السبت 04/مايو/2024

مركز حقوقي يطالب عباس بالتراجع الفوري عن مرسوم مجلس القضاء

مركز حقوقي يطالب عباس بالتراجع الفوري عن مرسوم مجلس القضاء

طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان رئيس السلطة محمود عباس بضرورة التراجع فوراً عن مرسومه الأخير بشأن “تشكيل مجلس القضاء الأعلى” للحيلولة دون تشكيل سابقة خطيرة في واقع ومستقبل سيادة القانون واستقلال القضاء.

وكان عباس أصدر مرسوماً بتشكيل هيئة جديدة تحت اسم &ldquoالمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية&rdquo ونصب نفسه رئيساً عليها في سابقة خطيرة منح بموجبها نفسه سلطة مطلقة بعد أن بات المسيطر الفعلي على السلطات كافة في فلسطين.

وعبّر المركز في تقرير له عن صدمته من إصدار هذا المرسوم لما يشكله من ضربة ساحقة لآخر ركائز استقلال القضاء والذي يعد استقلاله صمام الأمان للاستقرار والسلم الأهلي وأهم أركان الديمقراطية وضمانات حقوق الإنسان “ولذا كان من اللازم أن يكون استقلاله هدفاً وأن تكون صناعة هذا الاستقلال هدفاً للجميع وإن لم يكن لاستقلال القضاء أرجل ليقف عليها فلنصنع له أرجلاً من خشب لإرساء مبادئ سيادة القانون في الوطن”.

وأكد المركز أنَّ المرسوم المذكور مخالف في شكله ومضمونه للقانون الأساسي الفلسطيني ومبدأ المشروعية والأعراف الدستورية كافة ويشكل خرقاً واضحاً لالتزامات فلسطين وخاصة المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء لسنة 1985.

وقال المركز: إنَّ هذه الخطوة تأتي في ذيل تاريخ طويل من تغوّل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وهي حالة تصاعدت وتيرتها منذ الانقسام الفلسطيني في العام 2007.

وكان أبرز حلقات هذا التغول ما كشفه أحد رؤساء مجلس القضاء الأعلى المستشار سامي صرصور من أنه كان قد وقع على استقالته قبل تقلده لمنصبه ليلعن عن قبولها من جانب رئيس السلطة بعد ذلك في أول خلاف مع السلطة التنفيذية. وبذلك تمت الإطاحة بالمستشار صرصور في العام 2016 بعد أقل من عام من تعيينه في سابقة تشي بإحدى أدوات سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

ومن ثم جاء المرسوم الرئاسي بإقالة مجلس القضاء الأعلى في العام 2019 وتعيين مجلس انتقالي بدعوى إصلاح القضاء وهي خطوة خطيرة تم خلالها عزل عدد من القضاة بذريعة الإصلاح.

وتحت نفس الذريعة أصدر رئيس السلطة ثلاثة قرارات بقانون في العام 2021 تتعلق بتنظيم وعمل السلطة القضائية لتلغى بعد ذلك بعد أن لاقت عاصفة من النقد في الأوساط القضائية والحقوقية.

وبموجب المرسوم الجديد يتمتع المجلس المذكور بسلطة إشراف عليا على جميع الجهات والهيئات القضائية في فلسطين بما فيها مجلس القضاء الأعلى المحكمة الدستورية العليا القضاء الشرعي والهيئة القضائية لقوى الأمن.

وحسب المركز يخالف المرسوم المذكور القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 من عدة وجوه حيث يتعارض مع المبدأ الأساسي الذي أكده القانون الأساسي في المادة (2) وهو: الفصل بين السلطات.

كما يتعارض المرسوم مع مبدأ أساسي آخر وهو استقلال السلطة القضائية الوارد في المادتين (97 89) من القانون الأساسي حيث أن صدوره لا يمثل مجرد تدخل في عمل السلطة القضائية بل تجاوز هذا إلى وضع السلطة القضائية تحت السلطة المباشرة لرئيس السلطة التنفيذية عندما شكل مجلساً برئاسة رئيس السلطة التنفيذية ليشرف على كافة الهيئات والمجالس القضائية.

ورأى المركز أنَّ المرسوم المذكور ربما هدف إلى الالتفاف على المادة (100) من القانون الأساسي والتي تلزم الجهات التشريعية بالتشاور مع مجلس القضاء الأعلى قبل إصدار أي قانون يتعلق بالسلطة القضائية.

وبيَّن المركز أن المرسوم يعطي صلاحيات للمجلس المشكل باقتراح مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء بموجب المادة (4) منه وبالتالي لن يضطر رئيس السلطة إلى مشاورة مجلس القضاء الأعلى عند إصدار أيٍ من التشريعات المتعلقة بالسلطة القضائية لأن رئيس مجلس القضاء الأعلى وهو رأس هرم السلطة القضائية بات مجرد عضو في المجلس الجديد.

وأضاف: “يعد الالتزام برأي السلطة القضائية في مشاريع القوانين أمراً أساسيًّا سبق أن أكدته المحكمة العليا بصفتها الدستورية في ردها على الطعن المقدم من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ضد قانون السلطة القضائية لسنة 2005 والذي أسقطته المحكمة حينها لصدوره دون التشاور مع مجلس القضاء الأعلى”.

ومن جانب آخر يمثل المرسوم خروجاً على مبدأ المشروعية حيث يستحدث هيئة قضائية أعلى من مجلس القضاء الأعلى دون وجود سند دستوري أو حتى تشريعي وهو أمر مخالف لمبدأ المشروعية حيث إنَّ المرسوم الرئاسي مجرد قرار إداري لا يمكن بموجبه استحداث جسم مشرف على السلطة القضائية حيث إنَّ مثل هذه الصلاحية منوطة حصريًّا بالقانون الأساسي.

وقال المركز الحقوقي: “بموجب المرسوم المذكور بات رئيس السلطة مسيطراً على السلطات الثلاث في دولة فلسطين حيث يستحوذ على صلاحية التشريع منذ العام 2006 بحجة غياب المجلس التشريعي وعدم قدرته على الانعقاد”.

وتابع: “بالرغم من أن المادة (43) من القانون الأساسي التي يستند إليها رئيس السلطة في إصدار قرارات بقوة القانون قد اشترطت أن تمارس هذه الصلاحية في حالة الضرورة القصوى إلا أن الواقع يؤكد أن ما أصدره رئيس السلطة منذ العام 2006 يساوي أكثر من ثلاث أضعاف التشريعات التي صدرت منذ قيام السلطة الفلسطينية في العام 1994. “

وزاد: “نجد أن الرئيس لم يستحوذ فقط على سلطة التشريع بل مارسها وكأنها سلطة أصيلة له متنكراً للشرط الدستوري بوجود حالة ضرورة قصوى لا تحتمل التأجيل”.

وشدد المركز على أن المرسوم الصادر يتعارض مع مبدأ المشروعية ويتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني والتزامات دولة فلسطين الدولية بل هو بمثابة إصدار شهادة وفاة لأي أمل في وجود ديمقراطية فلسطينية أو سيادة قانون أو لمبدأ الفصل بين السلطات ويؤسس لحالة من الحكم المطلق شكلاً ومضموناً لن يكون من السهل المناص منها وستورث الشعب الفلسطيني عبئاً مضافاً إلى عبء الاحتلال الإسرائيلي

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات