الإثنين 29/أبريل/2024

الجبهة الداخلية للاحتلال.. الخاصرة الرخوة

الجبهة الداخلية للاحتلال.. الخاصرة الرخوة

تعد جبهة الاحتلال الداخلية الخاصرة الرخوة في الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه ضد العدوان المتواصل والذي يشتد في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة التي تمارس أبشع أساليب التهويد والاستيطان والإعدام والميداني.

ويعانى المجتمع الإسرائيلي حين تشتد المواجهات العسكرية والحروب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال من اضطراب وقلق في حياته اليومية حتى باتت أصوات اليسار والعلمانيين والليبراليين تحذر من خطورة هيمنة اليمين على مستقبل “إسرائيل”.

وتعمل مكونات الجبهة الداخلية الإسرائيلية منذ عشرات السنين على تحصين نفسها؛ لكن صواريخ صدام حسين عام 1991م وحزب الله اللبناني عام 2006 والمقاومة بغزة المتواصلة أدت لاضطراب وقلق كبير في أمن جبهة الاحتلال الداخلية.

وكشف باحثو معهد دراسات الأمن القومي مطلع العام الجاري في جامعة “تل أبيب” عن محاور التقرير الاستراتيجي السنوي لعام 2023م والذي كانت إحدى مكوناته اضطراب ساحة الضفة المحتلة كتحدٍّ يمكن أن يتخلله انهيار السلطة الفلسطينية وما يتبعها من تصعيد أمني في الضفة الغربية.

وشكلت الهجرة العكسية من كيان الاحتلال لدول أوروبية والولايات المتحدة إحدى صور الضعف الإسرائيلي حين أصبحت “إسرائيل” كيانًا طاردًا للإسرائيليين وليس جاذبًا للسكان والمستوطنين من خارج “إسرائيل” رغم إغراءات وتسهيلات مادية تقدمها حكومات الاحتلال منذ النكبة عام 1948م.

واقع مضطرب

ويُعد فقدان الأمن الشخصي للإسرائيلي أكبر نقطة ضعف يعاني منها الاحتلال في الصراع المحتدم مع الفلسطيني والتي بات يجني من تطرّف حكومته اليمينة ثمار الاضطراب والقلق على حياته في المدن والمؤسسات والشوارع الإسرائيلية.

وينفق الاحتلال أموالا طائلة على تحصين جبهته الداخلية في برامج تحصين المنازل وغرف الأمان وصناديق التعويضات والأضرار والجدر الفاصلة على الحدود بين فلسطين المحتلة والنقب وغزة والضفة وجنوب لبنان ضمن عملية معقدة ومكلفة.

ويؤكد سعيد زيداني الخبير في الشئون الإسرائيلية أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية كلما كانت متماسكة ومنظمة كلما تحلت بإمكانية المشاركة في الدفاع عن نفسها وقللت الخسائر بشكل يمنح أجهزة أمن وجيش وحكومة الاحتلال مرونة في عملياته ضد الفلسطينيين.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يبرز انقسام سياسي مؤخراً في المجتمع الإسرائيلي حاد بين مؤيدي حكومة نتنياهو ومعارضيه؛ لأن الحكومة اليمينية تمارس القمع والاستيطان والحد من الحريات وينتقدها بشدة اليسار والعلمانيون والليبراليون”.

وتجلت أهم صور معارضة حكومة “نتنياهو” المتطرّفة التي يرى مراقبون أنها تنال من استقرار المجتمع الإسرائيلي في مظاهرات حاشدة تكرر فيها نزول عشرات آلاف المعارضين للحكومة في شوارع “تل أبيب”.

ويقول درداح الشاعر أستاذ علم الاجتماع بجامعات غزة إن الصور بدأت تكشف مؤخراً عن مجتمع إسرائيلي أكثر ضعفاً بسبب بروز انقسام حول قيادة الاحتلال لم يعد “نتنياهو” كما وصف من قبل بأنه المنقذ لـ”إسرائيل” وهو الذي وصفه كثيرون في “إسرائيل” سابقاً بأنه ملك وبطل.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يتعزز الانقسام الإسرائيلي في أروقة مجتمعه ومكوناته السياسية ومعارضو حكومة نتنياهو باتوا يتحدثون عن ضرورة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم اليمين يغلب على مجتمع إسرائيل لكن ليس كل المجتمع يميني”.

ولا تقوى جبهة الاحتلال الداخلية على الصمود فترة زمنية طويلة في كل تصعيد عسكري وميداني رغم تخصيص الاحتلال ولهذه الجبهة 5 ألوية تتبع قيادته وعلى كل الصعد لتغطية مساحة هذه الجبهة وهي: “لواء الشمال لواء حيفا لواء دان لواء القدس والمركز ولواء الجنوب”.

نقاط الضعف

المناداة المتعالية بحمل الإسرائيلي للسلاح في المدن والشوارع الإسرائيلية لم تنجح في تحصين جبهة الاحتلال الداخلية خلال عمليات المقاومة الأخيرة والتي كانت آخرها في القدس المحتلة فنجاح وصول المقاومة للفرد الإسرائيلي احتمال متكرر لا يمكن القفز عنه.

وتعد مراكز المدن الإسرائيلية ومناطقه الحدودية ومنشآته الصناعة الحساسة مناطق رخوة يعجز الاحتلال عن توفير الأمن المطلق فيها وقد استهدف حزب الله اللبناني بالصواريخ مؤسسات صناعية استراتيجية بحيفا في حرب تموز 2006 وشلت صواريخ حماس عمل مطار “بن غوريون” في حروب غزة المتكررة بشكل أحرج الاحتلال محلياً ودولياً.

ويؤكد الخبير زيداني أن المدن الإسرائيلية تعاني من شلل في الحياة اليومية حين تسقط صواريخ المقاومة عليها في كل مواجهة وعدوان عسكري لكن نجاح المقاومين الجدد من الحركة بحرية في “إسرائيل” ضمن عمليات فردية زاد من عبء الاحتلال الأمني.

وتعترف مؤسسة الأمن والجيش الإسرائيلي ضمناً بصعوبة كبح جماح العمليات الفردية للمقاومة؛ لأن دور أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية يكون محدودا في التعامل مع مثل هذه العمليات من جهة التوقع وإحباط الفعل.

ويرى الشاعر أن أهم نقاط ضعف المجتمع الإسرائيلي تكمن في أنه غير موحّد وأن تفاخره التاريخي بمنظومة أمنية غير قابلة للاختراق تواجه الآن بمقاومة فلسطينية قوية نجحت في اختراق هذه المنظومة ما أدى لحالة هلع ورعب في المجتمع.

ويتابع: “تذكر آيات القرآن أن اليهود أحرص الناس على حياة حياة الفرد في إسرائيل الآن مهددة بل يهدد دفاع الفلسطيني عن حقوقه الوجود الإسرائيلي لم يعد الإسرائيلي آمناً في بيته وأدرك مجتمع الاحتلال أن الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه ما أدى لتراجع نفسي إسرائيلي واجتماعي وأحياناً عقائدي”.

واعتادت “إسرائيل” في نظريتها الأمنية القديمة نقل المعركة لأرض خصومها وتوجيه ضربات استباقية ووقائية لكنها اليوم تعاني من وصول قذائف المقاومة لعمقها الجغرافي وتعجز عن منع مقاومين يتجولون في شوارعها ويهددون باستهداف أفرادها وجيشها رداً على اقتحامات وإعدامات يومية يمارسها الجيش الإسرائيلي.

ويسهل على المقاومة الفلسطينية واللبنانية اختراق “إسرائيل” وجبهتها الداخلية فهي “دولة” صغيرة من حيث المساحة الجغرافية وعمقها بات في مرمى نيران المقاومة ويتركز معظم سكان “إسرائيل” في منطقة صغيرة تعزز “إسرائيل” حدودها بمنظومة متطورة من الصواريخ وتواجهها المقاومة بقذائف دفاعية على الحدود أيضاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات