عاجل

الإثنين 06/مايو/2024

إضراب الأسرى.. معركة بالأمعاء الخاوية لانتزاع الحقوق

إضراب الأسرى.. معركة بالأمعاء الخاوية لانتزاع الحقوق

بسلاح الأمعاء الخاوية، يستعد الأسرى الفلسطينيون لمعركة جديدة مع سجانهم الصهيوني؛ لانتزاع حقوقهم الأساسية.

وقررت “لجنة الطوارئ الوطنية العليا للأسرى” الفلسطينيين في سجون الاحتلال، الشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام في 25 آذار/ مارس الجاري حتى تحقيق مطالبها الشرعية.

وقالت اللجنة المنبثقة عن جميع الفصائل الفلسطينية، في بيان لها: “مع تعنت الاحتلال عبر إدارة السجون، وعدم الاستجابة لمطالبنا بوقف إجراءاته بحقنا، فإننا ماضون في معركتنا حتى النهاية لنيل حقوقنا وحريتنا”.

وتأتي هذه الخطوة وفقا للجنة الطوارئ الوطنية العليا للأسرى في السجون؛ رفضًا للهجمة المضاعفة التي تنفذها إدارة السّجون بحقّهم، ويتمثل هذا الاستعداد بعملية التعبئة التي بدأت وكذلك إقرار قوائم الأسرى المشاركين.

وبدأ الأسرى فعليًّا في إعداد قوائم بأسماء من سيشاركون في الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي تقرر مع تراجع إدارة سجون الاحتلال (خلال جلسة “حوار” عقدت مؤخرًا) جزئيًّا عن بعض إجراءات التضييق التي فرضتها على نظام الخروج إلى ساحة السّجن “الفورة”، ليوصل الأسرى رسالة رفض محاولة حصر مطالبهم الأخرى في قضية “الفورة”، ورفض محاولة إدارة السّجون التنصل من بقية المطالب.

إضراب جماعيّ
ويؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، أن إضراب الحركة الأسيرة الجماعي المفتوح عن الطعام المقرر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري لا يزال قائما، خاصة في حال استمرت إدارة السجون في تعنتها بالاستجابة لمطالبهم.

وأشار أبو بكر، في تصريحٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إلى أن الأوضاع في سجون الاحتلال لا تزال متوترة نتيجة الخطوات التي نفذتها إدارة السجون بحق الأسرى، مشيرًا إلى أن الاحتلال غير معنيّ باستتباب الأوضاع داخل السجون سواء على المستوى السياسي أو الأمني.

وشدد على أن الأسرى لم يصدروا أي موقف للتراجع عن الإضراب حتى اللحظة وهم مستمرون في هذه الخطوة.

وقال أبو بكر: “إن أي خطوة يفعلها الأسرى سنكون داعمين لها ومساندين لها، وسنكون مع الأسرى في أي موقف يقومون به سواء على صعيد التحرك الشعبي أو القانوني أو الدولي”.

وأضاف أن “سلطات الاحتلال بدلا من أن تخفف من إجراءاتها فهي تُصعّد، خاصة بعد إعلان الأسرى خوض الإضراب عن الطعام في الـ25 من الشهر الجاري، وكأنها تحاول الدخول معهم في تحدٍّ”.

وفي الإضراب عن الطعام، يمتنع الأسرى عن تناول الطعام، ويخرجونه من أقسامهم، ويبلغون إدارة السجون بقرارهم، ويعتمدون على الماء والملح، لتكون أمعاؤهم الخاوية سلاحهم لانتزاع الحقوق المسلوبة.

وأصبح الإضراب عن الطعام جزءاً ثابتاً من حياة الأسرى؛ ويلجؤون له بعد وصول انتهاكات الاحتلال مرحلة بالغة من السوء؛ يفضل معها الأسرى الامتناع عن الطعام وصولا إلى الشهادة؛ على المعاملة المشينة التي يتعرضون لها، مثل انتزاع مكتسبات تاريخية، والبقاء في العزل الانفرادي لمدد طويلة، والتفتيش العاري المهين، والحرمان من النوم، والضرب المبرّح، والمداهمات المتكررة، والحرمان من الزيارة أو الفورة.

مطالب الأسرى
ونشرت هيئة الأسرى رسالة مسربة من داخل سجون الاحتلال، يعدد فيها الأسرى مطالبهم، وأبرزها: “إلغاء جميع القوانين والعقوبات التي فرضت بعد عملية سجن جلبوع، وتركيب الهاتف العمومي في مشفى الرملة وسجن الدامون لدى الأسيرات، وإعادة أغراض الكنتينة التي منعت، وإعادة إدخال الأطفال والأشبال”.

كما تشمل المطالب “البدء بزيارات غزة، وإعادة الزيارة الثانية، وإلغاء العقوبات الجماعية، وإلغاء العقوبات التي فرضت على أسرى حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، وتحديث وتطوير آليات العلاج في مشفى الرملة، ومتابعة قضايا المرضى في السجون كافة”.

سياق الإضراب
ويوضح الباحث في شؤون الأسرى رياض الأشقر، أن الأوضاع في السجون بدأت بالتوتر الكبير بعد أحداث نفق الحرية “جلبوع”.

ويؤكد الأشقر في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الاحتلال كثف مضايقاته للأسرى؛ في محاولة منه لاستعادة هيبته وسياسة الردع مرة أخرى وعقاب الأسرى، وإيصال رسالة أن أي عملية هرب ستؤدي إلى نتائج سلبية وكارثية على أوضاعهم المعيشية.

رياض الأشقر

وأشار إلى أن إدارة السجون بدأت منذ ذلك الوقت بمضاعفة العقوبات بحق الأسرى، منبهًا إلى أن الأسرى ومنذ ذلك الوقت شرعوا في خطوات نضالية لوقف هذه الهجمة بحقهم.

وذكّر بأن أسرى الجهاد حينها خاضوا 11 يومًا من الإضراب بمشاركة ما يقارب 400 أسير، كما أقدم الأسرى على حرق الغرف وتصعيد كبير خلال سبتمبر وأكتوبر الماضيين.

وتابع: “الأوضاع عادت كما كانت عليه قبل نفق الحرية، حيث نفذت إدارة السجون بعض مطالب الأسرى مثل: إخراج بعض الأسرى من العزل، وأوقفت قرار حل تنظيم الجهاد الإسلامي، وأعادت بعض الكهربائيات، وبدأت الأمور تستقر إلى أن تفاجأ الأسرى بقرار جديد يمس الحياة اليومية؛ وذلك بتقليص مدة الفورة، ومنع الأسرى من الخروج في القسم الواحد دفعةً واحدة”.

وأشار إلى أن الأسرى لجؤوا إلى الإضراب بعد خطوة الاحتلال بسحب كل الأواني الحديدية والألمنيوم من السجون؛ ما أعاد الأمور للتصاعد والغليان.

وأكد أن قرار الإضراب يمثل قرارًا إستراتيجيًّا لدى الأسرى بعد وصول الأمور إلى مرحلة صعبة داخل السجون وفق ما يقوله الأسرى، خاصة بعد إصرار إدارة السجون على تنفيذ عقوباتها بحقهم.

وفيما يتعلق بيوم الإضراب وكيف يبدأ والنظام المعمول به، أوضح الأشقر: “الأسرى في الإضراب المفتوح يخرِجون كل ما يؤكل من داخل الأقسام ويلقونه في ساحة الفورة، وتبلغ إدارة السجن أن الأسرى من تلك اللحظة يمتنعون عن تناول أي طعام أو شراب طوال مدة الإضراب، وعلى الإدارة تحمل مسؤولية ما يحصل”.

وأشار إلى أن قرار الإضراب صعب وخطير، ويؤدي إلى إرباك واسع داخل السجون، لا تستطيع الإدارة تحمل مسؤوليته، ولا أن يستمر الأسرى لمدة طويلة في الإضراب حتى يحقق مراده؛ إذ تكون معركة إرادات بين الحق الذي يمثله الأسرى، والباطل الذي تتعنت فيه إدارة السجون الصهيونية.

الشهادة أو الحياة الكريمة
ومنذ عام 1967، خاض الأسرى 29 إضرابًا مركزيًّا على الأقل، إلى جانب عشرات الإضرابات الجماعية المحدودة، والفردية للمطالبة بتحقيق مطالب معينة.

ويوضح الأشقر أن الإضراب لا يكون لكل الأسرى وإنما ينفذ على دفعات تدريجيًّا؛ لترك الباب مفتوحاً مع إدارة السجون للعودة للتفاوض معهم.

ودعا كل مؤسسات المجتمع المحلية والدولية والحقوقية إلى الاستمرار في إقامة الفعاليات والأنشطة التي تساند الأسرى في معركتهم التي يخوضونها.

ووفق الخبراء، يعتمد نجاح الإضراب عن الطعام على ثلاثة عوامل: الحشد الإعلامي، والتحركات الشعبية المساندة، وقوة إرادة المضرب عن الطعام، وهو أهم عامل.

ويعلم المضرب عن الطعام جيداً أن وسيلة الاحتجاج هذه قد تكون الأخيرة في حياته؛ فالحالة الصحية لأي شخص تتدهور بسرعة مع عدم تناول الطعام لمدة طويلة، حيث يبدأ الجسم بعد أسبوعين من بدء الإضراب بتحليل أنسجته في محاولة للبقاء على قيد الحياة، ومن الممكن أن يستشهد المضرب عن الطعام بعد شهرين من بدء الإضراب، وهو أمر يدركه الأسرى، ويمضون في هذا الخيار الصعب على قاعدة إما الشهادة أو الحياة الكريمة.

انتفاضة الأسرى
ويؤكد عضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية ياسر مزهر، أن انتفاضة السجون مستمرة، وأن من أسباب هذه الانتفاضة هو انقضاض إدارة سجون الاحتلال على إنجازات الحركة الأسيرة.

وبيّن مزهر في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن الإضراب المرتقب يأتي عقب الهجمة الشرسة على الأسرى بعد عملية انتزاع الحرية من سجن جلبوع، وبعد تراجع إدارة السجون عن تفاهماتها مع الهيئات القيادية للأسرى بعد إضراب أسرى الجهاد وعزلهم، وتقصير مدة الفورة وغيرها، حيث إن هذه الإجراءات تمس الحياة اليومية للأسرى.

وأشار إلى أن من أهداف الإضراب إيقاف نزيف الإنجازات التي تحققت عبر عقود من الزمن ومن خلال دماء الشهداء وأطنان من اللحوم التي فقدها الأسرى عبر عشرات الإضرابات السابقة.

كما يهدف الإضراب للإثبات مجددا أن الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه موحد خلف قضية الأسرى العادلة؛ حيث سيكون الشعار المركزي لحملة المساندة لهذا الإضراب، وفق مزهر.

وشدد مزهر على أن الحركة الأسيرة مصممة على خوض هذه المعركة، خاصةً أن هذه الهجمة غير مسبوقة، وأنه لا تراجع عن هذه الخطوة إلا إذا تراجعت إدارة مصلحة السجون عن إجراءاتها العقابية بحق الأسرى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات