عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

إعادة النظر في إعلان القدس

د. محمد مكرم بلعاوي

مع دخول “إسرائيل” عقدها الثامن، هناك مخاوف كثيرة تطارد شعبها، حيث أصبحت لعنة العقد الثامن هاجساً للنخبة السياسية الإسرائيلية، وهو أمر لا يشكل مفاجأة في دولة تقوم على الأساطير الدينية، فيما يمثل ما يسمى بإعلاإعادة النظر في “إعلان القدس”ن القدس، الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في 14 يوليو، محاولة لتزويد “إسرائيل” ببعض الطمأنينة المفقودة.

في نص الإعلان، هناك ما لا يقل عن ست عشرة مناسبة يشدد فيها على التزام الولايات المتحدة بالمطالب الإسرائيلية، كلها تمثل تعهدات الولايات المتحدة في هذا الصدد، لدرجة أنه من السهل جدًّا التفكير في أن من كتبها هو لبيد وليس مسؤولًا أمريكيًّا مجهول الاسم.

التعهد 1

تقريبًا من الفقرة الأولى إلى الأخيرة تواصل الوثيقة التأكيد على أهمية الحفاظ على أمن “إسرائيل”، وأن الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها لضمان ذلك، وتم ذكر كلمة “أمان” ثلاث عشرة مرة.

التعهد 2

تؤكد الوثيقة أنه حتى لو لأي سبب من الأسباب؛ مصالح الطرفين لم تتلاق، هناك سبب أكثر أهمية لمواصلة دعم الولايات المتحدة ومساعدتها لـ”إسرائيل”، وهو أن كليهما، كما قيل لنا، يشتركان في نفس القيم: “التزام ثابت بالديمقراطية وسيادة القانون”، ناهيك عن رغبتهما المشتركة في إنقاذ العالم.

التعهد 3

تلتزم واشنطن بالحفاظ على التفوق العسكري لـ”إسرائيل” في الشرق الأوسط، علاوة على ذلك، “تؤكد الولايات المتحدة التزامها الثابت بالحفاظ على قدرة إسرائيل على ردع أعدائها وتعزيزها، والدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات”.

التعهد 4

بسبب الأعداد المتزايدة من الأصوات المعارضة في الحزب الديمقراطي التي تطالب بمحاسبة “إسرائيل” على جرائمها، هناك خوف في دولة الاحتلال من أن الديمقراطيين قد لا يكونون متحمسين لمنحها الشيك على بياض التي اعتادت الحصول عليها من كلا الحزبين الرئيسيين في أمريكا، وأنها قد تفقد، في مرحلة ما، دعم الولايات المتحدة إذا تغيرت سياسات الديمقراطيين.

وبالتالي، كان الإسرائيليون حريصين على الحصول على التزام واضح بأن الدعم غير المشروط لـ”إسرائيل” هو مسألة اتفاق سياسي في الولايات المتحدة، ولقد حصلوا عليها في إعلان القدس: “إن الولايات المتحدة تكرر كذلك أن هذه الالتزامات هي من الحزبين ومقدسة”.

يتكرر في مكان آخر في الوثيقة: “تلاحظ الولايات المتحدة وإسرائيل أنه لا يوجد شيء أفضل يعكس الدعم الثابت والحزبي للولايات المتحدة لأمن إسرائيل من مذكرات التفاهم غير المسبوقة بشأن المساعدة الأمنية التي وقعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدى العقود القليلة الماضية.

التعهد 5

وأوضح الإعلان أن هناك تعهدًا أمريكيًّا بحماية “إسرائيل” مهما كان الأمر، بما في ذلك ضد أعدائها الإقليميين مثل إيران وحزب الله وحماس: “جزء لا يتجزأ من هذا التعهد هو الالتزام بعدم السماح لإيران أبدًا بامتلاك سلاح نووي، [الولايات المتحدة] مستعدة لاستخدام جميع عناصر قوتها الوطنية لضمان تلك النتيجة”.

التعهد 6

التأكيد السادس أن العلاقة بين الطرفين ليست حاجة “إسرائيل” فحسب، بل هي حاجة أمريكا أيضًا. وقد تم التأكيد على ذلك أكثر من مرة في الإعلان“ الالتزامات الاستراتيجية ذات الأهمية الحيوية للأمن القومي للولايات المتحدة نفسها ،” على سبيل المثال، و”… تعد الولايات المتحدة أمن إسرائيل ضروريًّا لمصالح الولايات المتحدة” في الواقع، كما رأينا في الوثيقة، فإن الولايات المتحدة بالتأكيد ذات أهمية حيوية لإسرائيل، ومع ذلك لم يشرح أحد أبدًا سبب أهمية “إسرائيل” للولايات المتحدة.

التعهد 7

عكس الإعلان الحاجة الإسرائيلية إلى دعم مالي وتكنولوجي أمريكي مستمر ومستدام يمثل شريان الحياة لدولة الاحتلال، وسعت إلى طمأنة الجمهور الإسرائيلي بأن أموال الضرائب الأمريكية ستستمر في التدفق كما فعلت على مدى العقود السبعة الماضية: “الولايات المتحدة تدعم بقوة تنفيذ بنود مذكرة التفاهم الحالية البالغة 38 مليار دولار بالكامل”، ووعدت واشنطن بمليار دولار إضافية كمكافأة.

التعهد 8

ترى الحاجة إلى دعم الولايات المتحدة لتغيير طبيعة الشرق الأوسط وتحويل “إسرائيل” إلى قوة مهيمنة إقليمية إشارة إلى “… جهود أمريكية إسرائيلية مشتركة لبناء إطار إقليمي جديد يغير وجه الشرق الأوسط …”

التعهد 9

الحاجة إلى دعم أمريكي في الضغط على الدول العربية والإسلامية لقبول “إسرائيل” كجزء لا يتجزأ من المنطقة: “إن الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة لعب دور فعال، بما في ذلك في سياق زيارة الرئيس بايدن المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية، في بناء بنية إقليمية قوية؛ لتعميق الروابط بين إسرائيل وجميع شركائها الإقليميين؛ لتعزيز التكامل الإقليمي لإسرائيل بمرور الوقت؛ وتوسيع دائرة السلام لتشمل المزيد من الدول العربية والإسلامية”.

التعهد 10

الحاجة إلى الدعم الأمريكي لدمج “إسرائيل” في المجتمع الدولي، والذي تم التعبير عنه في سياق مبادرة I2U2 من قبل “إسرائيل” والولايات المتحدة والهند والإمارات العربية المتحدة.

التعهد 11

الحاجة إلى حماية الولايات المتحدة من المنظمات غير الحكومية التي تعمل على تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني ومحاسبة “إسرائيل” على جرائمها ومخالفاتها للقانون الدولي، وخاصة على سبيل المثال لا الحصر حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) الشعبية والسلمية تمامًا.

التعهد 12

حاجة أمريكا للعمل كدرع لـ”إسرائيل” في المنظمات والمنصات الدولية، واستعداداها لوصف أي محاولة لاستجواب “إسرائيل” حول جرائمها بأنها معاداة السامية والتحيز والكراهية.

التعهد 13

الحاجة إلى التعبير عن استثنائية “دولة إسرائيل” كدولة “يهودية وديمقراطية”، واستثنائية شعبها “الذي تعد شجاعته غير المألوفة ومرونته وروح الابتكار مصدر إلهام للكثيرين في جميع أنحاء العالم”.

التعهد 14

ضرورة أن تتعهد الولايات المتحدة بالسماح لـ”إسرائيل” بالاحتفاظ بجميع الأراضي العربية التي احتلتها واستوطنتها بشكل غير قانوني، وأن كل الحديث الأمريكي عن “حل الدولتين” سيقتصر على وعود مفتوحة ومتعمدة، ومستقبل غامض.

التعهد 15

الوعد بأن أمريكا ستساعد “إسرائيل” في جميع المجالات وخاصة في مجال التكنولوجيا، تحت ستار “التعاون العلمي والتكنولوجي”.

التعهد 16

الوعد بأن يحصل حاملو جوازات السفر الإسرائيلية على معاملة خاصة من خلال إدراجهم “في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية في أسرع وقت ممكن”.

من المثير للدهشة أن الإعلان لم يتعب أبدًا من التأكيد على أنه ليس فقط لصالح “إسرائيل”، ولكن أيضًا في مصلحة الولايات المتحدة، وكذلك “لصالح الشرق الأوسط والعالم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات