الجمعة 10/مايو/2024

رحيل أم فلسطين في السودان سعاد الفاتح البدوي !

د. أسامة الأشقر

&bull عندما قابلتُها أول مرة تجلّلتني الهيبة فأنا لا أكاد أعلم عن امرأة في عصرنا بذلت نفسها للدعوة والتربية وتعليم النساء والدفاع عن قيم الدين مثلها حتى أغضبت مواقفها الكثير من مناوئي الحركة الإسلامية المتطرفين الذين عدوها عدوّاً شديداً عليهم وعلى أفكارهم الليبرالية.

&bull كانت قيادية إسلامية كبيرة ورمزاً تاريخيًّا مشهوراً ومضرب المثال في التجرد والصدق والمبادرة رغم كبر سنها وكانت متوقدة الحماسة شديدة الغيرة على دين الله أسمعها تهتف بقوة تهز القاعات والميادين

فلسنا بطير مَهِيضِ الجناح***ولن نُستذلّ ولن نستباح

&bull كنت أزورها في مكتبها في مقر الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي الذي تأسس عام 1996 وترأست هيئته القيادية أكثر من دورة وما أتيتها في أمر يتعلق بفلسطين إلا قامت له دون تردد وكذلك كان كل فريقها من الأخوات اللواتي كنّ يتعاملن معها بوصفها الأمّ المرشدة الملهمة (ماما سعاد &ndash حبّوبة سعاد) وكنّا نلقبها بأمّ فلسطين في السودان ولم تكن تترك زيارة قائد فلسطيني من ذوي التوجه الإسلامي إلا أتت إليه مسلّمة ناذرة نفسها للقدس ولم تكن في حشدٍ خيريّ إلا حثت النساء على التنازل عمّا في أيديهنّ من حليّ لأجل القدس فكان نفيرها عجيباً.

وكان كبار أهل السودان يحدثوننا عن دورها في تشييع الزعيم إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة الذي كاد يُحرَم من جنازة تليق به حتى شيّعته مع جماهير غفيرة إلى مقابر البكري التي دفنت هي فيها يوم الجمعة 23 ديسمبر 2022 .

&bull كانت سياسية مبدئية وهي معروفة بمواقفها الحاسمة وشخصيتها القوية واشتهر عنها دورها في حل الحزب الشيوعي حيث قادت الجماهير الغاضبة الثائرة حول البرلمان السوداني الذي قضى بحلّ الحزب الشيوعي عام 1965 بعد إهانته لمقام النبوة وجرأته على قيم الإسلام ولم تكسر الجماهير حصارها للبرلمان حتى أقر قانون حل الحزب.

&bull قد أعطاها الله عمراً مديداً فهي من مواليد يناير عام 1932م في مدينة الأبيّض بشمال كردفان بوسط السودان في بيت والدها المفوّض الإداري رغم أنها من عائلة أم درمانية الشهيرة إذ هي سلالة قاضي المهدية شيخ الإسلام محمد ود البدوي بن نُقُد بن حرنان.

&bull منذ صغرها وهي تنشط في مجال الدفاع عن المرأة فقد انضمت للحركة الإسلامية منذ بداية الخمسينات ثم شاركت في مؤتمر المرأة العربية عام 1956 ثم مؤتمر المرأة في الاتحاد السوفييتي عام 1957 وانضمت باكراً للاتحاد النسائي السوداني الذي شاركت في تأسيسه ثم غادرته بسبب أيديلوجيته الشيوعية وأنشأت الجبهة النسائية الوطنية. وكانت واحدة من عشر نسوة كوّنّ الاتحاد النسائي السوداني عام 1952م وكانت عضواً في أول لجنة تنفيذية للاتحاد.

&bull وعملت في الصحافة والإذاعة والتلفزية منذ الخمسينات وكانت رئيس تحرير مجلة المنار الصادرة عن مكتب المرأة في جماعة الإخوان المسلمين وظلت مقالاتها حتى منتصف الستينات من المقالات المؤثرة في نهضة المرأة المسلمة والعمل الإسلامي.

&bull درست في كلية الآداب بجامعة الخرطوم وتخرجت فيها عام 1956 وتابعت دراستها في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن وتخرجت بالماجستير في فلسفة اللغة العربية عام 1961.

&bull وعملت مستشارة لليونسكو لتعليم البنات في السعودية عام 1969 وشاركت في تأسيس كلية التربية التابعة لجامعة الملك سعود بالعاصمة الرياض وعملت عميداً فيها وعدت من رواد تعليم المرأة السعودية حينها.

&bull عادت بعد سنوات إلى السودان ونالت الدكتوراه من جامعة الخرطوم عام 1974 ثم عملت أستاذة للغة العربية في جامعة أم درمان الإسلامية عام 1980م وعملت لمدة قصيرة بعد سنوات في الإمارات.

&bull وهي أول امرأة تحصل على درجة بروفيسور في السودان حيث حصلت في عام 1990 على فرصة (سباتيكال) للدراسة في مرحلة ما فوق الدكتوراه في جامعة إدنبرة في اسكتلندا.

&bull شغلت عضوية في البرلمان السوداني منذ أوائل الثمانينات وظلت تمارس العمل البرلماني بعد ذلك 1996-2005 وانتخبت عام 2004 في برلمان عموم إفريقيا عند تأسيسه وعملت مستشارة للرئيس السوداني لشؤون المرأة في بداية عهد الإنقاذ الوطني.

رحم الله البروفيسور سعاد الفاتح البدوي وجزاها عن فلسطين والسودان والنساء خيراً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات