الإثنين 29/أبريل/2024

أرض الحمراء.. تراث مقدسي ثمين يسلبه الاحتلال

أرض الحمراء.. تراث مقدسي ثمين يسلبه الاحتلال

على بعد أقل من 350 مترًا عن المسجد الأقصى تقع أرض الحمراء في سلوان التي استولى عليها المستوطنون ويجرون فيها حفريات ضمن محاولات صهيونية لا تتوقف لتغيير هوية القدس وطابعها العربي الإسلامي.

ويواصل المستوطنون منذ عدة أيام أعمال حفريات في الأرض إلى جانب اقتلاع الأشجار منها بعد أن سلبوها بحماية قوات الاحتلال نهاية العام الماضي.

وتقع أرض الحمراء ومساحتها تزيد على 5 دونمات على مفترق طرق مهم يؤدي إلى واديي حلوة والربابة في سلوان وتبعد 300 متر عن السور الغربي للقدس.

عهدة عائلة سمرين
في عهدة عائلة سمرين كانت أرض الحمراء منذ سنوات طويلة وقد صُدم أفراد العائلة ككل أهل سلوان بقوات مؤلّلة وراجلة من جيش الاحتلال تفرض سيطرتها على الأرض وتطرد العائلة منها بعد أن اعتقلت عددًا منهم في ديسمبر الماضي.



يروي محمد سمرين لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” ما حدث في وقت مبكر صباح 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما حاصرت قوات الاحتلال الأرض ووفرت الحماية لعشرات من المستوطنين من جمعيتي إلعاد وعطيرت كوهنيم الذين شرعوا في وضع السياج حول الأرض في سلب فعليّ لها.

وأشار إلى أن قوات الاحتلال اعتدت على الأهالي الذين حاولوا اعتراض السطو على الأرض واستمرت حينها المواجهات طوال اليوم اعتقلت خلالها تلك القوات ستة مواطنين من عائلة سمرين بعد مداهمة منازلهم بعنف ووحشية.

وعلى مدار أيام نفذ المستوطنون حفريات ونصبوا أعمدة وغرفا متنقلة وركّبوا كاميرات مراقبة ووضعوا لافته عند مدخل الأرض تعلن أنها مغلقة وبها حفريات.

موقع إستراتيجي
ويشير الباحث فخري أبو دياب عضو لجنة الدفاع عن سلوان في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن أرض الحمراء تلاصق مسجد سلوان وعين سلوان أقدم عيون القدس الكنعانية.

ويؤكد أن العين وقف إسلامي منذ الخليفة عثمان بن عفان وهي أول وقف خارج الجزيرة العربية واليوم تقع في موقع إستراتيجي تبعد حوالي 350 مترًا عن المسجد الأقصى.


فخري أبو دياب

وأرض الحمراء -وفق أبو دياب- مملوكة لدير الروم الأرثوذكس وسلبت ابتداءً بموجب صفقة عام 2004 وتضمنت عدة فنادق في منطقة باب الخليل وسط المدينة المحتلة حيث أعلنت في حينه جمعيتا إلعاد وعطيرت كوهنيم الاستيطانيتان شراء الأرض من دير الروم الأرثوذكسي.

وفي حينه كشف عن بيع 570 مليون متر مربع من أغلى العقارات في القدس من الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية إلى مجموعة من المستثمرين من القطاع الخاص لا تعرف هويتهم وتتضمن هذه الأراضي مساحات واسعة من حي “الطالبية” الراقي وسط القدس وكذلك حي “نايوت” وتمتد إلى أجزاء كبيرة من “وادي الصليب” وتشمل هذه الأراضي أيضاً الجزء الأكبر من “متحف إسرائيل” وفنادق معروفة وتبين أن هذه الأرض سربت للجمعيات الاستيطانية.

ونبه أبو دياب إلى أن الاحتلال ينفذ حفريات في المنطقة ويسعى إلى تحويلها بركة وحوض مقدس لتأدية الطقوس التلمودية ومن أسفلها تمتد الأنفاق إلى أسفل البلدة القديمة فضلا عن إجراء عمليات تهويد فيها ضمن محاولات تغيير هوية القدس وطابعها العربي الإسلامي.

والاستيلاء على الأرض جزء من مخطط الاحتلال لخنق المسجد الأقصى والبلدة القديمة بكاملها من خلال تفتيت حي سلوان وتفتيت السكان وتهجيرهم وتفتيت الرؤية البصرية للمدينة المقدسة.




تراث سلواني ثمين
المؤرخ والباحث في التاريخ أسامة الأشقر أكد في مقالة نشرها “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الأرض المسلوبة من أخصب أراضي سلوان وأثمنها في سفح وادي حلوة.

ووصف الأشقر ما حدث بأنه “سرقة تراث سلواني ثمين” مشيرًا إلى أن سلوان تحولت لكثرة ما تقطّع من أوصالها إلى نسيج ممزق مرقّع.


المؤرخ أسامة الأشقر

ويوضح دلالة التسمية أن العين القريبة كانت تفيض إلى هذا المكان وتجرّف معها الأتربة المتكسّرة من الصخور المباركة والمقدسة حتى تحولت أرضها إلى قطيفة حمراء يسميها الناس أرض “الحمرا” ويزرعونها بالخضراوات الموسمية حتى ضربوا ببعض منتوجاتها المثل فقالوا “كجالب السِّلق إلى سلوان”.

والأرض الحمراء “محكّرة” لدير الروم الأرثوذكس وهو الدير الذي تديره البطريركية اليونانية ذات السيرة السيئة للقائمين عليها من الأجانب اليونانيين الغرباء والذين سربوا أوقاف الكنيسة مراراً وما فندق البتراء والإمبريال وقصر المعظمية عنا ببعيد وفق الأشقر.

تفتيت الرؤية البصرية لمدينة القدس
ويؤكد ناجح بكيرات نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية في القدس في تصريحات صحفية أن أرض الحمراء هي جزء لا يتجزأ من وقفية سيدنا عثمان بن عفان في حي سلوان وعين سلوان.

وأشار بكيرات إلى أن هذه المنطقة التاريخية تضم من المعالم التاريخية التي تؤكد التمسك بالهوية العربية الفلسطينية والمسجد الأقصى مثل: بئر أيوب وعين أم الدرج وبركة الحمرا وعين اللوزة.


الشيخ ناجح بكيرات

ويرى أن الاعتداء على أرض الحمراء يأتي ضمن سياسة الاحتلال الرامية إلى تفتيت الرؤية البصرية لمدينة القدس؛ بحيث تصبح هذه الأراضي وهذه المباني التي ترفع عليها الرايات والشعارات الصهيونية مدينة يهودية وكي تصبح كأن سلوان يهودية بحتة وليست عربية.

وقال بكيرات: “منذ اليوم الأول الذي اعتدت فيه سلطات الاحتلال على عين سلوان وحولتها إلى ما تسمى سلطة الطبيعة الإسرائيلية بدأت منظمة إلعاد الصهيونية تتوسع تدريجيًّا إلى أن سرقت معظم الأراضي في منطقة وادي حلوة في الحي ثم أقامت ما يسمى (مدينة داود) بدلا من وادي حلوة”.

ويدق المؤرخ الأشقر ناقوس الخطر؛ بأن هذا الاعتداء لن يتوقف والخطوة التالية ستكون حي البستان في سلوان وسيفرضون سيطرة كاملة على خريطة الطريق إلى مسجدنا الأقصى مباشرة وسيغدو الالتحام قدَراً قريباً كائناً لا محالة.

ويدعو الجميع لنفير قريب فهذه السرقة ليست سرقة عادية بل هي إعلان حرب وما بعدها سيكون أسوأ وأشدّ.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات