الإثنين 06/مايو/2024

العصف المأكول.. 8 أعوام على الملحمة الأسطورية

العصف المأكول.. 8 أعوام على الملحمة الأسطورية

يوافق اليوم الخميس الثامن من يوليو/ تموز الذكرى الثامنة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، والذي استمر 51 يومًا، وخلّف دمارًا كبيرًا وأوضاعًا إنسانية صعبة، لكنه شهد على نقلة نوعية في أداء المقاومة.

وبدأ العدوان على غزة بعد استهداف جيش الاحتلال نفقًا للمقاومة في رفح جنوبي القطاع؛ ما أدّى لاستشهاد سبعة مقاومين من كتائب القسام التي ردّت بإطلاق رشقات صاروخية على المستوطنات الإسرائيلية.

وكانت الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلّة متوترة بعد اختطاف مستوطنين الطفلَ المقدسي محمد أبو خضير، وتعذيبه وحرقه حيًّا يوم 2 يوليو 2014، كما ازدادت توترًا في أعقاب اختفاء آثار ثلاثة مستوطنين بالضفة، وتحميل حركة “حماس” مسؤولية اختفائهم، وما تلاه من اعتقال جيش الاحتلال عشرات من محرري “صفقة شاليط” ونواب في المجلس التشريعي عن “حماس”.

وشرع جيش الاحتلال منذ بداية العدوان على غزة في استهداف البنية التحتية للقطاع، ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم على فصائل المقاومة، وأطلق اسم “الجرف الصامد” على عدوانه، في حين أطلقت كتائب القسام اسم “العصف المأكول” على تصدّيها للعدوان الإسرائيلي.

ويُعد عدوان الاحتلال على غزة عام 2014 العدوان الثالث على القطاع؛ إذ سبقه عدوانا عامي 2008 و2012، وتبعه عدوان رابع في مايو 2021، وجميعها خلّفت دمارًا كبيرًا ومئات الشهداء وآلاف الجرحى.

ارتكاب مجازر

في اليوم الأول من العدوان، استدعى جيش الاحتلال 40 ألفًا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة مروعة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدًا و28 جريحًا فلسطينيًّا، ثم توالت المجازر بحق عدة عائلات، وقصفت المباني والمساجد والأبراج السكنية والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.

وارتكبت قوات الاحتلال خلال عدوانها انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تصل لمستوى جرائم الحرب، في إطار صمت المجتمع الدولي تجاه التزاماته القانونية والأخلاقية.

وخلص تقرير للجنة تقصي الحقائق حول العدوان الإسرائيلي، نشر نهاية يونيو 2015، وعرف بتقرير “ديفيس”، إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة “يصل إلى جرائم الحرب”، وأن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء العدوان، حيث شنت “إسرائيل” أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو 50 ألف قذيفة مدفعية.

أداء المقاومة

وأبدت الفصائل مقاومة شرسة على مدى أيام العدوان، وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطول عشرات المدن الرئيسة والمستوطنات داخل فلسطين المحتلة، مثل القدس و”تل أبيب” ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولًا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.

وأظهرت الفصائل قدرة قتالية وتطويرًا لآلياتها في المقاومة بشكل لم يتوقعه الاحتلال الذي لجأ إلى “القبة الحديدية” في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأعلن عن تدمير عدد منها.

وشهد اليوم الثاني من العدوان تنفيذ كتائب القسام عملية إنزال بحري داخل قاعدة “زيكيم” العسكرية، ثم قصفت مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة لأول مرة بصاروخ R160، إضافة لاستهدافها مدينة “تل أبيب”.

خسائر غزة

بعد العدوان على غزة، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن الخسائر البشرية والمادية.

وأظهر التقرير استشهاد 1742 فلسطينيًّا 81% منهم من المدنيين، منهم 530 طفلًا و302 امرأة، بالإضافة إلى 340 مقاومًا، وجرح 8710 من مواطني القطاع.

وتسبب العدوان بإصابة 302 سيدة، منهن 100 تعاني من إعاقة دائمة، كما أصيب (3303) من الجرحى بإعاقات دائمة، وفق الإحصائية.

واستشهد أيضًا 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف، و16 صحفيًّا.

ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا تمامًا، و109 مساجد جزئيًّا، وكنيسة واحدة جزئيًّا، و10 مقابر إسلامية، ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مئة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلًا، وأصبحوا بلا مأوى.

خسائر الاحتلال

على صعيد خسائر “إسرائيل”، قُتل 64 جنديًّا وستة مستوطنين، وفق اعترافات الاحتلال، ومن الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية، وغيرها.

أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720، فضلًا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار غيرها.

وأبان عن هذه الخسائر تقرير أعده مراقب الدولة “يوسف شبيرا” حول إخفاقات “حرب غزة” صيف 2014، والتي هددت بالإطاحة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق موشي يعلون.

جنود أسرى

وكانت كتائب القسام أعلنت في يوليو 2014 أسر الجندي أورون شاؤول أثناء تصديها للاجتياح البري شرق مدينة غزة، في حين اختفت آثار الضابط هدار جولدن في الأول من أوغسطس 2014 شرق مدينة رفح بعد عملية للقسام.

ولا يقتصر الأسرى في غزة على “هدار وشاؤول”، فقد سمحت الرقابة الإسرائيلية في يوليو 2015 بنشر نبأ اختفاء الإسرائيليين “أبراهام منغستو” من ذوي الأصول الأثيوبية، وهشام السيد، بقطاع غزة، بعد تسللهما من السياج الأمني شمال القطاع.

وكانت كتائب القسام أكدت أن حكومة الاحتلال تكذب على الإسرائيليين وتضللهم، ونشرت صورة لأربعة جنود (هدار غولدين، وأورون شاؤول، وأبراهام منغستو، وهشام السيد) وقالت إنها: “لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن”.

بطء في الإعمار

وبعد وقف عدوان الاحتلال، عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومشاركة 50 منظمة وحكومة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع، والنصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين.

لكنّ إعمار القطاع وترميم ما خلّفه العدوان الإسرائيلي المدمّر لم ينتهِ حتى اليوم.

وبعد نحو ثماني سنوات من معركة “العصف المأكول”، تسببت الجرائم الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة باندلاع معركة “سيف القدس” في 10 مايو/ أيار 2021، واستمرت 11 يومًا.

وتمكنت المقاومة خلال هذه المدّة من إطلاق أضعاف ما أطلقته خلال عدد الأيام نفسها في عدوان 2014، وأحدثت دمارًا واسعًا وشللًا في الكيان الإسرائيلي.

وارتقى خلال العدوان الأخير نحو 260 شهيدًا، وألفا جريح، في حين قُتل 14 إسرائيليًّا وجُرح المئات، وفق اعترافات الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات