الجمعة 29/مارس/2024

الأمن والشبيبة فتنة للجامعات

د. يوسف رزقة

الجامعة أداة تعليم، وتعظيم الوعي، وترشيده. هكذا هي في دول العالم المتحضرة، وهو ما نفتقده أحيانا عندنا في جامعات بلادنا المحتلة!

الشرطة وأجهزة الأمن أدوات حفظ القانون وتنفيذه، وحماية حقوق المواطنين. هكذا هي في دول العالم المتحضرة. وهو ما نفتقده كثيرا في بلادنا المحتلة!

الإعلام سلطة رابعة من وظائفها نشر الوعي، ومراقبة الأداء الحزبي والسلطوي، ووسائل الإعلام تتمتع بحرية كاملة، وباحترام في كل دول العالم الراقية والمحترمة، وهو ما يغيب عن إعلام بلادنا ووسائله، حيث كسرت الشبيبة ورجال الأمن كاميرات الصحفيين لمنع نقل الصورة وفضح الجريمة.

حرية الرأي والتعبير من خلال الكلمة، والمقال، والمسرح، والوقفة الاحتجاجية والتظاهر، أمور يقررها القانون، وتحميها العدالة في كل دول العالم الديمقراطي، وهو لا يتوافر لنا ولا لطلبتنا في الجامعات بشكل محترم!

أول من أمس الثلاثاء ٧/ ٦/٢٠٢٢ م اعتدى موظفون في جامعة النجاح الوطنية بنابلس على ممثل الكتلة الإسلامية، واستولوا على جواله، وفي إثر ذلك نفذت الكتلة الإسلامية وقفة احتجاج ضد الاعتداء والمعتدين أمس الأربعاء ٨/٦/٢٠٢٢م خارج أسوار الجامعة، مع المطالبة بمحاسبة من اعتدوا على ممثل الكتلة، ورد الاعتبار للممثل. لم تمضِ ساعة على المجتمعين في الوقفة الاحتجاجية السلمية المتحضرة حتى هاجمهم أفراد من طلبة الشبيبة، ورجال من أمن السلطة يلبسون الملابس المدنية. اشتد الشجار وأصيب بعض طلبة الوقفة الاحتجاجية بإصابات مختلفة، وارتفعت درجة الاحتقان، في ظل دعوات لتوسيع الاحتجاجات، وتعطيل الدراسة، ومحاسبة المعتدين، وخاصة الموظفين منهم.

بعد ذلك، وتفاديا للتوسيع والتداعيات قررت إدارة الجامعة فصل (١٠) من الموظفين والطلبة المعتدين على الوقفة الاحتجاجية، وعلى حرية الطلبة في التعبير الحر المسؤول، وأصدرت الجامعة بيانا بالفصل، ووعدت بفصل من تثبت بالتحقيق إدانته؛ لمنع تكرار الحدث الجريمة.

موقف إدارة الجامعة في نظري جيد، ولكن لا يكفي؛ لأن رجال الأمن المعتدين لم يرد ذكرهم في بيان الجامعة، ولم تقرر إدارة الجامعة تقديم رسالة احتجاج للمسؤولين عن أجهزة الأمن لكي يحاسبوا المعتدين على الطلبة، ويمنعوا تكرار الاعتداء!

ما حدث ضد الوقفة جريمة اعتداء بدوافع حزبية، وانتقامية تستند للسلطة، والسكوت عنها جريمة أخرى، ومداهنة أجهزة الأمن وتحميل الجرم للشبيبة فقط عمل ناقص يضع إدارة الجامعة في دائرة الشبهة والاتهام.

الحياة الجامعية أنظمة، ووعي، وحرية، وذات خصوصية، لا تخضع لعصا رجل الأمن، ولا لفكر الشللية. الجامعة ليست شارعا، أو سوقا، أو منتدى خاصا للشبيبة، والخوف من أجهزة الأمن، أو مداهنة رجالها يؤسسان لاعتداءات جديدة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات