الجمعة 10/مايو/2024

كيف يعيش الأسرى أجواء رمضان؟

كيف يعيش الأسرى أجواء رمضان؟

مع ثبوت هلال شهر رمضان كل عام .. تتفتح جراح الأسرى من جديد، وتترك في كل زاوية بصمة ألم، حيث موائد السحور والإفطار والجمعات العائلية وصلة الأرحام في شهر الخير، تفتقد ابتساماتهم وظلهم.

“قدس برس” استعرضت بعض شهادات أسرى محررين، عايشوا المعاناة وألم الفراق من داخل سجون الاحتلال خلال الشهر الفضيل، كيف يعيشونه؟ ماذا يتسحرون؟ وما هو إفطارهم؟

تؤكد شهادات الأسرى المحررين، أن نهار المعتقلين يبدأ قبل الفجر بساعات، حيث ينهض بعضهم لأداء صلاة قيام الليل، بأكف مرفوعة لنيل الرحمة والفرج القريب، والخروج من جدران البعد وأسلاك الألم، التي تحرمهم من أن تكتحل أعينهم برؤية الأرض التي قدموا من أجلها أجمل سني عمرهم، والتي عليها يجتمع الأهل والأحبة.

يتوزع الأسرى في مجموعات داخل غرف كعائلة واحدة، ويجتمعون ليعدوا السحور الذي يكون خفيفاً نوعاً ما، والذي يتكون عادة من الألبان والحليب والماء. بعدها يؤدون صلاة الفجر جماعة، ويجتمعون لقراءة المأثورات الجماعية، ثم يتوجهون للنوم.

يستيقظ الأسرى في اليوم عدة مرات، أولها يكون بالعدّ الصباحي، وبعدها للفحص “دق الشبابيك”، ويعيشون خلال يومهم مع القرآن والتسبيح والقراءة والخروج للساحة للتنفس، ويستمرون هكذا حتى صلاة المغرب، فيتحضرون قبلها لجلسة جماعية من أجل قراءة المأثورات والأدعية، ثم يُرفع الأذان، فيفطرون على تمرة، ويذهبون للصلاة، ثم يبدؤون بالإفطار الجماعي.

طعام الأسرى.. الحاجة أم الاختراع

تؤكد روايات الأسرى المحررين الذين عايشوا شهر رمضان في سجون الاحتلال، أن المعتقلين يبتكرون نظام طعامهم الخاص من المواد القليلة التي تتيحها لهم إدارة السجون، والتي على شُحِّها يصنعون منها العجائب، فيسخرون من واقعهم، ويتحدون مرارته، ويعيشون حياتهم رغم المحنة والمعاناة.

تتشابه أسماء الأكلات التي يعدها الأسرى داخل السجون، مع تلك الأسماء المعروفة خارج السجن، لكن في الحقيقة لا تشابه بين تلك الأكلات إلا بالاسم فقط، ومع اختلاف كبير في المكونات لقلة المتوفر منها.

فمثلاً يعد الأسرى “الكنافة” بطريقة مختلفة عن تلك التي تُصنع في الخارج، حيث يصنعون العجينة من الخبز، فيقطعونه قطعاً صغيرة جداً، ويسحقونها ثم يوضعون الزبدة والكركم لإعطاء لون للعجينة بدل الصبغة، والقرفة لإضفاء نكهة عليها، ويخلطونها معاً، ثم يتم وضع العجينة على بلاطة تعطي حرارة بدلاً من وضعها على النار أو الفحم، وذلك لأن استخدام النار والغاز ممنوع داخل السجن.

بعد خلطها جيداً، ودهنها بالزبدة، يفردون العجينة داخل الصينية، ثم يضعون طبقة من الجبنة الصفراء، أو جبنة بيضاء تُصنع داخل السجن، ثم يضعون فوقها طبقة جديدة من عجينة الخبز المخلوط، يضغطون عليها كي تتماسك، ثم يتم تحميرها، ويعدون القطر ويضعونه عليها، ثم يرشون الفستق فوقها.

العصير.. والقطايف
يقشّر الأسرى الجزر ويبشرونه لقطع صغيرة، ثم يضعونه في الماء والسكر لفترة زمنية تتراوح من 8-10 ساعات، ثم يضعونه في “جراب جديد” وعصره بالكاسات.

أما القطايف، فيُحضر الأسرى شعيرية ويتم نقعها مع الحليب لمدة ساعتين، ثم يضعون نصف كاسة كولا (لأن الكولا تعمل عمل الخميرة)، ثم يصفونها جيداً ويتركونها مدة كي تختمر، وبعدها يسكبونها كأقراص في مقلاة، وعندما تجهز تلك العجينة التي تحاكي عجينة القطايف، يحشونها بجوز الهند والسكر أو عجوة تمر أو الجبنة الصفراء.

الصيادية “السمك والأرز”
يضع الأسرى في الطنجرة معلبات “التونة” بدلاً من السمك، بعد تصفيتها من زيتها، دون القيام بتفتيتها، ويضعون فوقها الذرة، ثم يضعون الأرز المنقوع والمخلوط مع عصفر، ويسكبون فوقها ماء ويتركونها حتى تنضج. وأحياناً يضيفون البطاطا والبصل والثوم.

ويقص رغيف الخبز إلى جزأين، ثم يضعون صلصة بندورة على الرغيف، ويفردون عليها خلطة مكونة من التونة والذرة والفطر والبصل، ثم يضعون قطعاً من الجبنة الصفراء فوقها، وتشوى تحت بلاطة الحرارة.

القدرة “المدفونة”

يسلق الدجاج بعد تنظيفه ونقع الأرز مع العصفر، يوضع الدجاج المسلوق في الطنجرة ويوضع فوقه الأرز وقليل من الماء ويُترك على نار هادئة حتى ينضج. بعدها يسكبون السمنة فوق الأرز لإضفاء نكهة القدرة، علماً أن السمنة تصنع داخل السجن، وتتكون من الزبدة وزيت الزيتون والميرمية والعصفر والشومر.

يحضر الأسرى صفحة من جريدة ويضعونها فوق الطنجرة، ويحرقون الجريدة من النصف وينفخون الدخنة داخل الأرز، ويحصلون على نكهة الدخنة التي تميز طعم القدرة.

البوظة

ويصفى لبن الشيمينت من الماء، وتوضع عليه ملعقة بودرة النسكافيه البيضاء، وملعقتا سكر، وتخلط جيداً، ثم يخلطونها بقليل من مربى الفراولة وتصبح الطبقة الأولى جاهزة، ثم يضعون طبقة ثانية بخلط الشيمينت بملعقة شوكو، بعدها يطحنون مكسرات فوقها ويضعونها في الثلاجة كي تبرد.

بهذه المكونات البسيطة، والتي لا تمت لمكونات الطبخة الصحيحة بأي صلة، يصنع الأسرى أطباقهم التي يشتهونها، مع علمهم أن لا غنى ولا مقارنة بين وجباتهم التي يخترعونها، وبين الطعام الذي تعده والدة أسير أو زوجته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات