الإثنين 29/أبريل/2024

في إسرائيل.. أبارتهايد بنسخة مطوّرة

في إسرائيل.. أبارتهايد بنسخة مطوّرة

كشوكةٍ في الخاصرة تتجرع “إسرائيل” النصل وهي تراقب تكرار وصفها في المحافل الإقليمية والدولية دولةَ “أبارتهايد” تمارس التمييز العنصري.

ها قد وقع المحظور، وأضحت “واحة الديمقراطية” الوحيدة المزعومة في الشرق الأوسط راحتها ملطخة بالدم، ومبرراتها عاجزة عن تفسير الإعدام الميداني والاستيطان المتصاعد.

تقف “إسرائيل” على حافة الهاوية مع هيمنة اليمين المتطرف على مقاليد السياسة والأمن مع بلوغ كيانها سن الرابعة والسبعين. رحل كبار وجاء آخرون والصراع يحتدم مع الفلسطيني صاحب الحق التاريخي نحو النهاية.

وخلصت عدة تقارير حقوقية دولية إلى أنّ كيان الاحتلال الصهيوني يكرّس نظام الأبارتهايد والاضطهاد في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة.

الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبارتهايد، أكدت في تقريرٍ لها، أنّ النصف الأول من عام 2022 يزخر بالانتهاكات والجرائم، خاصةً التمييز والفصل العنصري، وأن التمييز يضم سمتين أساسيتين هما: معاداة الفلسطنة، ومحاربة كل ما هو فلسطيني على صعيد الهوية والعرق والانتماءات الأيديولوجية.

أما السمة الثانية فهي الصهيو-داعشية، حيث طورت ممارسة الحركة الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطيني لتحتوي على ممارسات العنف والتطرف والفصل العنصري.

تطرف غير مسبوق

طوّر الاحتلال الإسرائيلي من نسخة “الأبارتهايد” التي سمعنا عنها للمرة الأولى في ممارسات التمييز العنصري السابقة في القرن العشرين بدولة جنوب أفريقيا، وتفوّق على مصممي واقعها هناك.

وذكر تقرير الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبارتهايد الصادر حديثًا أنّ الاحتلال اعتقل 1100 فلسطيني في أنحاء الضفة منذ مطلع عام 2022م، في حين اعتقل 2200 فلسطيني خلال عام 2021، وأصدر  550 أمر اعتقال إداري، بحق أسرى فلسطينيين من بداية 2022م.

وبيّن تقرير اللجنة، أنّ 50 فلسطينيًّا (العدد الفعلي للشهداء يزيد على 70 شهيدًا، وفق متابعة المركز الفلسطيني للإعلام) استشهدوا بالضفة والقدس برصاص الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 2022، وبلغت اعتداءات المستوطنين 200 اعتداء بالمتوسط، وسجل أكثر من 85% من هذه الاعتداءات ضد مجهول في شرطة الاحتلال، في إطار تجنب مجرد فتح تحقيق فيها.

 الأبارتهايد والهوية
ويؤكد طلال عوكل، المحلل السياسي، أن موضوع الأبارتهايد أهم عنوان يتعلق بالهوية الفلسطينية تحاول “إسرائيل” العدوان عليه؛ لأنه لا يتعلق بسياسة الاحتلال فقط بل بهوية “إسرائيل” في أرض 67 و48.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هناك مليونا فلسطيني في أرض 48 يجرى التعامل معهم بأبشع صورة وفق هوية دولة إسرائيل التي اختارت الهوية وتمارس سياسة عدوان وفقها”.

وحول سياسة سرقة الأراضي، أشار التقرير الحقوقي إلى أنّ الاحتلال واصل سرقة أراضي الفلسطينيين، وإخطار المنشآت بالهدم، وحسب تقرير مركز القدس، في مايو الماضي، فقد هدم الاحتلال 42 منشأة، منها منازل أسرى وشهداء، في إطار سياسات العقاب الجماعي.

ويشير المحلل عوكل أن الأهم هو انتقاد مؤسسات ومنظمات دولية مثل “هيومن رايتس ووتش ومجلس حقوق الانسان وأمنستي”؛ لأن الاحتلال يمارس عنصرية بأرض 67 وخارجها على الفلسطيني وغير الفلسطيني.

عزل الاحتلال
ويلفت صلاح عبد العاطي، الخبير الحقوقي، لأهمية تقارير المنظمات الدولية وتقارير مؤسسة “بيتسيلم” الإسرائيلية ومؤسسات فلسطينية تجمع على ممارسة الاحتلال بتصاعدٍ جريمة تمييز عنصري وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ويتابع  لـ”المركز الفلسطيني للإعلام: “واضح أن انتهاكات عديدة وانتهاكات حقوق الإنسان ومستقبل تلك القضايا، يجب أن يكون دافعاً لضمان عزل الاحتلال دوليا، وهذا لا يلغي حق المقاومة الشعبية بكل خياراتها”.

ولم تكن نكبة فلسطين عام 1948 سوى حلقة في مسلسل التطهير العرقي والتمييز العنصري، فالأمور مؤخراً آخذة في التصاعد بتواصل قضى على مستقبل التسوية وحل الدولتين بعد إصدار الاحتلال قديماً شهادة وفاة اتفاق أوسلو.

استثمار ضعيف

وتكمن أهمية نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في تحقيق المشروع الصهيوني، أنه أداة ذاتها؛ فالأيديولوجية الصهيونية “كولونيالية” وهدفها إحلالي تتطلب التطهير العرقي، وإلغاء هوية وتاريخ الفلسطيني.

وينكر مشروع الاحتلال الصهيوني وجود وتاريخ شعب أصلي فوق أرض فلسطين، لأنه يتعارض مع مخططات إنشاء وطن لليهود وفق أسطورة أرض الميعاد لـ”شعب الله المختار” في توظيف ديني من مؤسسي الصهيونية.

بعد 74 سنة من مشروع الاحتلال، تتواصل سياسات الأبارتهايد بتصاعد خطير لحسم المشهد مع هيمنة اليمين المتطرف على مقاليد الكيان كافة، مستفيداً من موازين القوى الراجحة لكفّته.

ويشدد المحلل عوكل على أهمية تفاعل المجتمعات الدولية في الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى بدأت تصف “إسرائيل” بدولة أبارتهايد، وتطالب بفتح تحقيقات.

المطلوب فلسطينيا -وفق الخبراء- استثمار هذه الإزاحة الإيجابية في مواقف مجتمعات ودول من “إسرائيل” لفضح ممارساتها العنصرية وتكوين رأي عام دولي ضاغط.

ورغم قتامة المشهد في ميل موازين القوى للاحتلال؛ إلا أن المحلل عوكل يرى أن المستقبل في ملف التمييز العنصري والأبارتهايد يمضي لمصلحة الفلسطينيين لشعب صمد فوق أرضه أمام مشروع استعمار سينهار مستقبلا من داخله.

عنصرية الاحتلال وممارساته المتطرفة، والتمييز في ملفات الأبارتهايد وتجاهل قرارات الشرعية الدولية، لن يتحملها المجتمع الدولي مستقبلاً، وسيعزلها كما وقع في جنوب أفريقيا.

ويصف الخبير عبد العاطي أهم صعوبات فضح التمييز العنصري الأبارتهايد الذي تقترفه “إسرائيل” في محاولة اتهام نشطاء حقوق الإنسان والحقوقيين وحركة المقاطعة بمعاداة السامية وعدم وجود مسار جاد حقيقي حتى الآن لمقاضاة “إسرائيل”.

ويتابع: “يفتقد الفلسطينيون لإستراتيجية وطنية تقفز عن استمرار وهم أوسلو التي أسقطها الاحتلال، ومطلوب برنامج وطني يجدد شرعية المؤسسات الوطنية، وينهي الانقسام، ويبدأ حراكا دبلوماسيا وقانونيا وشعبيا.

ولا يعد المجتمع الدولي الأبارتهايد جريمة مقتصرة على دولة جنوب أفريقيا؛ بل جريمة ممكن ارتكابها بأي دولة، لذا دور المجتمع الدولي، إن وجدت دولة تقترف الجريمة، أن يتخذ الإجراءات القانونية والإدارية والاقتصادية، مثل فرض العقوبات، والمقاطعة الشاملة، ومحاكمة الجناة.

واليوم؛ ونحن في عام 2022م تواصل “إسرائيل” تجسيد نسخة مطورة تضم آلاف النماذج لممارسات التمييز العنصري والأبارتهايد بما يفوق تجربة دولة جنوب أفريقيا، وتجتهد لتسكين تناقضات مجتمعها الداخلي بممارسة العدوان اليومي على الفلسطينيين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات