الأحد 05/مايو/2024

نقابة المحامين تعلق العمل في محاكم الضفة.. وهذا هو السبب

نقابة المحامين تعلق العمل في محاكم الضفة.. وهذا هو السبب

أعلنت نقابة المحامين النظاميين، اليوم السبت، تعليقًا شاملًا للعمل طوال أيام (الأحد، والاثنين، والخميس) من هذا الأسبوع الجاري، أمام جميع المحاكم والنيابات النظامية والعسكرية ومحاكم التسوية دون أي استثناءات في الضفة الغربية.

وقالت النقابة في بيان تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه: إن القرار جاء استكمالًا للخطوة التحذيرية التي اتخذتها النقابة الخميس الماضي، نتيجة التعديلات التي طرأت على القوانين الإجرائية (بقرار من محمود عباس)، والتي انتهكت أحكام القانون الأساسي، وتجاوزت جملة من المعاهدات والاتفاقيات التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية لاسيما ما ورد من تعديلات على قانون الإجراءات الجزائية، وما تضمنته أيضًا من تعديلات على القوانين الإجرائية في الشقين المدني والتجاري.

وأضافت: إنها تنظر لتلك التعديلات بعين من الخطورة والحذر الشديد، لما حملت في طياتها من عبء ثقيل على المنظومة القضائية، وذلك مع عدم تهيئة الظروف والبنية التحتية اللازمة لتطبيقها الأمر الذي سيلقي بآثاره السلبية والمدمرة على كاهل منظومة العدالة برمتها لا سيما في وجه المتقاضين من أبناء شعبنا ومؤسساته وعلى زملائنا السادة القضاة والكادر الإداري في المحاكم.

ووجهت النقابة التحية للقضاة الذين انحازوا لموقف النقابة، داعيةً غير الملتزمين منهم لمراجعة حساباتهم في مواجهة حقوق أبناء شعبهم، مشيرةً إلى أنها قررت فتح ملفات وقيود لكل من يخرق قرارات النقابة ويهدد حقوق المواطنين ضمن إطار اللائحة السوداء التي ستعدها النقابة، وسيتم شطب إجازة المحاماة لكل من يتجاوز ويهدر حقوق المتقاضين، كما جاء في نص بيانها.

وهددت نقابة المحامين النظاميين من الشروع في إجراءات تصعيدية أكثر شدة وقسوة من الصعب التراجع عنها مستقبلاً وسط تعنت رئيس مجلس القضاء الأعلى في موقفه إزاء هذه التعديلات كجهة متمسكة وضاغطة لإقرار هذه التعديلات دون التشاور مع الشركاء وعدم استجابته لتوصيات سابقة لرئيس السلطة محمود عباس بالتعامل مع النقابة بانفتاح ومرونة.

انتهاكات التعديلات
ووفق مؤسسة الحق؛ تمثلت التعديلات الأخيرة المتعلقة بالسلطة القضائية والتي نشرت في الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية) في العدد ممتاز (26) بتاريخ 6/3/2022 في قرار بقانون تعديل قانون الإجراءات الجزائية وقرار بقانون تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وقرار بقانون تعديل قانون البينات في المواد المدنية والتجارية وقرار بقانون تعديل قرار بقانون تشكيل المحاكم النظامية وقرار بقانون بشأن دعاوى الدولة وقرار بقانون تعديل قانون التنفيذ وقرار بقانون تعديل قرار بقانون المحاكم الإدارية.

وأكدت المؤسسة، في بيانٍ لها تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه، أن هذه القرارات بقوانين تأتي امتداداً للقرارات بقوانين التي صدرت (من محمود عباس) خلال العامين 2019 و2020، وأدت لتشكيل مجلس انتقالي خلافاً للقانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، وتآكل التكوين والبناء المؤسسي في الإدارات القضائية، ومأسسة أشكال عديدة من العزل للقضاة؛ وتأثيرها على استقلالهم والقضاء وحكم القانون.

وشددت على أن القرارات بقوانين الصادرة في الشأن القضائي  تشكل من حيث المبدأ، وبمعزل عن تفاصيلها، انتهاكاً مباشراً لأحكام القانون الأساسي (الدستور)؛ لكونها استهدفت السلطة القضائية، وانطوت على تدخل في شؤونها من السلطة التنفيذية خلافاً لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يعد بوصلة النظام السياسي والدستوري.

كما أشارت إلى تناقضها مع فلسفة التشريع، ومخالفتها الشروط الدستورية الواردة في المادة (43) من القانون الأساسي وبخاصة شرط “الضرورة التي لا تحتمل التأخير” شرطا لازما لصحتها من الناحية الدستورية، وتجاوزها للصلاحيات الدستورية للسلطة التشريعية المبينة بالمادة (47) وهي التشريع الأصيل.

وأكدت أن ذلك يُبرز أهمية وضرورة استمرار وتوحيد الجهود باتجاه الدعوة إلى إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية لترميم النظام السياسي واستعادة دور المجلس التشريعي وصلاحياته الأصيلة في التشريع والرقابة أرضيةً لإصلاح وتوحيد القضاء الفلسطيني.

وبينت أن تلك القرارات بقوانين، وبخاصة الإجرائية منها، انطوت على مخالفات واضحة للحقوق والضمانات الدستورية المكفولة في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وأوضحت أن القرار بقانون تعديل قانون الإجراءات الجزائية يمس بوضوح بحقوق المتهم وقرينة البراءة وضمانات المحاكمة العادلة عموماً في العديد من النصوص القانونية؛ من قبيل إجازة توقيف المتهم في حال غيابه تحت عنوان فضفاض هو القوة القاهرة، وعدم جواز إحالة أي موظف عام أو فرد من أفراد الضابطة القضائية إلى القضاء بجنحة أو جناية وقعت أثناء تأدية الوظيفة إلا بإذن خطي من النائب العام أو أحد مساعديه بما قد يؤدي إلى تحصينها حال عدم منح الإذن الخطي.

وأشارت إلى ما تضمنته “النظر باستئناف الأحكام الصلحية أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية “تدقيقاً”، والنظر في الأحكام الصادرة عن محكمة البداية بصفتها الابتدائية أمام محكمة الاستئناف “تدقيقا”، فيما عدا الحكم بالإعدام والعقوبات المؤبدة خلافاً لعلانية المحاكمة كمبدأ دستوري وبما يحرم المتهم من مبدأ التقاضي على درجتين، وتغليب التوقيف على قرينة البراءة والذي يصل إلى مدة العقوبة في جرائم جنائية، والاستمرار في محاكمة المتهم بمثابة الحضوري حال غيابه وحرمانه من مناقشة الإجراءات التي جرت في غيابه باستمرارها من النقطة التي وصلت إليها”.

كما أشارت إلى أن التعديلات تضمنت تكليف المتهم بإحضار شهود الدفاع حال تعذر التبليغ، وهو اختصاص المكلفين بإنفاذ القانون في مقابل تجاهل شهود النيابة العام وبخاصة المكلفين بإنفاذ القانون رغم طول أمد إجراءات التقاضي الناجمة عن عدم حضورهم للإدلاء بشهاداتهم، والسماح بعقد جلسات متتالية للمحاكم كل 24 ساعة في حالة الضرورة بما لا يراعي مدد التبليغ، وجواز عدم تمثيل النيابة العامة أمام محكمة الصلح وتأثيره حقوق المتقاضين، وإمكانية إدانة متهم بناء على اعتراف متهم لمجرد قرينة دون بينة واضحة، وغيرها من المخالفات للحقوق والضمانات الدستورية والقانونية للمتهمين التي وردت في التعديلات على قانون الإجراءات الجزائية؛ وخاصة ضمانات المحاكمة العادلة.

ووفق الحق؛ انطوت التعديلات التي جرت على قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على مخالفات للحقوق وضمانات المحاكمة العادلة تحت مبررات سرعة الفصل في القضايا بعيداً عن المواءمة بينهما من خلال إدارة الدعوى المدنية؛ ومنها الطرق والإجراءات الجديدة التي جاءت بها بشأن تبليغ الأوراق القضائية كالتبليغ الإلكتروني بما يلقي شكوكاً حول مدى تحقق هذا التبليغ رغم سير الإجراءات القضائية.

وأشارت إلى وضع مجلس القضاء الأعلى نظاما خاصا بالتبليغ الإلكتروني بما يؤدي إلى إمكانية التعديل باستمرار على إجراءات التبليغ وإرباكها، علاوة على ما يتعلق بالتبليغ بالإلصاق على الباب الخارجي أو مكان ظاهر للعيان من المكان الذي يقع فيه موطن الشخص المراد تبليغه واعتباره تبليغاً قانونياً، مع الأخذ بالاعتبار ارتباط قانون الإجراءات الجزائية بقانون أصول المحاكمات المدنية في إجراءات التبليغ، إضافة إلى السماح بالتبليغ بعد الساعة السابعة مساءً دون إذن من قاضي الأمور المستعجلة تحت عنوان الضرورة، وكذلك قبول الشهادة بالتصريح المشفوع بالقسَم دون إمكانية مناقشة الشاهد بشهادته أمام المحكمة، وما يتعلق بالنظر بالاستئناف “تدقيقاً” في الأصول المدنية والذي يمس التنظيم القضائي ومبدأ التقاضي على درجتين وعلانية المحاكمة وضمانات المحاكمة العادلة وغيرها من المخالفات الواردة في نصوص تلك التعديلات.

وخلصت الحق إلى استمرار التدهور المستمر الحاصل في السلطة القضائية، واتساع هوة أزمة ثقة المواطنين بالقضاء ومنظومة العدالة، وبقدرتها على حماية الحقوق والحريات الدستورية ومتطلبات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، نتيجة التدخلات المستمرة في شؤون العدالة؛ ولا سيما من خلال القرارات بقوانين الصادرة في الشأن القضائي.

ورأت أن التدهور المستمر الجاري في السلطة القضائية، انعكاسٌ للأزمة المستمرة في النظام السياسي، نتيجة تآكل المبادئ والقيم الدستورية، ومتطلبات إنفاذ الاتفاقيات الدولية، وضعف منظومة الشفافية، وغياب المساءلة والمحاسبة.

وطالبت بإلغاء القرارات بقوانين التي صدرت في الشأن القضائي؛ لمخالفتها مبدئياً للشروط الدستورية اللازمة لإصدارها وتجاوزها فلسفة القوانين وانتهاكها للحقوق وضمانات المحاكمة العادلة المكفولة بالقانون الأساسي والمعايير الدولية.

وأكدت ضرورة توحيد الجهود وتكثيفها باتجاه إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية باعتبارها الأرضية السليمة لتوحيد وإصلاح للقضاء الفلسطيني باعتباره قيمة مجتمعية عليا وحقا للمجتمع كله.

وطالبت بضرورة العمل على تنظيم مؤتمر عام؛ لمتابعة حالة التدهور المستمرة في القضاء الفلسطيني، وتوحيد الجهد المجتمعي في بناء تدخلات فعّالة في مسار توحيد وإصلاح القضاء أساسًا لصيانة مبدأ سيادة القانون ومرتكزات الحكم الصالح.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات