الأحد 05/مايو/2024

كتيبة نيتسح يهودا الخاصة بالمتدينين اليهود.. الإجرام بغطاء الدّين

كتيبة نيتسح يهودا الخاصة بالمتدينين اليهود.. الإجرام  بغطاء الدّين

ثمة تعاون حثيث ين المجتمع الحريدي ووزارة الحرب الإسرائيلية أفرز ما يعرف بكتيبة “نيتسح يهودا” التي بات اسمها أكثر تواترًا في الآونة الأخيرة بسبب كثرة جرائمها بحق الفلسطينيين.

وتعدّ كتيبة “نيتسح يهودا” أكثر كتائب جيش الاحتلال تطرفًا وأصولية يصفها الخبراء العسكريون الإسرائيليون بأنها كتيبة متمردة يمينية ومتدينة ارتجالية وقمعية لها سجل طويل من الانتهاكات التي تحولها من كتيبة إلى ميليشيا لكنها تحظى باستقلالية كبيرة ومحصنة شبهَ كليٍّ من المحاسبة داخل الجيش أو من محاكم الاحتلال.

تضم جنودًا من غلاة المتدينين “الحريديم الأرثوذكس” بالإضافة للمستوطنين ذوي القناعات الأيديولوجية المتطرفة والأفكار التوراتية المعادية للعرب والفلسطينيين ما يدفعهم إلى التنافس الداخلي لممارسة العنف الانتقامي ضدهم.

تأسست كتيبة “نيتسح يهودا” في العام 1999 كإحدى الكتائب التابعة لسرية كفير التي تحمل رقم 900 بناءً على تعاون حثيث بين المجتمع الحريدي ووزارة حرب الاحتلال؛ بهدف دفع الشبان الحريديم للتجند في صفوف الجيش.

كتيبة دينية
في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” قال المختص في الشأن الإسرائيلي معتصم سمارة: هي كتيبة دينية تسمح لليهود المتدينين بالانخراط بالجيش في جو يتوافق مع معتقداتهم الدينية ضمت في البداية 30 جنديًّا؛ لكنها نمت كثيرًا مع مرور السنين ووصلت إلى وضع كتيبة تعمل بطاقتها كاملة ووصل عدد جنودها إلى أكثر من 1000 جندي.

ويضيف: في البداية عُرفت الكتيبة باسم “ناحال حريدي” وهي اختصار للكلمات العبرية الثلاث “نوعار إكسزافي حريدي” ومعناها “الشباب العسكري الملتزم” ثم تغير الاسم إلى “نيتسح يهودا” ومعناه “يهودا الأبدي”.

وتابع: لا تضم الكتيبة في صفوفها نساء وتتبع أعلى معايير القوانين الغذائية اليهودية وتتخذ من “الكوشير” (حلال وفقاً للشريعة اليهودية) طعامًا لها ولا تعمل يوم السبت وتتبع كل هذه الإجراءات من أجل تشجيع أكبر عدد ممكن من المتدينين اليهود على الالتحاق بالجيش.

ويوضح سمارة أن قانون دولة الاحتلال يلزم “المواطنين والمواطنات” بالخدمة العسكرية الإجبارية لكن القسم الأكبر من المتدينين اليهود يرفض أداء الخدمة بداعي التفرغ لدراسة الدين كما أنه ومنذ قيام دولة الاحتلال تم الاتفاق بين ديفيد بن غوريون وقادة الحركة الحريدية على تجنيد نسبة بسيطة جدًّا من شباب التيار الحريدي في الجيش.

وهو ما أثار الكثير من الجدل داخل دولة الاحتلال حول المزايا التي يتمتع بها هذا التيار المتشدد والذي يشكل نحو 12% من السكان حيث تنفق الدولة على أبناء هذا التيار حتى بعد تجاوزهم سن الـ18 عامًا من خلال تكفلها بمصاريف تعليمه ومسكنه وأكله وشربه ولهذا السبب تحديدًا أسست كتيبة “نيتسح يهودا” من جانب مجموعة من الحاخامات لاستهداف وتجنيد الشباب من خلفيات حريدية وفقًا لسمارة.

مهمة مقدسة
ووفقًا لدراسة بعنوان: “نيتسح يهودا .. كتيبة يمينية متدينة ومتمردة في الجيش الإسرائيلي تعمل داخل الضفة الغربية” للباحث وليد حباس نشرها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” تعمل الكتيبة بالأساس في منطقة رام الله وضواحيها ومسار التجنيد فيها يتبع النمط المسمى “ييشيفاة هيسدير” وهو مسار يجمع بين العلوم العسكرية والعلوم الدينية التوراتية.

ومع أن الكتيبة تأسست عام 1999 كحاضنة للشباب الحريدي المتسرب من الدراسة إلا أنها تضم عددا قليلا من الحريديم وتحولت مع السنوات إلى كتيبة دينية- سياسية وهي تضم في صفوفها أفرادًا من “شبيبة التلال” الصهيونية المتطرفة بالإضافة إلى مستوطنين حريديين ومستوطنين متدينين آخرين لا يرغبون بالاختلاط مع النساء؛ لكون الكتيبة تعرف نفسها كتيبة عسكرية دينية.

ويوضح حباس أنَّ ما يميِّز هذه الكتيبة هو تبلور عقيدة أيديولوجية دينية سياسية تدفع جنودها إلى الاعتقاد بأن فرض الحكم على الفلسطينيين وضبطهم يعدّ مهمة “مقدسة” دينيًّا وليس مجرد مهمة عسكرية مرتبطة بقرارات صادرة عن قيادة الجيش كما أوضح إيتمار ديشل وهو نقيب في جيش الاحتلال وكان قائد كتيبة “نيتسح يهودا” بين 2016-2018 ولأن معظم جنود هذه الكتيبة كانوا قد تمردوا في السابق على أسرهم وحاخاماتهم وفشلوا في دراسة التوراة فإنهم يجدون في “الحكم المقدس” على الفلسطينيين مناسبة لإثبات الذات من خلال ممارسة العنف المفرط وهو أمر معروف لكل قادة هذه الكتيبة.

انتهاكات وجرائم
على مدى سنوات سجلت العديد من الانتهاكات والجرائم التي اقترفها أفراد هذه الكتيبة بحق الفلسطينيين أشهرها:

– قتل المسن الفلسطيني الأمريكي عمر أسعد (78 عامًا) في 12 كانون الآخِر/ يناير الماضي بعد احتجازه لساعات طويلة على حاجز قرية جلجليا شمال مدينة رام الله وتكبيل يديه وتعصيب عينيه وإلقائه في البرد القارس بعد التنكيل به.

في البداية أنكر جيش الاحتلال أي علاقة له باستشهاد المسن الفلسطيني لكن وبعد إلحاح أمريكي أقر بأن سبب الحادث “فشل أخلاقي للقوة العسكرية”.

– في 24 آب/ أغسطس الماضي أظهر مقطع فيديو قصير على منصة تيك توك اعتداء 3 جنود من أفراد الكتيبة على مواطن فلسطيني بالضرب المبرح والتنكيل به قرب مستوطنة (تلمونيم) غرب رام الله.

– ووفقًا لصحيفة (هآرتس) العبرية في نيسان/ أبريل 2021 أوقف جنود من الكتيبة سيارة فلسطينية عند مدخل مستوطنة (عوفرا) قرب رام الله وأمروا السائق الذي كان يقل عائلة فلسطينية بالتوقف على جانب الطريق ثم سحبوه من السيارة وبدؤوا بضربه ضربًا جنونيًّا حتى أنه في مرحلة معينة بدأ بالارتعاش على الشارع وفقد وعيه.

محصنون من أي عقاب
توضح صحيفة (هآرتس) العبرية أن كتيبة “نيتسح يهودا” هي كتيبة متمردة وتتلقى أوامرها من قادة المستوطنين وحاخامات الصهيونية الدينية الذين يزورون قاعدتها باستمرار أكثر من كونها تتبع إلى قيادة الجيش وأفرادها محصنون شبهَ كليٍّ من أي عقوبة على الرغم من ثبوت حالات من استخدام العنف المفرط وغير المبرر والتعدي على الفلسطينيين المارة بدون سبب وسرقة معدات صحافيين أجانب واقتحام بيوت ومنشآت فلسطينية بدون أوامر عسكرية مسبقة لكن القيادة العليا للجيش والمحاكم العسكرية تتسامح مع كل ما يُجرى.

وطالب عدد من الصحفيين والمهتمين بشؤون الجيش في دولة الاحتلال بتفكيك الكتيبة؛ لأن لديها عددًا من الخصائص غير العادية فهي تحت إشراف الحاخامات وتسمح بالخدمة العسكرية إلى جانب دروس التوراة وعدد من المؤهلات.

وبما أن تجنيد اليهود المتشددين هو مشروع “وطني” (بالنسبة لهم) وغير عسكري فإن الحل الأفضل هو تفكيك الكتيبة في إطار استمرار انتهاكاتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة

اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة

الضفة الغربية- الفلسطيني للإعلامشهدت الضفة الغربية الليلة الماضية وفجر اليوم الأحد، اشتباكات ومواجهات مع قوات الاحتلال التي نفذت عمليات اقتحامات...