السبت 27/يوليو/2024

تذويب م ت ف في دوائر السلطة.. ماذا يريد عبّاس؟

تذويب م ت ف في دوائر السلطة.. ماذا يريد عبّاس؟

حالة من الاستهجان والغضب والنقد والجدل سادت أوساط الفلسطينيين، عقب إصدار رئيس السلطة محمود عباس قراراً يقضي بإدراج منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها كافة، ضمن “دوائر دولة فلسطين”.

وتنصّ الفقرة الأولى من القانون الصادر بتاريخ 2022/2/8، ولم ينشر بعد في الجريدة الرسمية، على أن “دوائر الدولة هي منظمة التحرير الفلسطينية، ودوائرها، ومؤسساتها، والمؤسسات التابعة لها كافة”.

مصير المجلس الوطني
ويفتح هذا القرار تساؤلات حول مصير المجلس الوطني الذي يعدّ السلطة العليا للشعب الفلسطيني، وينظم عمله الميثاق الوطني الفلسطيني، والنظام الأساسي لمنظمة التحرير واللوائح ذات العلاقة، وهل هذه الخطوة تمثل تمهيدا لإنهاء الدور الأساسي للمنظمة الذي أنشئت من أجله.

تجاوز خطير
الحقوقي في مؤسسة الحق لحقوق الإنسان تحسين عليان عدّ أن ما ورد في المادة الأولى من أنّ منظمة التحرير الفلسطينية دائرة من دوائر الدولة، فيه تجاوز خطير لمكانة منظمة التحرير، مشدداً على أنَّ هذا القرار له تبعات ومخاطر سياسية وقانونية كبيرة.

وقال عليان، في تصريح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنَّ هذا القرار يلغي منظمة التحرير على اعتبار أنها بيت الكل الفلسطيني، أما السلطة فلا تمثل جميع الفلسطينيين، وفق قوله.

وأشار الحقوقي عليان أنَّ القرار بقانون له مبتغى سياسي وليس قانونيا، لافتاً إلى أن السلطة قد شكلت بقرار من منظمة التحرير التي تعد الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

وعبّر عن رفضه لهذا القرار الذي يجب أن تتراجع السلطة عنه فوراً، وفق حديثه، مبيّناً أنه قرار يمس بمكانة منظمة التحرير الفلسطينية، ويمثل تغولا واضحا من السلطة التنفيذية على القانون واستقلاليته.

وأشار إلى أنَّ هذا القرار يحمل أبعادًا خطيرة، أبرزها طمس دور منظمة التحرير التي تعنى بحق العودة واللاجئين وإلغاء هذا الحق عبر إلغاء المؤسسة الأم وهي م.ت.ف، إلى حين إقامة الدولة المستقلة وتقرير المصير، مضيفاً “يجب الحفاظ على المنظمة وإعادة تفعيلها على أسس الشراكة والوحدة الوطنية”.

وطالب بضرورة عقد برنامج وطني وبناء إستراتيجية نضالية شاملة تحدد أدوار ووظائف السلطة والمتطلبات التي تؤهلها لتجسيد الدولة.

واستهجن عليان هذا القانون، مبدياً خشيته من أن يكون تمهيدا ومقدمة لإنهاء دور المنظمة الذي أنشئت من أجله بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.

خدمة “رجالات” السلطة
من جهته قال الكاتب في الشؤون السياسية والقانونية أحمد أبو زهري: إن القرار يأتي في سياق إحكام السيطرة على المؤسسات الفلسطينية وتطويعها لخدمة رجالات السلطة بما يضمن تحقيق أعلى قدر من المصالح على حساب حقوق الفلسطينيين دون أدنى اعتبار لتبعاته وأضراره.

وأشار أبو زهري، في تصريح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الغرض من القرار ليس إجراء تعديلات قانونية يمكن أن تعود بالنفع على الفلسطينيين، إنما تحقيق أهداف سياسية يسعى للوصول إليها الفريق المتنفذ في السلطة.

وذكر أبو زهري أنَّ هناك تغييرات تجرى في هذا التوقيت الحرج في إطار التحضير لمرحلة ما بعد محمود عباس؛ “حيث يستغل فريقه هذه المدّة لتمرير قرارات مركزية من خلال عباس نفسه، بحيث يمكن أن تفيد هؤلاء المتنفذين ضمن أي ترتيبات مرتقبة”.

وأضاف: “القرار انطوى على مغالطات كبيرة، حيث لم يبين طبيعة الأسانيد القانونية التي تدعم هذا القرار وتشكل أرضية له، ويأتي ضمن سيل من القرارات بقانون التي تسببت في عدم استقرار النظام السياسي والقانوني، وأدت لسيطرة السلطة التنفيذية على جميع السلطات”.

وتابع: “السلطة اليوم تحكم سيطرتها على المنظمة، وتتلاعب بصفتها ومركزها القانوني وتحولها من أصل إلى فرع يتبع للدولة دون أي مبررات قانونية أو سياسية لذلك”.

وأوضح أن “القرار صدر معيباً ومغلوطاً ولا يمكن التعامل معه، وأعتقد أنه لن يترتب عليه أي أثر قانوني أو سياسي ما دام لا يوجد مسوغات صحيحة له وما دام هناك رفض فلسطيني له”.

وقال: “في حال حدوث توافق وطني وإتمام الانتخابات الفلسطينية يمكن للمجلس التشريعي المنتخب أن يراجع هذه القرارات بقانون ويصوّب الأوضاع القانونية مجددا بما يتناسب مع نظامنا القانوني وبما يحقق المصالح العليا للشعب الفلسطيني ويضمن الحقوق الفلسطينية”. 

وكانت هذه الخطوة أثارت استهجان وغضب عدد من الفصائل الفلسطينية والكتاب ونشطاء التواصل الاجتماعي، الذين نددوا بهذا القرار وطالبوا عباس بالتراجع عنه؛ لكونه يمثل عملية سطو على مؤسسات المنظمة وتجاوزا خطيرا لمكانتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات