الجمعة 10/مايو/2024

هبّات القدس.. مقاومة متواصلة على طريق التحرير

هبّات القدس.. مقاومة متواصلة على طريق التحرير

ظلت مدينة القدس مشعلة الهبّات وموقدة الانتفاضات، تواجه هجمات الاحتلال المتواصلة، والمخططات الاستيطانية المتتابعة، وتقف بحجارتها العتيقة على أسوارها أمام سياسات الاقتلاع والتهجير، تذود عن الأقصى والمسرى من التهويد والتقسيم.

فمنذ احتلالها عام 1967، اندلعت الهبات والمواجهات دفاعًا عن القدس كمركز للاشتباك ومقاومة الاحتلال في فلسطين، مرورًا بهبة النفق وشرارة انتفاضة الأقصى، لتمتد في السنوات الأخيرة انتصارات عبر هبّات تصدّت لظلم الاحتلال وإجرامه، ومخططاته في المدينة والمسجد الأقصى.

نصرة الشهيد أبو خضير

كان عام 2014 مرحة مفصلية في هبات القدس، فبعد أن أقدمت مجموعة من المستوطنين على اختطاف الفتى المقدسي محمد أبو خضير وإحراقه، اندلعت هبة شعبية في القدس انتقلت إلى أماكن متعددة في فلسطين، لتنتهي بعدوان إسرائيلي على قطاع غزة.

ففي فجر يوم 2 يوليو 2014، خرج الفتى أبو خضير من منزله في شعفاط متوجهًا إلى المسجد لأداء صلاة الفجر بعد انتهائه من تناول سحوره، وفي الطريق أوقفته سيارة تقل ثلاثة مستوطنين، سألوه عن طريق “تل أبيب”، فاختطفوه وعذبوه ضربًا، وأجبروه على شرب البنزين، وأحرقوه حيًّا حتى الموت.

وعثر على جثة أبو خضير في أحراش قرية دير ياسين غرب مدينة القدس المحتلة، وأشعلت الجريمة هبة وموجة احتجاج ومواجهات واسعة.

هبّة القدس

في سبتمبر عام 2015، أصدر وزير حرب الاحتلال في حينه، قرارًا يحظر مصاطب العلم والرباط في الأقصى، وتبعه اعتداء على المرابطات وسحلهن في باحات الأقصى، ما أدى إلى اندلاع ما عرف بـ”انتفاضة السكاكين” أو “هبة القدس”.

واستمرت هذه الهبة حتى بدايات 2017، نفذ خلالها العديد من الشبان الفلسطينيين عمليات بطولية ضد قوات الاحتلال في القدس، والضفة الغربية، بالسكاكين والطعن والدهس، استشهد على إثرها العديد من المنفذين، في حين سجل مقتل 29 إسرائيليًّا، ونفذت 20 عملية دهس و88 عملية طعن، و84 عملية إطلاق نار على الجنود المستوطنين.

هبَة “باب الأسباط”

تعود شرارة هذه الهبّة الشعبية ليوم 14 يوليو 2017، حين نفذ ثلاثة شبان من أم الفحم عملية إطلاق نار بطولية عند باب حطة، واشتبكوا مع قوات الاحتلال داخل باحات الأقصى، واستشهدوا في صحن قبة الصخرة، وأسفرت العملية عن مقتل جنديين إسرائيليين.

على إثر العملية، أقدم الاحتلال على تركيب بوابات إلكترونية، لإرغام المصلين الدخول إلى المسجد الأقصى عبرها، فاندلعت موجة غضب مقدسية عبر “معركة البوابات”.

لمدة 14 يومًا اندلعت مواجهات حول المسجد الأقصى، وفي عدة مناطق بالقدس والضفة، وامتلأت بوابات المسجد والشوارع الخارجية منه بآلاف المرابطين، حتى أذعن الاحتلال لإرادة المرابطين، وأزال البوابات، وتمكن الفلسطينيون من أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، في مشهد احتفالي بالانتصار الذي حققوه على الاحتلال وسياساته.

هبّة “باب الرحمة”

بعد 13 عامًا على إغلاقه، حقق المقدسيون انتصارًا على الاحتلال في شباط/فبراير 2019 في هبة “باب الرحمة” في المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، وتمكنوا من فتح مبنى مصلى باب الرحمة.

واندلعت الهبة بعد إغلاق الاحتلال الباب المؤدي إلى المصلى الذي أغلق عام 2003، بسبب إعادة المقدسيين فتحه والصلاة فيه، ما أدى إلى قيام شبان بخلع الأقفال، ووقعت اشتباكات داخل المسجد، وتحول موقع باب الرحمة إلى ميدان مواجهة، واعتُقل عدد من المقدسيين وحراس المسجد، وصدرت بحقهم أوامر إبعاد.

ولم تطل المواجهات بشأن الباب الواقع في المنطقة الشرقية من الأقصى، والذي يسعى الاحتلال لاقتطاعه لصالح التقسيم الزماني والمكاني وتحويله إلى مصلى لليهود داخل الأقصى.

وعقب بدء المواجهات بخمسة أيام، توجه الآلاف من سكان القدس المحتلة، إلى باب العمود، وأدوا صلاة الجمعة فيه، في خطوة شكلت إعلانًا عن رفض إعادة إغلاقه، وبقي مفتوحًا حتى اليوم رغم استفزازات قوات الاحتلال المستمرة بالمصلين فيه.

باب العامود و”سيف القدس”

بعد تصاعد اعتداءات قوات الاحتلال في القدس المحتلة بوضع حواجز حديدية في باب العامود، ومساعي تهجير أهالي حي الشيخ جراح، واقتحامات الأقصى، اندلعت هبة “باب العامود” في رمضان 2021، تضامن فيها المقدسيون مع الشيخ جراح، واشتبكوا مع الاحتلال في ساحة باب العامود.

ومع تواصل انتهاكات الاحتلال ودعوات “مسيرة الأعلام”، أطلقت كتائب القسام التحذير الأخير على لسان قائد هيئة الأركان محمد الضيف “أبو خالد”، وجاء فيه: “إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليًا”.

بعد رفض الاحتلال الاستجابة لمهلة المقاومة، وفي تمام الساعة السادسة من مساء الاثنين العاشر من مايو، وجهت كتائب القسام رشقة صاروخية نوعية تجاه مواقع العدو في القدس المحتلة، إيذاناً ببدء معركة “سيف القدس” التي انتصرت فيها المقاومة للقدس والأقصى.

وتحولت المعركة إلى هبة ومقاومة امتدت في كل مناطق فلسطين، توحدت فيها ساحات القدس والضفة الغربية والداخل المحتل، عبر مواجهات مشتعلة في كل نقاط التماس مع الاحتلال.

وعلى إثر مقاومة غزة خلال “سيف القدس” وهبات المقدسيين والمنفضين في الضفة والداخل المحتل، أعلن الاحتلال في بداية يناير من العام الحالي عن تراجعه عن إخلاء منزل فلسطيني في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة.

وما زالت القدس حاضرة في هباتها ومواجهتها للاحتلال وسياساته التهويدية في المدينة والمسجد الأقصى المبارك، هبات متواصلة ومقاومة مستمرة حتى النصر والتحرير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات