارياً، فجر خلالها معركة الإضراب عن الطعام التي استمرت 66 يوماً، ونال حريته التي عدّت انتصاراً معجزاً للأسرى.

ولقب بـ “مفجر معركة الأمعاء الخاوية”، حيث بدأ بمواجهة الاعتقال الإداري بالأضراب المفتوح عن الطعام، ولحق به العشرات من الأسرى الإداريين الذين حققوا انتصارات ونالوا حريتهم في أثر الشيخ الشهيد خضر عدنان.

كما خاض معركة الإضراب خارج السجن في فبراير 2013م، لمدة 12 يوماً في مقر الصليب الأحمر برام الله تضامناً مع الأسرى المضربين.

واعتقلته قوات الاحتلال في 8-7-2014م، حتى 12-7-2015م، حيث تعرض للاعتقال الإداري وخاض مجدداً معركة الإضراب عن الطعام لمدة 55 يوماً حتى وقف الاعتقال الإداري ونيل حريته.

ثم اعتقله الاحتلال مجددا في 11-12-2017م، حتى 13-11-2018م، لمدة سنة إدارياً، وخاض إضراباً استمر 59 يوماً.

كما اعتقلته قوات الاحتلال في 29-5-2021م، حتى 26-6-2021م، وخاض خلالها إضراباً استمر 25 يوماً.

وأعاد الاحتلال اعتقاله في 5 فبراير/شباط الماضي، بعد مداهمة منزله، وأعلن الإضراب من لحظة الاعتقال، وخضع للتحقيق لمدة 38 يومًا ثم حوله الاحتلال مع تدهور حالته الصحية إلى مستشفى الرملة، وأعلن توجيه لائحة اتهام له في محاولة للالتفاف على مطلبه بالحرية رفضا للاعتقال الإداري ولكنه تمسك بإضرابه وصولاً لشهادته.

اعتقالات السلطة

واعتقل لدى السلطة الفلسطينية عقب استشهاد الشقيقين القساميين عادل وعماد عوض الله عام 1998م، ثم اعتقلته أجهزة أمن السلطة بتهمة التحريض على رشق رئيس الوزراء الفرنسي لدى زيارته جامعة بيرزيت في 26-2-2000م.

كما اعتقلته أجهزة أمن السلطة في 16-12-2008م، عقب المشاركة في تشييع جثمان الشهيد جهاد نواهضة، ثم اعتقلته في أكتوبر 2010م، لمدة 12 يوماً أمضاها مضرباً عن الطعام، كما تعرض للاحتجاز لعدة ساعات في 27-11-2013م.

الشهادة والوصية

بعد 86 يومًا من الإضراب والامتناع عن تناول المدعمات أو الخضوع للفحوصات الطبية، رغم تردي وضعه الصحي رفضاً للاعتقال التعسفي بحقه، أعلنت إدارة سجون الاحتلال عن استشهاده مقبلاً غير مدبر، فجر الثلاثاء الموافق 2 مايو الجاري، في إحدى زنازين سجن الرملة الصهيوني في جريمة اغتيال صهيونية جبانة.

وقبل شهر من شهادته، كتب البطل وصيته وجاء فيها: أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجي وشعبي.

وتوجه لشعبنا الأبي بقوله: أبعث لكم هذه الوصية تحية ومحبة، وكلي ثقة برحمته تعالى، ونصره وتمكينه، هذه أرض الله ولنا، فيها وعد منه إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون، وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم، وغيهم، فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات