الإثنين 06/مايو/2024

بين فلسطين وأوكرانيا.. المجتمع الدولي يتعرى أمام ازدواجية المعايير

بين فلسطين وأوكرانيا.. المجتمع الدولي يتعرى أمام ازدواجية المعايير

لا يزال التمييز العنصري الإسرائيلي يفجر جملة من التساؤلات الفلسطينية حول ازدواجية المعايير في موقف المجتمع في التفريق بين ما يجرى من انتهاكات صهيونية ضد الفلسطينيين، وما يجرى في أوكرانيا من موقف دولي يتبنى الرواية الأوكرانية ضد العدوان الروسي.

وكان النائب الإيرلندي ريتشارد بويد، قد انتقد في فيديو مصور ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة، في فرض العقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في غضون خمسة أيام، في حين لم تفرض أي عقوبات على “إسرائيل” التي تمارس انتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين منذ سبعين عاماً.

وقال بويد: “خلال خمسة أيام، فرض العالم عقوبات كثيرة على الرئيس الروسي، لكن بعد 70 عاماً من قمع الفلسطينيين، لم يقُم القادة بالإجراءات ذاتها ضد إسرائيل، بدعوى أنه من غير المفيد فرض عقوبات على تل أبيب”.

وفي السياق ذاته انتقدت النائب في برلمان المملكة المتحدة جولي إليوت، بالازدواجية في تعامل الغرب مع فلسطين وأوكرانيا، وقالت: “إن العالم يعاقب روسيا لاحتلال أوكرانيا، لكن الفلسطينيين يسألون لماذا لا نفعل شيئاً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لهم، ومن الضروري الاعتراف بهم دولةً، وهو الحد الأدنى لحقوقهم”.

وقبل نحو شهر أصدرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” تقريراً قالت فيه: إن تحقيقاً جديداً دامغاً أكّد أنّه ينبغي مساءلة السلطات الإسرائيلية على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وبيّن التحقيق بالتفصيل كيف أن “إسرائيل” تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه، وهو ما يشمل الفلسطينيين المقيمين في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى.

ودعت المنظمة، المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما ناشدت جميع الدول ممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.

مبدأ المصلحة

أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت، ياسر العموري، أكّد أنّ العلاقات الدولية للأسف الشديد تقوم على مبدأ المصلحة أكثر مما تقوم على المعايير القانونية والدولية التي تدعو إلى عدم التمييز بين الدول، رغم أنّ عدم التمييز هو مبدأ من مبادئ الأمم المتحدة التي أقرها المجتمع الدولي.

وقال العموري، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ الأمر يظهر جليًّا واضحاً عند الممارسات العملية والتطبيقية؛ حيث نجد أنّ كثيراً من الدول لا تحدد علاقاتها استناداً إلى مبادئ القانون الدولي بقدر ما تراعي في علاقاتها موضوع المصلحة معيارا سياسيا وليس قانونيا.

وأكّد أستاذ القانون الدولي أنّ الاحتلال يجيد التعامل مع نظرية المصلحة مع الدول أكثر مما يجيده العرب، مضيفاً: “هذا يظهر من خلال أن هناك ازدواجية في معايير تطبيق أحكام وقواعد القانون الدولي، وتحديداً في مجال التمييز العنصري، وهو قائم ما قبل أن تكشف عنه مؤسسات حقوقية وازنة ومهمة مثل ما جاء في التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية، والتقرير الذي سبقه لمنظمة هيوامن رايتس واتش، وحتى تقرير المؤسسة الحقوقية الإسرائيلية “بتسيلم”.

وشدد العموري على ضرورة فهم المعادلة السياسية في تعامل الدول مع بعضها، حيث تحكمها المصلحة السياسية والاقتصادية، “لهذا نفهم وقوف المجتمع الدولي إلى جانب أوكرانيا ضد الروس”. 

قانون عنصري

وكتب رئيس المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، مقالاً جاء فيه أن القانون الذي أقره الكنيست الإسرائيلي الذي يمنع الفلسطينيين المقيمين في القدس أو في أراضي 1948 من ضمّ أزواجهم أو زوجاتهم إلى مكان سكنهم، وبالتالي يحرم آلاف الأزواج والزوجات الفلسطينيين وأبناءهم حق العيش المشترك ضمن عائلتهم الواحدة في مكان سكنهم، يأتي في إطار ترسيخ نظام الأبرتهايد والتمييز العنصري الإسرائيلي.

وأكّد البرغوثي أنّ الغرض من هذا القانون ممارسة التطهير العرقي التدريجي ضد الفلسطينيين؛ بوضعهم في ظروف قاسية، وربما مستحيلة؛ لإجبارهم على ترك القدس أو المدن الفلسطينية في الداخل أو فلسطين بكاملها، والهدف الثاني تكريس منظومة التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، وتقنينها.

وقال: “ذلك كله يجرى في حين تفتح فيه الأبواب على مصراعيها لكل يهودي يريد القدوم إلى فلسطين، بمن في ذلك اللاجئون اليهود من أوكرانيا الذين يمنحون حق المواطنة في مطار اللد فور وصولهم، ويمنحون حقّ الإقامة، ليس فقط في أراضي عام 1948، بل والانضمام إلى الاستيطان المخالف للقانون الدولي في أراضي القدس والضفة الغربية، المسلوبة بالقرصنة والقمع من أصحابها الفلسطينيين”.

أنظمة صهيونية

الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين العواودة، قال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ الأنظمة الغربية عموماً هي أنظمة صهيونية في جوهرها، داعياً إلى حشد كل الجهود في اتجاه وعي الشعوب الغربية التي تعكس إرادتها عبر صناديق الاقتراع.

وأشار العواودة إلى ضرورة التفاعل الفلسطيني على كل المستويات لربط صورة ما يجرى في أوكرانيا بما يجرى في فلسطين، وإظهار صورة الأطفال تحت القصف في غزة، وإرفاق صورة الدبابة الروسية إلى جانب صورة الدبابة الإسرائيلية.

وأوضح أنّ الغرب اليوم اصطدم من تلقاء نفسه مع الازدواجية، وهو الآن يراجع نفسه، ولكن ليس بشأن فلسطين تحديداً، وإنما عموم المسلمين واللاجئين، وقال: “دورنا -الفلسطينيين- أن تبرز قضيتنا في كل المحافل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات