الثلاثاء 07/مايو/2024

من المناضلة اليابانية فوساكو شيغينوبو؟

22 عامًا من حريتها دفعتها المناضلة اليابانية فوساكو شيغينوبو ثمنًا لنضالها ودعمها القضية الفلسطينية، قبل أن تتنسم ربيع الحرية وسط احتفاء فلسطيني استثنائي.

وغادرت فوساكو شيغينوبو (76 عاماً) سجنها في طوكيو -السبت- بعد قضائها عقوبة بالسجن 20 عامًا لإدانتها باقتحام السفارة الفرنسية في هولندا عام 1974، في إطار النضال الذي كان شائعًا رفضًا للإمبريالية ودعمًا للقضية الفلسطينية.

ومن منطقة لأخرى انتقلت شيغينوبو تحمل في وجدانها هدف النضال ودعم الحرية، دون أن تضع الجغرافيا حاجزاً بينها وبين تحقيق هذه الغاية.

ولدت شيغينوبو في اليابان عام 1945، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لتُعرف بميولها اليسارية ومناهضتها لكل أشكال الإمبريالية، التي تجلت من خلال مشاركاتها في الحركات الطلابية الاحتجاجية في الجامعة.

اليسار الثائر
مع نهوض الحركات اليسارية في اليابان بدأت تظهر مجموعات مسلحة يابانية يسارية، قررت مواجهة السلاح بالسلاح، لذا أسس قائد الحركة الطلابية، تكايا شيامي، فصيل الجيش الأحمر الياباني الذي تأثر بالثورة اللينينية والأفكار الماركسية، وكانت شيغينوبو عضواً أساسياً فيه.

أولى نشاطاته كانت مناهضة الحرب الأميركية على فيتنام، والاعتراض على سياسة اليابان الرأسمالية واليمينية، حيث كان اتفاق اليابان مع الولايات المتحدة ودعمها للحرب على فيتنام الشرارة الأول للتظاهرات المناهضة عام 1960، لكن الشرطة استطاعت قمعها، فوجد الناشطون أنّ الثورة من داخل اليابان ستكون مستحيلة، لذا تطلعوا إلى تأسيس قواعد خارج اليابان.

وربما كان هذا السبب الذي دفع فوساكو شيغينوبو إلى مغادرة اليابان والسفر نحو بيروت، خاصةً أنّ شيامي أشاد بشجاعتها وقدرتها على جمع المعلومات من خلال نشاطها وسفرها حول العالم.

النضال مع فلسطين؟

ذاع صيت شيغينوبو خلال السبعينيات والثمانينيات، عندما شنت جماعتها اليسارية هجمات مسلحة في جميع أنحاء العالم دعماً للقضية الفلسطينية.



ووصلت شيغينوبو العاصمة اللبنانية بيروت عام 1971، وتطوعت في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لتحمل اسماً مستعاراً في بيروت، وهو “مريم”، حيث استطاعت أنّ تثبت نواياها في دعم النضال الفلسطيني للقيادة في الجبهة، بالرغم من صعوبات التواصل التي تجسدت في اختلاف اللغات، وعدم إتقانها العربية.

والتقت مع الناطق باسم “الجبهة الشعبية” والكاتب غسان كنفاني، وعملت معه في دائرة الإعلام المركزي، وانضمت إلى صفوف “الجبهة”، لتشارك في صناعة أفلام ومواد إعلامية خاصة بالجبهة، كما ترجمت العديد من المواقف والوثائق السياسية للجبهة إلى اللغة اليابانية.

بعد عام في بيروت انشقت شيغينوبو عن الجيش الأحمر في اليابان، بسبب تغير في ممارساته وابتعاده عن الأفكار الثورية، وقررت أن تدعم الفلسطينيين لتطبيق شعارات الثورة ومبادئها من خلال النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من لبنان.

عملية “مطار اللد”
ارتبط اسم شيغينوبو بعملية مطار اللد التي حدثت مجرياتها عام 1972، حيث اتهمت بالتخطيط للعملية التي نفذها 3 فدائيين يابانيين، وصلوا مطار اللد على متن طائرة للخطوط الجوية الفرنسية، وما إن نزلوا أرض المطار حتى اندلع اشتباك بينهم وقوات الاحتلال الذين قتل منهم 26 شخصاً وجرح العشرات، مع سقوط 2 من منفذي العملية وإلقاء القبض على الثالث.

ووجهت عملية مطار اللد التي نفذت ضمن فرع العمليات الخارجية للجبهة الشعبية ضربة أمنية كبيرة للاحتلال، بسبب الخرق الأمني الذي حصل، وكيفية وصول الأسلحة إلى داخل المطار، فقد تمكن منفذو العملية من إخفاء أسلحة رشاشة وقنابل في حقائبهم، وبعد استلامها داخل المطار، فتحوا نيرانهم صوب المسافرين الإسرائيليين.



وجدت فوساكو نفسها الناطق الرسمي باسم مجموعة اليابانيين بعد أن فقدت أقرب أصدقائها خلال عملية اللد، وأصبحت اليابانية الوحيدة ضمن مجموعة الثوار المتبقية في لبنان، هدفاً للإسرائيليين، لذا اضطرت إلى التخفي.

أسست شيغينوبو عام 1974 الجيش الأحمر الياباني ومقره لبنان، وسرعان ما نفذ 3 من أفراده عملية اقتحام السفارة الفرنسية في لاهاي في هولندا، واحتجزوا السفير وعددا من الدبلوماسيين بهدف مبادلتهم برهين ياباني محتجز.

اتهمت المناضلة اليابانية بقيادة هذه العملية، وأصدرت اليابان بحقها مذكرة دولية، وفي عام 2000 وصلت طوكيو، واعتقلت، وفي العام التالي خلال محاكمتها أعلنت حل الجيش الأحمر.

وعام 2006 حُكم عليها بالسجن بتهمة عملية الاقتحام، وحوزتها على جواز سفر مزور، وأنكرت دورها بالتخطيط للعملية وحسب محاميتها فلا دليل لتورطها، حيث كانت شيغينوبو حاملاً حينها، والجبهة الشعبية تمنع نشاط الحوامل السياسي والعسكري خلال حملهن.

يذكر أنّ شيغينوبو تزوجت خلال وجودها في لبنان من قيادي عسكري في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأنجبت ابنة اسمتها “ماي” تيمناً بشهر أيار/مايو الذي جرت فيه عملية مطار اللد.

وفي مقابلات صحافية قالت “ماي”: إنها كانت مضطرة دائماً لإخفاء هويتها عن الجميع، بسبب طبيعة عمل والديها، ونشاطهما ضد الاحتلال الإسرائيلي، خاصةً بعد أن أصبح اليابانيون أهدافاً مباشرةً للاحتلال بسبب عملية اللد التي أسفرت عن مقتل العشرات من قواته.

وباركت حركة “حماس” الإفراج عن المناضلة شيغينوبو. 

وأكد الناطق باسم الحركة جهاد طه أن انتصار المناضلة لفلسطين سيبقى في سجل الشرفاء وأحرار العالم العظماء الذين انتصروا لعدالة القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة من احتلالٍ فاشيّ عنصريّ مجرم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات