الإثنين 29/أبريل/2024

ستة إنجازات لمقاومة 22 المستمرة

ناصر ناصر

الميدان والمقاومة والشعب الفلسطيني يفرض ما فشلت قيادة المقاطعة في فرضه، أو أسهمت بضعفها في عدم فرضه، إن لم نقل لم ترغب هذه القيادة في فرضه أصلاً، وهو أن قضية الشعب الفلسطيني المظلوم هي قضية عادلة، ولا يمكن لأحد أن يتجاهلها، فقد شكلت هذه المقاومة -لاعتداءات “إسرائيل” المستمرة وخصوصاً على المسجد الأقصى- رافعةً متينةً للقضية الفلسطينية برمتها، وأجبرت “إسرائيل” والعالم على التعامل معها، فلا أمن ولا استقرار بدون تحقيق الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني الجريح، حتى وإن طبّعت بعض الأنظمة العربية، وتعاونت قيادة المقاطعة أمنياً مع الاحتلال، واستمرت حركة عربية إسلامية في دعم ومساندة وحماية الائتلاف الحكومي في “إسرائيل”، فالشعب والمقاومة هما من يقرر ويحدد الأجندة، وهذا هو النجاح الأول لمقاومة وهبّة 2022، والتي بدأت بعمليات طعن فردية، وتستمر بصورة أكثر تنظيما حالياً.

إسرائيلياً وإقليمياً احتلت أخبار المقاومة في القدس والضفة وكل أنحاء فلسطين عناوين الأخبار بعد أن كان الموضوع الأوكراني في الطليعة، وهو أمر يضر بمصالح “إسرائيل”، ومصالح أمريكا في المنطقة والعالم، وقد يفيد بعض الشيء بوتن وحملته على أوكرانيا (ومصائب قوم عند قوم فوائد).

والأهم من ذلك كله هو أن تنجح قيادات الشعب الفلسطيني “المقاومة” في استثمار هذه الأحداث لتحقيق إنجازات سياسية لمصلحة القضية الفلسطينية ومقاومتها المشروعة ضد الاحتلال، خاصة في المسألة الأهم حالياً وهي: حماية المسجد الأقصى من تغول قطعان المستوطنين و(ابن غفير)، وقد حققت فعلاً إنجازاً على شكل تراجع مسار (مسيرة الأعلام) وهذا إنجاز ثانٍ لهذه المقاومة.

أما ثالثاً: فقد فاجأت صواريخ غزة -20/4- قيادة الاحتلال، فبعد ما ظنوا أن مسألة (مسيرة الأعلام) الاستفزازية قد مرت بفهم وإدراك فلسطيني وحمساوي أنه تم تحقيق انتصار في الوعي -على الأقل- من خلال إجبار مجموعات يهودية إرهابية ومتطرفة بتغيير المسيرة، جاء صاروخ واحد من غزة ليربك الاحتلال قيادةً وشعباً، فقيادة “إسرائيل” المتفاجئة في الفترة الأخيرة لا ترغب أن تدرك بأن المشكلة ليست في مسار المسيرة فحسب؛ بل في كل ممارسات الحكومة الفاشية، ومعارضتها النازية في “إسرائيل” وخصوصاً الاستيطان والاعتداء على مقدسات المسلمين، ومحاولة اقتسامها مع الإرهاب اليهودي.

رابعاً: نجح تكتيك المقاومة في قطاع غزة في (التدخل الصاروخي المحدود والمعدود، وفي اللحظة المناسبة) التي بدا فيها وكأن مقاومة الضفة والقدس قد بدأت تستنفذ وسائلها في ظل بلوغ الاستفزاز الإسرائيلي حده، وتجاوز ضعف القيادة الفلسطينية الرسمية في المقاطعة، وفي ائتلاف حكومة إسرائيل التصور، نجح هذا التدخل المناسب -على الأرجح- في تحطيم محاولات “إسرائيل” للتفريق بين الساحات، وهي سياسة واستراتيجية مركزية للاحتلال في مواجهة الشعب الفلسطيني، فهي لا تريد أن يتكرر سيناريو (سيف القدس) السنة الماضية، ولا يعني ذلك بأن مصلحة الفلسطينيين –الآن- هي أن تخوض غزة حرباً واسعة، وإنما أن تشارك -ولو بالحد الأدنى- كما تم حتى الآن أي: (شكل محدود ومعدود) لتحافظ أيضاً على الردع، وهذا مصلحة تتقاطع حالياً مع مصلحة الاحتلال والذي يخشى المزيد من التصعيد.

خامساً: لو سكت الفلسطينيون، أو واجهوا “إسرائيل” بضعف لسكت العالم ومنه العربي والإقليمي، ولكن مشاهد الفلسطينيين وهم يدافعون بصدورهم العارية عن مسجدهم المبارك، ويدفعون ثمناً لذلك دماءهم ومُقَل عيونهم -نيابة عن الأمة جميعها-، أجبرت حكام وأنظمة على التدخل بقوة، خاصة التدخل الأردني المتميز في زمن التخاذل العربي، وقد وصل الأمر لاحتجاج إماراتي فاجئ “نفتالي بينيت” بنفسه، وصل لدرجة إلغاء المشاركة في احتفالات قيام دولة “إسرائيل” على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني في (نكبة 48)، كذلك احتجاج وتحذير تركيا ،فأدرك الإسرائيليون حينها أنهم قد وحدوا “بحماقاتهم” الساحات؛ بل وتم ضم ساحة إقليمية خارجية جديدة.
سادساً: كغيرها من الأحداث الجسام شكلت هبّة الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم وعن مقدساتهم، أو ما يمكن تسميته (بانتفاضة 2022) كاشفًا للمواقف؛ ففضحت قوماً، وأظهرت أصالة وبطولة آخرين.

فعلى قمة الطرف الأول: تربعت القيادة الهرمة والهشة (لعباس – الشيخ) في المقاطعة، يليها منهج التأثير والمشاركة على نمط (إن جيت على قوم بعبدوا عجل حِش واطعمه) الذي يتبناه “منصور عباس” وحركته الجنوبية، وعن ضعف المواقف الرسمية العربية والإسلامية، ونفاق حكومات الغرب الليبرالي فحدث ولا حرج.

أما الأصالة والبطولة: فقد تجسدت في نهج الفلسطينيين المتجدد والمتصاعد، رغم كل المؤامرات وهو الوحدة الوطنية الواسعة في مقاومة الاحتلال، وكذلك الحرص على تضامن إنساني واسع.

أخيراً: وطالما تنجح المقاومة الفلسطينية في تحقيق نقاط رغم ضعفها وقلة إمكانياتها، طالما فشلت “إسرائيل” رغم عنجهيتها ومساندتها من قبل أمريكا والغرب، فهي عملية تراكمية طويلة وشاقة، ولكنها الطريق الوحيد إنسانياً وقانونياً وأخلاقياً، ومن حيث النجاعة والفعالية أيضا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات