الإثنين 13/مايو/2024

الحرمان من الرعي.. وسيلة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين

الحرمان من الرعي.. وسيلة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين

تتعدد فصول حكاية الفلسطينيين  مع الأرض التي لا تزال منذ العام 1948 محط أنظار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي لا تتواني عن استعمال أي وسيلة كانت لسلبها وتهجير أصحابها، الذين يصرون على التمسك بها حتى النفس الأخير.

منذ أيام تلقى أصحاب أراضي منطقة “الروحة” في وادي عارة في الداخل المحتل عام 1948، إنذارات تحذرهم من دخول أراضيهم ورعي مواشيهم فيها بزعم كونها منطقة عسكرية مغلقة.

مضايقات قديمة
وهذه ليست المرة الأولى التي يتلقون فيها إنذارات كهذه؛ فمنذ العام 1948 وهم يواجهون مضايقات متواصلة من سلطات الاحتلال بهدف تهجيرهم من المنطقة، بعدما سلبت آلاف الدونمات من أراضي كفر قرع، ومعاوية، وعين إبراهيم، وعدّتها منطقة تدريبات لجيش الاحتلال، وتحظر زراعتها ورعي المواشي فيها.

وهذه الأراضي لأهالي منطقة وادي عارة منذ مئات السنين، وتشكل المواشي مصدر الرزق الوحيد لعشرات العائلات التي تسكن في المنطقة، إلا أن سلطات الاحتلال سلبتها، وقضت على مصدر رزقهم؛ بمنع المواشي من الرعي والاقتراب من الوديان المحاذية لمناطق الرعي.

وفي حين تمنع سلطات الاحتلال أصحاب الأرض والحق من رعي مواشيهم بأراضيهم، تتيح للمستوطنين بالمستوطنات المجاورة رعي مواشيهم فيها، وتقدم لهم التسهيلات كافة لتربية المواشي وتوسيع قطاع الرعي.

ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بحرمان الفلسطينيين من رعي مواشيهم بأراضيهم، بل سلبتها وحولتها لساحات تجري فيها التدريبات العسكرية لجيش الاحتلال، وتلحق بها أضرارًا جسيمة، إذ يجري الجيش تدريبات على إطلاق النيران وتفجير القنابل، ما يشكل خطرًا كبيرًا على المواشي وأصحابها، ويحوّل مراعيهم إلى ساحة حرب.

يقول راعي المواشي إبراهيم محاميد، في تصريحات صحفية: “منذ سنوات نعاني جراء هذه السياسات التي تهدف لاقتلاعنا من أرض آبائنا وأجدادنا، بالمقابل نحن نصر على التشبث بهذه الأراضي، ونتحدى السلطات الإسرائيلية لحفظ مصدر المعيشة الوحيد الذي تبقى لنا”.

“لكن السلطات الإسرائيلية تستولي على المواشي، وتشترط في كل مرة دفع 150 ألف شيقل لتحريرها، ولم يعد بمقدورنا تحمل هذه الأعباء، سيما وأننا نرعى المواشي داخل أراضٍ نمتلكها منذ مئات السنين”، وفق قوله.

وأضاف محاميد: “لم يُبقوا لنا سوى نسبة 1% من مجمل مساحات أراضينا الأصلية، ورغم ذلك يلاحقوننا لطردنا من آخر ما تبقى لنا، بالمقابل نرى المئات من المواشي التابعة للمستوطنين تجول أراضينا بكل أريحية، بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية التي تسهل للمستوطنين عملية الرعي، وتتيح لهم الظروف الملائمة كافة لتوسيع هذا القطاع”.

منطقة الروحة
من جانبه، قال رئيس الجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة، المهندس سليمان فحماوي: “أراضي منطقة الروحة هي أراضي قرى فلسطينية دمرها الاحتلال عام 1948 مثل: القفرين، والدويشات، العزيزة، والمنسي، وبجوارها مدن وقرى فلسطينية لا تزال قائمة حتى اليوم، مثل: مدينة أم الفحم، وقرية كفر قرع وعارة، وعرعرة، ومعاوية”.

ويضيف في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: برزت قضية الروحة عام 1998، حينما أعلنها “قائد منطقة الشمال” منطقة عسكرية مغلقة، ليغلق ما مساحته 35 ألف دونم، واحتج أهالي المنطقة في حينه على هذا القرار التعسفي، واعتصموا في أراضي الروحة.

وهو ما أدى لاندلاع مواجهات شديدة مع الجيش في 25 أيلول/ سبتمبر 1998 أصيب على إثرها أكثر من 600 فلسطيني من سكان المنطقة، وأغلق شارع 65 المركزي لثلاثة أيام متتالية.

وبعد نضال مرير، توصلت لجنة الدفاع عن أراضي الروحة لاتفاق مع “المؤسسات الحكومية” عام 2000 إلغاء الأوامر العسكرية عن الأراضي ذات الملكية الخاصة للأهالي، والسماح لهم بالتوجه لأراضيهم، إلا أن “السلطات الإسرائيلية” أخلَّت باتفاقها، وما تزال حتى اليوم تستهدف هذه المنطقة بهدف اقتلاع أهلها وترحيلهم عن أراضيهم.

وضمن مخططها لترحيل أصحاب الأرض والحق من منطقة الروحة، تضع سلطات الاحتلال شروطًا تعجيزية أمامهم؛ فإما استصدار تراخيص للرعي تتضمن بنودًا يستحيل عليهم تلبيتها، وإما نقل منطقة الرعي إلى أراضي النقب التي تبعد نحو 150 كيلومترًا عن منطقة الروحة.

ترحيل واضح
ويقول الناطق الرسمي باسم جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين في الداخل: “يواجه أهالي الروحة اليوم عملية ترحيل واضحة، حيث توجهنا لعدة جهات لمحاولة الوصول إلى أسباب طرد المزارعين ومنعهم من الرعي، وتلقينا إجابات تشير بوضوح إلى نوايا السلطات”.

فهم يطالبون الأهالي بإصدار تراخيص للرعي، وهو أمر مستحيل؛ إذ تعد “إسرائيل” هذه المنطقة منطقة تدريبات لجيشها، وتضع عقبات كثيرة أمامهم للحصول على التراخيص، وشروطا تعجيزية لا يمكن تلبيتها، كما قال.

وأضاف: “مخطط اقتلاع أهالي الروحة من أراضيهم ظهر جليًّا بمطلب السلطات نقل المواشي إلى النقب، وهو أمر مستحيل، فنحن نرفض هذا القرار رفضًا تامًّا؛ أولًا: لبعد المسافة البالغ 150 كيلومترًا، وثانيًا: لا يجوز أن ننتقل نحن أهالي المثلث الشمالي لنرعى مواشينا في أراضي النقب، التي لها أهلها وأصحابها، الذين يكفيهم ما يعانونه من مضايقات وسلب وحرث لأراضيهم”.

وأكد فحماوي: أن العمل مستمر من اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة من أجل تثبيت حق أهالي المنطقة بأراضيهم، والسماح لهم برعاية مواشيهم فيها، وإلغاء قرار المنع، مشيرًا إلى حدوث عدة مواجهات ما بين الأهالي والمستوطنين الذين دخلوا إلى المنطقة و”الدوريات الخضراء” خلال الأيام الماضية.

ونبه إلى أنه في 13 مارس/آذار المقبل، ستعقد جلسة مع المدير العام لدائرة الدوريات الخضراء ومؤسسات أخرى من أجل إيجاد حل، مؤكدًا في الوقت ذاته أن كل الخيارات مفتوحة أمام الأهلي من أجل الدفاع عن أراضيهم والحفاظ عليها، فهذه الأرض أرضهم ولن يتخلوا عنها، “نحن صامدون، ونرفض كل القرارات الجائرة، ومتمسكون بأرضنا”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....