الإثنين 29/أبريل/2024

المدافع العنيد شيخ المسافر !

د. أسامة الأشقر

كانت صورته المهيبة بشعره الكث الطويل الذي يملأ جانبي وجهه المقاتل، ولحيته الكثة الطويلة التي اشتعل فيها الشيب، وحطّته البيضاء التي يغطي فيها رأسه تملأ على الناس مشاعرهم المعجَبة بشخصيته المدافعة، وتمثيله الصادق للكرامة والعزة، ووقفته الشامخة وعيونه الواصلة إلى عنان السماء، التي تستطيل بقامته القصيرة، وتزيّن هندامه الرعويّ المتبسّط، وعصاه المربوطة إلى خرقة يهشّ بها على غنمه، شاهراً أصابعة الأربعة المستقيمة مستعرضاً بها إبهام يمينه… ولعل الله إذا سأله عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه فإن جوابه شاهد حاضر يصدق عليه.


الشهيد الشيخ سليمان الهذالين

عشرات المستوطنات المصنوعة بكيانات بشرية مستوردة تحاصر 15 بلدة فلسطينيةً لعائلات قديمة عريقة في جنوب الخليل، كثيرون منهم من بدو الأرض الفلسطينية وباديتها التي تختلط فيها ألسنة بقايا جبال الخليل ببادية النقب المتصلة بصحراء سيناء.

كثيرون منهم استقروا في هذه الأرض بعد تهجيرهم من بادية بئر السبع في تل عرّاد قبل أكثر من سبعين عاماً هي عمر شيخ مسافر يطّا سليمان الهذالين.

في كل مطلع شمس ينتشر جرادُ هؤلاء المستورَدين بأقبح ما يحسنونه بالتهام كل حسن أخضر… يعتدون على مواشي الناس ومزروعاتهم وأطفالهم، ويتلفون أشجارهم، ويحطمون ألواحهم الشمسة التي تربطهم بعصر الكهرباء وتعينهم على مشقة البقاء في أرضهم التي لا يجدون فيها مورد ماء لأنفسهم فضلاً عن بهائمهم الظامئة وحولها الماء المحبوس عنها، ليستولي هؤلاء المستورَدون على الأرض بغرض توسيع مستوطنتهم اللئيمة “كرمل” وصويحباتها مستندين إلى قرارات صادرة من العدو بالاستيلاء على أرض ” لا صاحب لها” ، وقرارات هدم لبلداتهم وبيوتهم الصغيرة وخيامهم البدائية وpظائرهم الصغيرة وأحواشهم الضيقة في أم الخير والتواني والمفقّرة وخلف الضبع وشاب البطم وخشم الدرج وخربة سوسية والأصيفر وأم الطوبا التي تحول معظمها إلى مناطق عسكرية مغلقة.

الشيخ البدوي سليمان عيد الهذالين “أبو عادل” من خربة أم الخير الذي رحل إلى ربه إثر إصابته في اصطدام عنيف بجسده الهرم النحيل من شاحنة تابعة لجيش الاحتلال مخصصة لسلب سيارات الفلسطينيين اقتحمت “أم الخير”، وباغتته، فسقط، وقد نزف دماغه، وتهشمت ناصيته، وتكسرت عظامه، وارتضّت رقبته وحوضه وفخذه، وظل يرفع سبابته المكسورة هاتفاً : “الأسرى والمسرَى” !!!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات