الأحد 05/مايو/2024

الإمارات وإسرائيل.. أخطر من مجرد تطبيع!

الإمارات وإسرائيل.. أخطر من مجرد تطبيع!

كسرت دولة الإمارات سلسلة محرمات وهي تذهب بعيداً في التطبيع مع الاحتلال “الإسرائيلي” بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة واتفاقيات سياسية وأمنية واقتصادية وضعت قضية فلسطين في المقعد الخلفي.

لا تعتنق الإمارات الصمت في تبرير علاقاتها الخاصة مع الاحتلال، فلها رؤية سياسية وأمنية تحاول تعزيزها وسط اضطرابات الشرق الأوسط التي قد تودي بمستقبل أنظمة ودول.

وكان رئيس كيان الاحتلال “هيرتسوغ” زار الإمارات -الأحد- لتعزيز تحالف التطبيع الذي تجاور كل المحرمات العربية التاريخية بعد زيارة رئيس حكومة الاحتلال “بينيت” منتصف ديسمبر الماضي.

أبعاد أمنية

لا تترقب الإمارات اللحظة المناسبة لتعزيز موقعها السياسي والأمني فتسارع بصناعتها محاولةً الاستفادة من نفوذ الاحتلال “الإسرائيلي” في أروقة السياسة الخارجية الأمريكية التي غيرت مركز ثقلها من الشرق الأوسط للشرق الأقصى.

وأسست “اتفاقيات أبراهام” الأمنية بين كيان الاحتلال والإمارات لحلف إستراتيجي بين “تل أبيب” والإمارات تخطّى التطبيع والتنسيق والتعاون الأمني نحو التصنيع العسكري المشترك.

وتتصدّر دول وممالك عربية صغيرة المشهد السياسي العربي في سياق ضعف وتغيّرات أصابت دور مصر والعراق وسوريا في العقد الماضي.

بيئة إقليمية مضطربة
ويؤكد إبراهيم حبيب -المحلل السياسي- أن علاقة الإمارات مع “إسرائيل” لها بعد جيوإستراتيجي وجيوسياسي كدولتين صغيرتين تحاولان الحفاظ على البقاء في بيئة إقليمية مضطربة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لا تمتلك الإمارات وإسرائيل عوامل بقاء وصمود إذا حدثت تطورات أمنية وعسكرية في الشرق الأوسط في المستقبل”.

من عشر سنوات تنقر “إسرائيل” الذاكرة الأمنية لأنظمة ودول في الإقليم حول ملف إيران النووي وتطوف به كفزّاعة تهدد الأمن القومي لإقليم الشرق الأوسط.

القفزات الرياضية في ملف التطبيع بين الإمارات و”إسرائيل” مضت بسرعة وتطوّر لافت أدت لعلاقات دبلوماسية كاملة وإبرام اتفاقيات سياسية وأمنية واقتصادية خلافاً عن قطار التطبيع الذي يراوح المحطة الأولى للبقية.

التعاون الأمني
ويقول جورج جقمان -المحلل السياسي-: إن “إسرائيل” تستفيد اقتصادياً ومالياً من الشق الأمني في التطبيع مع الإمارات؛ لأنها تقدم خدمات استخبارية ومنتجات أمنية وعسكرية.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “قدرات الإمارات الأمنية متواضعة مقارنةً بإسرائيل، لكن الخطير هو الاعتماد السياسي في الإمارات على التعاون الأمني مع إسرائيل”.

ومن أهم ثمار التطبيع الأمني والعمل العسكري المشترك بين البلدين الوصول إلى مرحلة التصنيع العسكري المشترك، بعد الاتفاق على تصميم وتصنيع سفن غير مأهولة قادرة على تنفيذ هجمات مضادة للغواصات، وهي الصناعة التي تمهد لحلف إستراتيجي جديد في الإقليم.

ورغم توتر العلاقة بين إيران ودول الخليج العربي؛ إلا أن الإمارات وإيران بينهما علاقات جوارٍ وتبادل تجاري كبير وتاريخي لا يمكن تجاوزه بسهولة.

وكرّرت إيران باستمرار رفضها اقتراب الاحتلال من حدودها بواسطة إقامته علاقات أمنية وعسكرية مع دول الجوار؛ ما يؤثر على أمنها واستقرارها.

الشرق الأقصى
في إدارة الرئيس الأمريكي “بايدن” يفكون تروس المارد الصيني الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي وفق سياسة الصعود الهادئ في السياسة الدولية؛ لذا يوجهون مراكز الثقل من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى.

ويرى المحلل حبيب أن الاحتلال أدرك أن الولايات المتحدة الأمريكية منشغلة بالصراع مع الصين، ولم تعد تعطي الشرق الأوسط معظم اهتمامها، وبذلك لم يعد لـ”إسرائيل” غطاء كامل في الإقليم.

لا يتجشم الاحتلال عناء الانتظار كي تدير الولايات المتحدة عنقها باهتمام مجدداً إلى الشرق الأوسط، لذا يسارع بعقد اتفاقيات تطبيع تعزز نفوذه السياسي والأمني مع أنظمة عربية.

وخلافاً عن بقية أنظمة التطبيع جرى تبادل زيارات وفود بين “إسرائيل” والإمارات، ومشاركة شركات أمنية وعسكرية وسيبرانية إسرائيلية في معرض دبي للطيران العام الماضي وتوقيع أول اتفاقية للتطبيع العسكري بينهما.

ويشير المحلل حبيب أن الولايات المتحدة تروّج من عام 2011م لما يسمى “الديانة الإبراهيمية الجديدة”، والهدف المعلن لها هو “التركيز على المشترك بين الديانات”، لكن مرادها دمج الاحتلال في الإقليم.

وكانت وسائل إعلام كشفت مؤخراً عن وثيقة أعدتها إدارة “ترامب” تتعهد فيها أمريكا بحماية بقاء الاحتلال حال اندلعت حرب شاملة مع إيران، لذا فـ”إسرائيل” والإمارات تتقاطعان في خط القلق من إمكانية البقاء.

ولا تبدي الإمارات أي معارضة في التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” وفق مبررات سياسية وأيديولوجية مرتقبة لصياغة السياسة الدولية في الإقليم.

ويقول المحلل جقمان: إن الهاجس الأكبر الذي يؤرّق الإمارات هو تكرار سيناريو تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن نظام الرئيس المصري الراحل (مبارك) في ثورة الربيع العربي.

ويتابع: “أصاب الهلع معظم أنظمة الخليج من تخلي أمريكا عن نظام مبارك في إدارة أوباما، لذا هذا الهاجس أكبر حافز للإمارات في تطبيع علاقتها مع إسرائيل بسبب نفوذها في مؤسسات السياسة والأمن الأمريكي”.

تطبيع الإمارات مع “إسرائيل” يتجاوز المشجب الإيراني الذي تعلق عليه أنظمة عربية مبررات قلقها من إيران، لكنها في الوقت ذاته تذهب بعيداً من أجل حماية نظامها السياسي واضعةً قضية فلسطين في المقعد الخلفي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات