الأحد 05/مايو/2024

نصر الدين بلمهدي .. الشاعر مغربي والقهوة غزاوية

نصر الدين بلمهدي .. الشاعر مغربي والقهوة غزاوية

“معشوقتي السمراء” أشهر قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش لكن نسخةً جديدة منها تفوح رائحتها بغزة على لسان شاعر مغربي ولدت موهبته في مراكش وانتهى بها المقام في غزة المحاصرة.

على ناصية الطريق، يدلل نصر الدين خيامي بلمهدي الشاعر المغربي فناجين القهوة بعد أن لجأ بشعره وآرائه السياسية إلى غزة قبل 10 سنوات.

بدأ بلمهدي (39 عاماً) كتابة الشعر حين كان في الخامسة عشر من عمره حين تفتحت بصيرته على واقع اجتماعي وسياسي ثارت فيه موهبته وآراؤه في مدينة الأدب والفقراء “مراكش” فخط بقلمه ما كان سبباً للإعجاب به حيناً، ومطاردته أحياناً أخرى.

يعمل بلمهدي بائعاً للمشروبات الساخنة في عربة متجولة بشوارع مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، استقر به المقام منذ سنوات على الطريق العام بعد أن ملّ طول البحث عن مصدر رزق يؤمّن قوت يومه لزوجته الفلسطينية وطفلتيه.



قهوة وشعر

يقول نصر الدين إنه يكتب الشعر السياسي الشعبي الذي يحظى باهتمام في بلاده المغرب، وقد أثارت قصائده ومقالاته التي رأت النور في الصحافة المحلية المغربية سكان مراكش وبلدات مغربية، ونال من مؤسسات مغربية، عدة جوائز.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أكتب شعرًا سياسيًّا واجتماعيا من عام 2012، لكن موهبتي بدأت بالقصيدة الأولى عام 1998، وكتبت عام 2013 مقالات ساخرة بالعامية، كان توجهي فيها نحو هموم الشارع وليس الأحزاب”.

لم يكمل دراسته في الصحافة والإعلام، وعمل في مهن عديدة بالمغرب، وشارك في أعمال مسرحية حجبت إحداها السلطات المغربية بعد أن رفضت نص وفكرة صديقه خالد الشريف، وهو مغربي يقطن الآن الولايات المتحدة الأمريكية.

تقاسم بلمهدي توجهات تثويرية على واقعه السياسي والاجتماعي مع أصدقاء ترجموا آراءهم فوق صفحات القصائد والمسرح، لكن المقام انتهى بهم إلى الركون تحت جناح النظام المغربي أو السجن، وأحياناً مغادرة المغرب كمهاجرين.

الترتيبات كلها مع أصدقاء بلمهدي كانت جاهزة للسفر إلى فرنسا، لكنه بدّل وجهته في الأيام الأخيرة إلى القاهرة، ومنها وصل قطاع غزة، وفيه تزوج من فتاة فلسطينية، وأنجب طفلين يعيشان معه في منزل لا يصلح للحياة الكريمة.

معاناة غزة
ويرى بلمهدي أن حصار غزة اشتد بوضوح عقب عدوان عام 2014م، وبعده فطنت قريحته كشاعر، لمعالم معاناة في وجوه سكان القطاع الذين تضاعفت معاناتهم في الفقر والحصار.

يشتاق بلمهدي لمدينة الفن والفقراء، مراكش، لكن جواز سفره منتهي الصلاحية يحرمه جمع شتاته الجسدي بحلم العودة؛ فيعيش حياته يوماً بيوم بغزة المحاصرة التي خبر تفاصيل حياتها اليومية، وهو يصنع القهوة للمارّة في الطريق العام.

ويتابع: “تحدثت ونشرت آرائي السياسية عن غزة والقضية الفلسطينية في وسائل إعلام عديدة، وقلت إن الانقسام أعطى الأنظمة العربية مبرراً للتطبيع والتقصير في آن واحد، وهذا سبب لي مشاكل جمّة”.

ويمضي بلمهدي منذ عام 2019م معظم وقته بائعاً للقهوة والمشروبات فوق عربة متجولة تقف معظم اليوم على ناصية طريق عام قرب مركز مخيم النصيرات، لا تؤمّن له رزقاً بقدر ما تلتهم معظم يومه الذي يقضيه في زحام السوق.

وحدي في الظلام

“مش عايز أتكلم-منشور علني” عنوانان لاثنين من دواوين بلمهدي الذي حاول مراراً تكميم مشاعره عن كثير من القضايا الاجتماعية والسياسية، فخانه قلمه، وباح بقصائد عن واقع عربي ونسخة مكررة وجدها في طريق المواطن العربي المقهور والفقير.

تعود بذور موهبة بلمهدي إلى تأثره بالشعر الغنائي الشعبي ومنشدي الزجل بالمغرب الذين كان والده واحداً منهم، ولا ينسى قصيدته الأولى “وحدي في الظلام” عام 1998م التي أتبعها بثانية عام 1999م حتى أكمل طريقه كشاعر للعام الجاري، وأصدر خمسة دواوين مطبوعة.

وكواحد من سكان غزة، نالت تفاصيلها من قلمه، فكتب عدة قصائد بعضها رأي النور وأخرى لا تزال قيد الإكمال لا تعيق ولادتها سوى معاناته اليومية في البحث عن رزقه اليومي وأمله الكبير في الحصول على مسكن ملائم بعد مناشدات متواصلة للمؤسسات كافة بغزة.

تمرّد الشعر في قلم بلمهدي، فانضم إلى حزب اليسار الاشتراكي الموحد بالمغرب 2001-2004م، لكنه غضب مما رآه في ذلك الحزب، فحولت وجهته إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي، وتركه مجدداً وكتب في التجربتين شعراً ثائراً واجه صعوبة النشر والقبول السياسي بالمغرب.

لم تخل حياته بالمغرب من فترات اعتقال متقطعة تقدر بسنتين، ونال عدة جوائز لمؤسسات معارضة للسياسة المغربية، وتعرض لاعتداء بالضرب، حتى جاء الربيع العربي وحرك المياه الساكنة بالمغرب عام 2011م، ونسج قصيدة سببت له مشكلة مع أحد الأحزاب السياسية المغربية.

ويضيف: “عشت في غزة من عام 2013م، وأعلم طريق مقاومتها، وأنصح المقاومين بالمحافظة على البندقية وعدم الالتفات لأي شيء يشغل طريقهم النضالي، فالصراع طويل، وهناك كثير من القضايا بحاجة لإصلاح حتي يستقيم الأمر في قضية فلسطين”.

وأضحت ناصية الطريق التي ترقد فيها عربة القهوة بلافتة “مشروبات مراكش” دالةً على من لجأ إلى غزة الغارقة في الهموم والحصار، والتي يتجاذبها ساسة العالم من فضاء المؤامرات إلى نيران العدوان الإسرائيلي المتكرر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة

اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة

الضفة الغربية- الفلسطيني للإعلامشهدت الضفة الغربية الليلة الماضية وفجر اليوم الأحد، اشتباكات ومواجهات مع قوات الاحتلال التي نفذت عمليات اقتحامات...

كتائب القسام تزف شهداءها في طولكرم

كتائب القسام تزف شهداءها في طولكرم

طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام زفّت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، شهداء طولكرم الذين ارتقوا أمس السبت، بعد أن خاضوا اشتباكًا مسلحًا...