الجمعة 10/مايو/2024

بالهدم والإخطارات.. هكذا ينفذ الاحتلال التطهير العرقي في فلسطين!

بالهدم والإخطارات.. هكذا ينفذ الاحتلال التطهير العرقي في فلسطين!

ما بين معاناة التشرد والتهديد المستمر بهدم منازلهم ومنشآتهم التجارية، يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة هواجس التهجير القسري؛ أحدَ فصول التطهير العرقي الذي يقترفه الاحتلال الصهيوني.

هجمة شرسة وغير مسبوقة تنفذها قوات الاحتلال “الإسرائيلي”، لم يسلم منها حجر أو شجر أو بشر؛ بهدف فصل الفلسطينيين عن محيطهم من جميع الجهات، وتغيير الواقع التاريخي والقانوني والديمغرافي لأرضهم.

وتواصل حكومة الاحتلال بوتيرة متسارعة، تنفيذ مخططاتها التهويدية في القدس، عبر التصديق على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية والمراكز التجارية والسياحية، في مسعى خطير لطرد سكانها، وجعلهم أقلية لا تتجاوز نسبتهم الـ 12%، وحسم معركتها نهائيًّا لجعلها مدينة ذات صبغة يهودية،  بالتوازي مع تعاظم سياسات السلب والنهب وفرض الأمر الواقع في عموم الضفة.

مزاعم واهية

ويحذر رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة للتهويد، ناصر الهدمي، من سياسة هدم المنازل في مدينة القدس المحتلة، الهادفة لتهجير وتفريغ مدينة القدس المحتلة من أهلها، مشيرًا إلى تصاعد عمليات الهدم تحت مزاعم واهية.

وأوضح الهدمي، في تصريحٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن عمليات الهدم في القدس بدعوى البناء بغير ترخيص؛ ما هي إلا ذريعة يستغلها الاحتلال من أجل تهجير المقدسيين ومنعهم من التمدد الديمغرافي في المدينة.


الباحث المقدسي ناصر الهدمي

ويرى المختص الهدمي أن سلطات الاحتلال خلقت وصنعت الظروف التي دفعت المقدسي للبناء بدون ترخيص حتى تهدم بيته وتلاحقه ماليًّا وقضائيًّا بهذا الشأن.

وفي معطيات نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان؛ هدمت قوات الاحتلال خلال الأسبوع الماضي 15 منشأة مدنية، منها 6 منازل، ما أدى إلى تشريد عائلتين قوامهما 13 فردًا، منهم 5 أطفال وامرأتان، و9 منشآت تجارية، فضلاً عن تجريف أرض، وقرار بسلب أرض وآلية.

ووفق هذه المعطيات؛ منذ بداية العام، شردت قوات الاحتلال 33 عائلة، قوامها 211 فردًا، منهم 37 امرأة، و98 طفلاً؛ جراء تدمير 44 منزلاً، و4 خيام سكنية، كما دمرت 28 منشأة مدنية أخرى، وسلمت العديد من إخطارات الهدم، ووقف البناء والإخلاء.

سياسة متصاعدة

وأكد الهدمي أن هذه السياسة تصاعدت خلال السنوات الخمس الأخيرة، مشيراً إلى أن آخر عامين (2020-2021) ازدادت الأمور كثيراً بوضوح.

وقال: “الاحتلال يسابق الزمن، وبات يعي أنه لا يملك الكثير من الوقت، ويرى في الظروف الميدانية في المدينة المقدسة والظروف الإقليمية حول الاحتلال التي أدت للاعتراف بمدينة القدس عاصمةً للكيان، وعمليات التطبيع، تشجيعا لمزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وفق القانون الدولي”.

ونبّه لأنّ عمليات البناء غير المرخص ساهمت في إبقاء أعداد كبيرة من المقدسيين داخل المدينة المقدسة على عكس ما كان يخطط الاحتلال بتهجيرهم والتخلص منهم، مشيرًا إلى أنه حسب إحصائيات الاحتلال فإن هناك من 30-35 ألف وحدة سكنية في القسم الشرقي في القدس بنيت دون ترخيص، آوت ما يقارب الـ 150 ألف مقدسي.

وشدد على أن عمليات الهدم في الأراضي الفلسطينية تمثل خرقًا للقانون الدولي الذي ينص ويعدّ القدس بشقيها الشرقي والغربي مدينة تحت الاحتلال، بمعني أن أهلها من حقهم أن يقاوموا المحتل بكل الطرق، ولا يجوز للدولة المحتلة أن تهجّر هذا الشعب أو أن تأتي بشعب آخر ليعيش مكانه.

ومطلع الشهر الماضي، قالت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، في تقرير جديد: إن “إسرائيل” ارتكبت جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وإنه ينبغي مساءلتها، والعمل على تفكيكه.

ووثق التقرير الشامل المؤلف من 182 صفحة بعنوان “نظام الفصل العنصري (أبرتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.. نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية”، كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية، تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي.

فساد حل الدولتين

وبما يتعلق بعمليات الهدم والاستيطان في الضفة المحتلة أشار الهدمي “أن هذه السياسة تعبر عن فساد وضعف نظرية حل الدولتين، وأن اتفاق أوسلو أعطى السلطة شرعية بناءً عليه، ونسيت أن شرعيتها الأقوى بأنها صاحبة المكان”.

وأضاف: “ما يجرى يعبر عن حقيقة الأمر الذي حاول فريق “أوسلو” أن يوهمنا بأنه جاء بشرعية وسيادة على الأرض الفلسطينية؛ الأمر الذي يؤكد أنه لا يوجد له أي سيادة أو شرعية على هذه الأرض”.

وحول إمكانية قيام الاحتلال بعمليات هدم وتهجير جماعي من القدس والضفة المحتلة، أشار إلى أن الأحداث الأخيرة أثبتت أن هدم وتهجير أحياء كاملة، أو عمليات تهجير جماعي لا يمكن أن تحدث، وبعيدًا عن منال الاحتلال.



وأوضح أن “ما جرى في العام الفائت من وقفة لأبناء مدينة القدس بما يخص الشيخ جراح، أثبت أن الاحتلال غير قادر على عمليات هدم وتهجير جماعي كما كان يحلم ويخطط، بفضل الله عز وجل ووحدة الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم”.

واستبعد الهدمي أن ينفذ الاحتلال عمليات هدم جماعية، بسبب المتغيرات التي حصلت في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها دخول المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة إلى معادلة المواجهة بما يخص القدس بالذات، ما يشكل رادعاً للاحتلال يمنعه من القيام بمثل جرائم كهذه.

ووفق مستشار ديوان رئاسة السلطة لشؤون القدس أحمد الرويضي، فإن الاحتلال يصعّد من عمليات الهدم في القدس، بهدف فرض واقع ديمغرافي يؤثر على شكل المدينة، ويجعل من المقدسيين مجرد أقلية.

ويؤكد أن خطر الهدم يهدد 22 ألف منزل في مناطق مختلفة في محافظة القدس، منها 250 متوقع هدمها خلال الأسابيع المقبلة.

حرب على الجغرافيا والديمغرافيا

عمر رحال، مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”، يؤكد أن عمليات الهدم التي ينفذها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية هي بمنزلة الحرب على الجغرافيا والديمغرافيا.

وأشار رحال، في تصريحٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن عمليات الهدم تهدف لأن تكون الأغلبية لليهود والمستوطنين على حساب الفلسطينيين والسكان الأصليين.


الحقوقي عمر رحال

وأوضح أن ما يمارسه الاحتلال من هدم له علاقة بالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، مؤكداً أنها تمثل خطة إسرائيلية ممنهجة لها علاقة بموضوع إيجاد أغلبية يهودية داخل القدس والضفة المحتلة على حدٍّ سواء.

أما فيما يتعلق بمناطق (ج) في الضفة الغربية، والتي تشكل 62% من المساحة الإجمالية للضفة، فله علاقة بالموارد الطبيعية الموجودة فيها، مثل الحوض الغربي جهة سلفيت، والحوض الجنوبي جهة بيت لحم والخليل، والحوض الشرقي جهة الأغوار وأريحا، والأراضي الخصبة والمحاجر والبترول ومشتقاته، وعدم السماح للفلسطينيين بالبناء والتمدد في هذه المناطق.

انعكاسات خطيرة
وأشار رحال إلى أن عمليات الهدم لها انعكاسات كبيرة وخطيرة على الفلسطيني سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، مشدداً أن الانعكاس الأكبر يكون على النساء والأطفال.


null

وأضاف أن البيت يمثل العنوان والمقر والديمومة الذي يمثل الوجود والاستقرار، والاحتلال يريد أن يكسر هذه القاعدة، ويفرض حالة عدم استقرار نفسي من خلال التشرد والتشتت للمواطن الفلسطيني، مشيراً أن الجانب الأخطر في الأمر يتمثل في أن الاحتلال يسمح للمستوطنين بالتوسع والبناء على حساب الفلسطينيين.

وقال رحال: إن قوات الاحتلال استهدفت خلال شباط (238) منشأة يملكها فلسطينيون، سواء بالهدم أو بالإخطار بنيّة استهداف هذه المنشآت مستقبلاً.

وتركزت أبرز الانتهاكات، وفق رحال، في عمليات الهدم التي طالت (87) منشأة، (8) منها أجبر مالكوها على هدمها ذاتيًّا تحت طائلة التهديد بالغرامات والسجن، ومنشأة واحدة لسيدة.

أما من حيث الإخطارات، فأوضح أن قوات الاحتلال أخطرت بالهدم أو وقف العمل أو الإخلاء (151) منشأة معظمها سكنية، بالإضافة إلى حظائر ماشية، ومنشآت تجارية، وغرف زراعية، وآبار مياه وبرك زراعية، وكهف، ومدرسة، ومقبرة، ومنشأة دينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات