الجمعة 10/مايو/2024

عصابات المستوطنين.. الذراع الصهيوني لتنفيذ الجرائم النوعية

عصابات المستوطنين.. الذراع الصهيوني لتنفيذ الجرائم النوعية

منذ ما قبل تأسيس الكيان الصهيوني، شكلت عصابات المستوطنين، أداة البطش غير الرسمية لتنفيذ مخططات الاحتلال وجرائمه ضد الفلسطينيين.

وما بين مليشيات مشرعنة رسميًّا من الاحتلال، وأخرى تعمل بدعم غير خفي من الاحتلال، يتنوع مشهد عصابات الإجرام والإرهاب الصهيوني، شريكة جيش الاحتلال وتشكيلاته الأمنية والعسكرية المختلفة المتخصصة في اقتراف كل صنوف الإجرام ضد شعبنا.

أحدث العصابات الصهيونية، جاء تحت اسم “مشروع ماغن” الذي تعمل عليه بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي وجمعيات استيطانية؛ بغية محاربة عمليات المقاومة، وتوفير الحماية لهؤلاء المستوطنين داخل الأحياء الفلسطينية لا سيما في القدس المحتلة.

ويأتي تشكيل هذه العصابة الإرهابية كامتداد لدور العصابات الصهيونية -ومنها “البالماخ” و”الإرغون” و”الهاغاناه” و”شتيرن” وغيرها- في قتل وتهجير الشعب الفلسطيني إبان النكبة (1948)، وتعكس الفكر الإرهابي المتأصل في مشروع الحركة الصهيونية للاستيطان في فلسطين.

عصابات مسلحة للمستوطنين بالقدس.. إجرام صهيوني منظم

وبحسب صحيفة معاريف العبرية في خبر نشرته قبل أيام؛ فإنّ الخطة الصهيونية التي ستنفذ قريبا تجريبيا، تقوم على تشكيل فرق “احتياطية” من عناصر مهرة للتدخل إلى حين وصول الجيش أو الشرطة لأماكن الأحداث.

وأكدت بلدية الاحتلال، أن المستوطنين المتطوعين ضمن هذه الميليشيات سيحصلون على موافقة سريعة لامتلاك الأسلحة وتلقي برامج تدريبية خاصة، وسيحصلون على شهادة من الشرطة ومعدات.

ليس جديداً

الخبير في الشأن المقدسي جمال عمرو، أكّد أنّ مشروع تشكيل عصابات صهيونية في القدس ليس جديداً ويشكل خدعة كبيرة للعالم والرأي العام العالمي للتملص من جرائمه التي يرتكبها بحق الفتيان الفلسطينيين.

ويوضح عمرو لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ المشروع الصهيوني يقوم بذاته على تشكيل العصابات الإجرامية، وهو يذّكرنا بعصابات “بلماخ” و”الهاغانا” وغيرها من العصابات الصهيونية المتطرفة التي ارتكبت آلاف الجرائم بحق الفلسطينيين، إبان النكبة.

وارتكبت هذه العصابات مذابح ومجازر شهيرة في التاريخ الفلسطيني، منها مجازر دير ياسين، والطنطورة، وبلد الشيخ، وأبو شوشة، بهدف تهجيرها. وهي العقلية ذاتها التي نفذت مجزرة كفر قاسم في العام 1956 لترويع الفلسطينيين في منطقة المثلث، وإجبارهم على الهجرة للأردن.

ويشير الباحث المقدسي إلى أنّ الاحتلال يحاول التلاعب بالتسميات والتشكيلات من أجل الوصول إلى تبرئة قواته الاحتلالية من الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين، مشيرًا إلى وجود عصابات “فتية الجبال” الذين يحملون السلاح في النهار وفي الليل يحرسون المستوطنات، وفي الشهر الذي يليه، يرتدون هم ذاتهم زي قوات “الجيش الإسرائيلي”.

تعدّ عصابة “شبيبة التلال” مجموعة استيطانية متطرفة، يعيش معظم أعضائها، وتعدادهم بالآلاف، في بؤر استيطانية وخيام على قمم جبال الضفة، ويسكنون في مزارع ومبان متنقلة ضمن مناطق مفتوحة خارج المستوطنات وفوق أراضٍ بملكية خاصة للفلسطينيين، وأعطى وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون أمر تشكيلها عام 1998.

ويؤمن أتباع هذه العصابات، وهي صاحبة فكرة البؤر الاستيطانية ومشاريع الاستيطان الرعوي، بـ”أرض إسرائيل الكبرى”؛ إذ يعدُّون الفلسطينيين دخلاء ويجب طردهم من البلاد للحفاظ على “يهودية الدولة”، وشرعوا في نشاطهم الإرهابي بالضفة ليتوسع لاحقا، ويمتد إلى جانبي الخط الأخضر.

ويضيف عمرو: “لكثرة الإعدامات التي يرتكبها الاحتلال بحق الصحفيين والأطفال، يتلاعب بتشكيل هذه العصابات والميليشيات ليبرر العالم أنّ ما يجري هي تصفية حسابات بين تلك العصابات والجماعات الفلسطينية، محاولاً بذلك غسل أيدي جنوده من هذه الجرائم”.

ولعقود طويلة، وظفت حكومات الاحتلال الصهيونية المتعاقبة عصابات المستوطنين لتنفيذ المهمات القذرة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ووفرت لهم الغطاء القانوني والدعم المالي والسياسي، كما حظيت هذه الجماعات بدعم الحاخامات، وارتكبت الجرائم بلا عقاب.

ووفق مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان (بتسيلم)؛ أضحى عنف المستوطنين ضدّ الفلسطينيين منذ مدة طويلة جزءاً لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة. تشمل أعمال العنف هذه – التي ينتج عنها انتهاك لحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم وأراضيهم – مجموعة واسعة من الممارسات، بدءًا بإغلاق الطّرقات ورشق الحجارة على السيارات والمنازل، مرورًا بمداهمة القرى والأراضي، وإحراق حقول الزيتون والمحاصيل، وتدمير وإتلاف الممتلكات، وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية، وأحياناً الزجاجات الحارقة (المولوتوف) وإطلاق النار.

ضوء أخضر

ويذهب المحلل المقدسي صالح الشويكي، إلى أن الأوامر الصهيونية بتسليح المستوطنين تحت زعم الدفاع عن أنفسهم “ضوء أخضر” لقتل الفلسطينيين بدم بارد، وهو أخطر مرحلة لتبرئة جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

ويقول الشويكي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “نحن نعلم أنّ جميع المستوطنين كانوا يحملون السلاح بترخيص، ولكن عندما يوافق الاحتلال على تدريبهم وإعطائهم الضوء الأخضر لقتل الفلسطينيين، فهذا يعني مرحلة جديدة”.

وأضاف: “الاحتلال يريد من وراء تشكيل تلك العصابات تبرير كل الجرائم بحق الفلسطينيين، وأنّ الأزمة القائمة هي أزمة بين المستوطنين للدفاع عن أنفسهم أمام هجمات الفلسطينيين”.

وخلال عام 2021، أظهرت معطيات -وثقها تقرير لمنظمة هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية- تنفيذ المستوطنين الإسرائيليين 1088 اعتداءً أغلبها مركب في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال عام 2021، بزيادة بنسبة بلغت نحو 114% عن عام 2020، الذي شهد وفق حركة “السلام الآن” الإسرائيلية -التي تنشط في رصد الاستيطان- 507 حوادث، والذي جاء بزيادة كبيرة أيضًا عن عام 2019 الذي سجّل 363 اعتداءً من مستوطنين إسرائيليين ضد مدنيين فلسطينيين وممتلكاتهم.

ويجمع الفلسطينيون إلى أن الوسيلة الأنجع في مواجهة عصابات المستوطنين والاحتلال، تفعيل المقاومة بأشكالها كافة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات