السلام الاقتصادي.. رشوة واشنطن للسلطة التي لم تتحقق!
من الصعب ضخ الأكسجين في رئتي عملية التسوية المتعثرة بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” منذ عام 2015م. آخر تجديد للحديث عنها كان مجرد سلام اقتصادي تعرضت له “صفقة القرن”، ولم يتحقق.
الأولويات كلها مؤخراً في السياسة الإقليمية تتجه نحو دفع عجلة التطبيع بعد قفز أنظمة عربية مهمة عن القضية الفلسطينية، والانفتاح بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع “إسرائيل”.
لم تكد طائرة “بايدن” الرئيس الأمريكي، تغادر سماء المنطقة العربية حتى اشتعلت التحليلات والتأويلات الإعلامية والسياسية بجدوى زيارة قصيرة تصدرت برامجها مستقبل العلاقة بين السعودية و”إسرائيل”.
حتى السلام الاقتصادي الذي وعدت به الإدارة الأمريكية ثمنًا للقبول بواقع الاحتلال حليفها الأول في الإقليم، لم تر السلطة الفلسطينية منه شيئا، بل واصلت معدلات الفقر والبطالة وحركة الاستيطان والتهويد القفز عالياً.
وكانت الأمم المتحدة، أكدت قبل أيام في تقرير دوري لها، أن سياسات “إسرائيل” وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة تمنع التنمية، وتتسبب بأزمات إنسانية، وتجزِّئ الاقتصاد الفلسطيني بشكل يجعله تابعا لـ”إسرائيل”، ومعتمدا على المعونة الخارجية.
التطبيع أولاً
إعادة صياغة مشهد الشرق الأوسط تجرى مؤخراً بتعزيز حركة التطبيع، ولعل زيارة بايدن الأخيرة للمنطقة حملت جوهر هذا البرنامج دون الحديث عن إنقاذ الحالة الفلسطينية المتردية في كل الصعد.
ويؤكد صلاح عبد العاطي، الخبير القانوني، أن الفلسطينيين يواجهون مشكلة تعيق تقدمهم للأمام في سياق نشاط متصاعد لحركة التطبيع بين أنظمة عربية و”إسرائيل”.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أنظمة عربية تهرول نحو التطبيع، وأقصى ما تطرحه أمريكا و”إسرائيل” مستقبل سلام اقتصادي؛ ما يقلص الصراع من قضية عادلة إلى مجرد وعود بامتيازات اقتصادية”.
ويقول مصطفى الصواف، المحلل السياسي: إن الإدارة الأمريكية تريد تثبيت شرعية للكيان الصهيوني بواسطة دفع التطبيع للأمام، في حين “إسرائيل” تتنكر لأبسط الحقوق في يوميات الفلسطيني تحت الاحتلال.
ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “رفض السلطة للتطبيع يترجمه أولاً نهاية الحديث عن اتفاق أوسلو والانسحاب منه؛ فإبرامها للاتفاق مهّد قديماً الطريق أمام الدول العربية لتطوير العلاقة مع إسرائيل”.
ويشير المحلل الصواف إلى أن انخراط السلطة الفلسطينية في ملف التسوية هو السبب الرئيس لتشجيع أنظمة عربية لاحقاً للحاق بركب التطبيع، ولعل زيارة بايدن الأخيرة توّجت المشهد بفتح المجال الجوي السعودي للطيران الإسرائيلي.
وتقف السعودية اليوم، بعد زيارات لمسؤولين وصحفيين إسرائيليين، أقرب لميلاد اتفاق تطبيع من شأنه كسر حاجز اللحاق بها لأنظمة ودول في العالم العربي والإسلامي، وفق مراقبين.
التنمية أخيراً
سمع الفلسطيني بوعود كثيرة في “صفقة القرن” ومؤتمر المنامة قبل 5 سنوات حلمت معه السلطة الفلسطينية بإنجاز شيء ولو كان على الصعيد الاقتصادي مع تعثر العلاقة السياسية في التسوية.
تقرير الأمم المتحدة الصادر قبل أيام، أشار لاستحالة تحقيق التنمية المستدامة في الأرض الفلسطينية المحتلة مع استمرار هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية، محذراً من تدهور متوقع بعد أن أصبح نصف الفلسطينيين تحت الاحتلال بحاجة لمساعدة إنسانية، وتواصل حصار غزة.
ويرى صلاح عبد العاطي، الخبير القانوني، أن الاحتلال عادة يعيق التنمية والتطوير في أي مجتمع، وأن اتفاقية باريس عززت اعتماد الفلسطيني على اقتصاد الاحتلال.
ويشير إلى أن الاحتلال يواصل الهيمنة على الموارد مثل الغاز والمياه والأرض والزراعة، ويفرض حصارا، ويقيم حواجز عسكرية، ويواصل الاستيطان مدمراً بذلك البيئة الاقتصادية، ومعززاً أزمات الفقر والبطالة.
وكان تقرير الأمم المتحدة، أوضح معاناة غزة بفعل 15 عاما من الحصار والتصعيد العسكري المتكررة، حيث لا يزال معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد في غزة أدنى من نصف ما كان عليه عام 2005، ومعدلات البطالة تناهز 47%، و60% من أهل غزة تحت خط الفقر و62% يعانون انعدام الأمن الغذائي.
ويشير المحلل الصواف إلى أن التطبيع يعزز تدهور الاقتصاد الفلسطيني؛ لأن الاحتلال لم يعد مكترثا كثيراً لمعاناة الفلسطيني وهو ينفتح على العالم العربي، وأن الاكتفاء الذاتي لن يتحقق تحت الاحتلال.
ويقول الصواف: إن الأمم المتحدة كررت مؤخراً الحديث عن تدهور الحياة اليومية، والمشهد الاقتصادي للفلسطيني المرتبط بسياسات الاحتلال، لكنها تكتفي بالتحذير، ويدير السياسيون ظهورهم لخطورة الحال.
العلاقة بين التطبيع وتحسن المشهد الاقتصادي للفلسطيني تمضي بنسق عكسي؛ فكلما زادت حركة التطبيع زادت “إسرائيل” في تضييق الخناق بمزيد من التركيع والهيمنة، والمقاومة وحدها من تقنع الاحتلال بالعدول عن الاعتداء على الفلسطيني في أرضه وتجارته ومقدساته في زمن تلاشت فيه الحلول السياسية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
حماس: اقتحام معبر رفح يؤكد نية الاحتلال تعطيل جهود وقف إطلاق النار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن اقتحام جيش الاحتلال لمعبر رفح الحدودي مع مصر فجر اليوم، تصعيد خطير ضد منشأة مدنية محمية بالقانون...
الفصائل : احتلال وإغلاق معبر رفح يُهدد مسار المفاوضات
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، إن احتلال وإغلاق معبر رفح البري وكرم أبو سالم التجاري وتنفيذ عمليات عسكرية برية...
الداخلية: معبر رفح منشأة مدنية وإغلاقه تكريس للعقاب الجماعي
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام أدانت وزارة الداخلية والأمن الوطني اقتحام دبابات الاحتلال الإسرائيلي معبر رفح البري جنوب قطاع غزة فجر اليوم؛ والسيطرة...
الإعلام الحكومي: إيقاف إدخال المساعدات وإغلاق المعابر يفاقم الوضع الإنساني
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن الاحتلال "الإسرائيلي" يتعمّد تأزيم الوضع الإنساني بإيقاف إدخال المساعدات وإغلاق معبري...
6 مجازر و54 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 6 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل جراءها للمستشفيات 54 شهيدا و96...
الاحتلال يواصل حملات الدهم والاعتقال في أنحاء الضفة الغربية
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية وفجر اليوم الثلاثاء، حملات الدهم والاعتقال في أرجاء متفرقة...
مقتل ضابطين إسرائيليين في هجوم بمسيّرة لحزب الله
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي -الثلاثاء- مقتل ضابطين في هجوم بطائرة مسيرة نفذه حزب الله اللبناني أمس على موقع...