الجمعة 03/مايو/2024

الاتحاد الأوروبي..التمويل مقابل التعديل

الاتحاد الأوروبي..التمويل مقابل التعديل

“التمويل مقابل التعديل”، معادلة سياسية بثوب اقتصادي بدأ الاتحاد الأوروبي يضعها شرطًا لاستئناف تمويل مؤسسات السلطة الفلسطينية التي تعاني من أزمات مالية متعاظمة.

بدأت أقدام الاتحاد الأوروبي تغادر طريق تمويل السلطة الفلسطينية منذ عام 2020، حين احتجّ برلمانه على المناهج الدراسية في المدارس الفلسطينية؛ بزعم أنها “تحرض على العنف والأعمال الإرهابية”، قاصدًا أعمال المقاومة.

وأوضح مسؤول الإعلام والاتصال في الاتحاد الأوروبي بالقدس المحتلة شادي عثمان، في تصريح صحفي، عدم وجود قرار أوروبي حتى اللحظة بإرجاء إقرار الميزانية السنوية المخصصة للسلطة مضيفاً: “النقاش يجرى حاليًّا داخل الاتحاد الأوروبي بين أكثر من مؤسسة بخصوص الميزانية”.

ويعد الاتحاد الأوربي من أكبر ممولي مؤسسات السلطة الفلسطينية بما لا يمكنها الاستغناء عنه، واستمر التمويل في مراحل عدة رغم حالة الضغط التي يمارسها الاحتلال على دول مؤثرة في الاتحاد مؤخراً.

وعلق الاتحاد الأوروبي تمويله وربط استئنافه بما أسماه إصلاح المناهج التعليمية وإخضاع المدرسين لدورات تدريبية حول “طرق توصيل مبدأ السلام والتسامح الذي تدعو إليه الأمم المتحدة”، حسب رؤيته.

ويهدد توقف التمويل فئات مهمة في مؤسسات السلطة على رأسها قطاع التعليم ورواتب الموظفين وخدمات الشؤون الاجتماعية، وعددا من المشاريع التنموية في الأراضي الفلسطينية.

تمويل مسيّس

تعثّر عملية التسوية منذ سنوات طويلة، واستمرار الانقسام الداخلي يغري خصوم الفلسطيني أينما حلّ بممارسة الضغط السياسي والاقتصادي، وتفعيل أدوات التدخل في شؤونه الداخلية.

تقفز مزاعم تعديل المناهج الدراسية ذريعةً لتدخلات قوى دولية في شؤون دول عربية وإسلامية منذ عقدين، وسبق أن شابهت الولايات المتحدة وحليفتها “إسرائيل” مطلب الاتحاد الأوروبي في ضغوط تعرضت لها دول مثل أفغانستان والعراق والسودان وفلسطين.

يؤكد عمر شعبان، الخبير الاقتصادي، أن الاتحاد الأوروبي يربط تمويله بتعديل المناهج الدراسية الفلسطينية بعد اعتراض عدد من دول الاتحاد عليها تحت تأثير من دول مهمة، وتجاوباً مع رؤية إسرائيلية.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “تداعيات وقف التمويل خطيرة على السلطة؛ فالاتحاد ممولها الرئيس، ويدفع سنويًّا 300-400 مليون يورو بواقع 40% من مساهمات المانحين للسلطة”.

ومنذ عام لم تتلقَّ عشرات آلاف الأسر الفلسطينية خدمات الشؤون الاجتماعية، في حين تضررت رواتب الموظفين والقطاع العام بوضوح؛ بسبب تداعيات ضعف تمويل السلطة، وهيمنة الاحتلال على المقاصّة، دون غياب تأثير الفساد الإداري والمالي في السلطة نفسها.

ويقول د. معين رجب، أستاذ علم الاقتصاد: إن أي دعم خارجي لمؤسسات السلطة الفلسطينية غالباً ما يأخذ شكلاً مسيّساً خاصة إذا ارتبط بالجانب الثقافي والتعليمي للمجتمع الفلسطيني.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “مناهج التعليم تعدّ بما يتناسب مع طبيعة وحقيقة اقتصاد ومجتمع وسياسة كل منطقة، ولا يجوز التدخل فيها وتحريف ثقافة أي مجتمع، لكن الاتحاد الأوروبي يذعن لضغوط إسرائيلية ليبعد الفلسطيني عن هويته”.

ويعمل الاحتلال منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993م على التدخل في الشؤون الفلسطينية في مجالات التعليم والثقافة والعمق الفلسطيني في أرض 48، ويحاول تجريم المقاومة بوصفها “إرهابًا” في كل محفل كان لها فيه موطئ قدم.

ويرى المحلل رجب أن سياسة التمويل هي سياسة طوعية، وتجسد أهمَّ مؤسساتها في الأراضي الفلسطيني وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التي باشرت عملها مطلع خمسينيات القرن الماضي.

وتقلّص أونروا من خدماتها باستمرار في التجمعات الفلسطينية رغم زيادة الحاجة للخدمات الإغاثية وتوسع احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يزيد من عبء السلطة ومشاكل اللاجئين اليومية في قطاعات عدة.

برامج متضررة

وتناغمت سياسة التمويل الخارجي لمؤسسات السلطة الفلسطينية مع التطورات السياسية في الصراع، واشتدت حلقاتها ضيقاً مع انسداد أفق التسوية، وهيمنة اليمين الصهيوني على القرار في “إسرائيل”.

تستخدم “إسرائيل” عصا التمويل بقفازات مؤسسات دولية وأخرى مانحة جمعتها علاقات اقتصادية وسياسية مع السلطة، وتضرب بتلك الهراوة موازنة السلطة وحتى برامج تمويل مؤسسات المجتمع المدني.

ويقول الخبير شعبان: إن السلطة لا يمكن أن تستغني عن تمويل الاتحاد الأوروبي، وإن قطاعات كبيرة في السلطة والأراضي الفلسطينية ستتضرر، وأهمها الرواتب، وخدمات الشؤون، وبرامج تطويرية، وبعض مؤسسات المجتمع المدني.

وكانت مؤسسات دولية عديدة على رأسها مؤسسات أمريكية أوقفت عملها لسنوات طويلة في قطاع غزة المحاصر مع بدء حصاره عام 2006م بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية؛ ما أدى لشلل وتضرر قطاع كبير من المشاريع الاقتصادية والتنموية.

ويشير المحلل رجب أن التهديد بقطع التمويل كان سابقاً يوجه للسلطة تدريجيًّا عندما يطالب الممول بشروط ولا يتشدد في تنفيذها، وأحياناً يشترط تنفيذها قبل الموافقة على التمويل.

ويضيف: “إسرائيل تضغط على الاتحاد الأوروبي، والأثر واضح في مؤسسات أونروا ومشاريع الاتحاد الأوروبي، وكلما انخفض الدعم زاد الضغط على السلطة الفلسطينية، وضعف المشهد الفلسطيني يغريهم بممارسة الضغط لأنهم يتذرعون بمبررات كثيرة”.

وتضيق الحلقات في القوى الدولية والإقليمية التي تجمعها مصالح وعلاقات مع كيان الاحتلال في الضغط على الفلسطينيين شعباً وقوى ومؤسسات في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية بعد أن قفز التطبيع مع دول عربية عنها كأولوية لضبط إيقاع الصراع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...