الجمعة 19/أبريل/2024

هكذا يواجه بدو النقب مخططات إسرائيل الاستعمارية

هكذا يواجه بدو النقب مخططات إسرائيل الاستعمارية

يبدو أن ما كانت تخشاه سلطات الاحتلال من تمدد المواجهات إلى عقر دارها قد أصبح واقعًا، فمواجهات النقب الشديدة والتي من خلالها يصد الفلسطيني الهجمة الاستيطانية عن أرضه، خير دليل أنه أينما حل صاحب قرار وإرادة في مواجهة المحتل.

فقد كشف موقع “والا” العبري، أن شرطة الاحتلال لديها تخوف من انتشار مقاطع الفيديو التي توثق عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة باتجاه المستوطنين وعناصر أمن الاحتلال في النقب، على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفق الموقع العبري، عدّت شرطة الاحتلال أن انتشار مثل هذه المقاطع يساهم في زيادة وتيرة “التحريض”، وقد يتسبب بموجة من العمليات في النقب المحتل، على غرار ما جرى في القدس خلال مايو الماضي.
 
ومن مقاطع الفيديو التي أشار لها تقرير موقع “والا”، مقطع يوثق اقتلاع شبان فلسطينيين بالنقب أشجارا زرعها عضو الكنيست بن غبير، ورشق شرطة الاحتلال بالحجارة.

ويبلغ التعداد السكاني للبدو في النقب عام 1948 أكثر من 100 ألف نسمة، نزح غالبيتهم قسرا، حيث هجّرتهم العصابات اليهودية إلى قطاع غزة وسيناء والأردن، بينما بقي 11 ألف نسمة تم تجميعهم بمنطقة أسمتها إسرائيل “السياج”.

تمتد مساحة النقب 14 ألفا و230 كيلومترا مربعا، أي ما نسبته 68% من مساحة فلسطين 48 البالغة 20 ألفا و770 كيلومترا مربعا، وقدّرت مساحة الأرض التي كان يعيش عليها البدو قبل النكبة بـ4 ملايين دونم، وفقا لقانون الأراضي العثماني عام 1858، والمرسوم البريطاني بشأن الأرض البور عام 1921، بينما يعيشون اليوم على 300 ألف دونم.

مع مطلع هذا العام الذي تحل فيه الذكرى 74 للنكبة، شرعت المؤسسة الإسرائيلية في وضع اليد وسلب 800 ألف دونم من ملكية السكان البدو في القرى المسلوبة الاعتراف، وذلك من خلال استئناف أعمال التجريف من جرافات “الصندوق الدائم لإسرائيل” (كاكال)، لأراضي قرية الأطرش الممتدة على مساحة 45 ألف دونم ويقطنها 7 آلاف نسمة.

الشيخ محمد الأطرش، -وهو أحد الذين تستهدف “إسرائيل” أرضهم بالتحريش- يقول: أرضنا قبل قيام “إسرائيل”، ونمتلك أوراق اعتراف من العهد العثماني، إلا أن الاحتلال يريد سلبنا أرضنا وتهجيرنا.

الأطرش يضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنه يملك 300 دونم ورثها عن والده، إن محاولات التهجير ستبوء بالفشل، فنحن فلسطينيون وسنبقى في أرضنا مهما فعلت “إسرائيل”.

وتُعد النقب منطقة حيوية، من حيث إنها تضم أهم القواعد العسكرية الاستراتيجية للعدو، ومرافقه الأمنية الحساسة، وشبكة الطُّرق التي يسلكها جيش العدو وأرتاله العسكرية، والتي تحيط بها القرى الفلسطينية البدوية في النقب.

وتشهد منطقة النقب مواجهات، منذ عدة أيام، بين أهالي سِتّ قرى بدوية فلسطينية وشرطة العدو وأجهزته الأمنية، على خلفية قيام جرافات العدو بعملية تجريف تمهيداً للاستيلاء عليها، بدعوى تنفيذ خطة تشجير، الأمر الذي يعد مقدمة للاستيلاء عليها تحت ذريعة أنها منطقة زراعية تشرف عليها حكومة الاحتلال.

وفي إثر التظاهرات الشعبية والمواجهات، نفّذ العدو عمليات اعتقال وتنكيل واعتداء وحشي على المتظاهرين، من الشبّان والنساء والأطفال.

وتعد أوساط الاحتلال أن الأحداث تفجّرت على خلفيتين، وطنية وقومية، وجاءت في أعقاب تحريض فلسطيني ممنهَج، تنامى منذ معركة “سيف القدس”، التي شهدت فيها الأراضي المحتلة عام 1948، ما يشبه الانتفاضة ضد جنود الاحتلال والمستوطنين.

الاحتلال يعتقد أن حادثة التشجير التقطها الفلسطينيون في النقب المحتل، للتعبير عن هويتهم وتمسكهم بالسردية الفلسطينية منذ النكبة، ومفادها أن هؤلاء المستوطنين مجرد أغراب عابرون، وسيرحلون يوماً ما عن أرض الآباء والأجداد.

هبة واسعة

الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة، إن ما يجري في النقب من هبة شعبية واسعة، تنبع أهميته من انتشار التجمعات الفلسطينية على مساحة واسعة تشرف على أهم الطرق الواصلة بين شمال فلسطين ووسطها حيث التجمع الاستيطاني الأكبر، وبين الجنوب حيث تنتشر القواعد العسكرية البرية والجوية، ما يجعل بإمكان الفلسطينيين قطع هذه الطرق، وإرباك حركة السير، كما يمنح الفلسطينيين القدرة على مهاجمة هذه القواعد المنتشرة في مواقع واسعة ومتباعدة.

ويقول لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” إن هذا دليل على مدى ارتباط الفلسطينيين في كل مكان بقضيتهم الوطنية، وإيمانهم بحتمية زوال الاحتلال، الذي لم ينجح في تغيير قناعات أهالي النقب، والداخل عامة، رغم سيطرته لأكثر من سبعة عقود، ومحاولته الكاذبة للترويج لفكرة اندماجهم في الكيان الصهيوني، وإن ما رأيناه من مواقف لفتية في مقتبل العمر دليل على مدى تعلق الفلسطيني بقضيته الكبرى فلسطين.

ويضيف أن هذه الهبة فرصة تمهد لتوحد الكل الفلسطيني في الداخل وفي الضفة وغزة والشتات، على مشروع جامع يقاوم هذا المحتل حتى إزالته، وقد رأينا بوادر ذلك من قبل في معركة سيف القدس، وفي الفعاليات المساندة لحراك النقب، في مختلف تجمعات الفلسطينيين في الداخل.

وتوقع الكاتب أن ما يجري يؤشر لقرب انتفاضة فلسطينية واسعة، تواجه هذه الاحتلال حتى ردعه عن ممارسة جرائمه بحق الإنسان والأرض الفلسطينيين.

حماس تتابع عن كثب

وفي الأثناء، أكد هارون ناصر الدين، عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، أن حركته تتابع من كثب الأحداث في النقب المحتل، مشيداً ببطولة وصمود الأهالي في الداخل المحتل والالتفاف الجماهيري حول قضيتهم وقضية الشعب الفلسطيني العادلة.

وشدد هارون، لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، على أنه في حال استمرت انتهاكات الاحتلال “الإسرائيلي” بحق أهلنا في الداخل المحتل، فإن يد المقاومة ستصل إلى الاحتلال كما عوّدتنا.

وقال: “المقاومة التي ألجمت الاحتلال الإسرائيلي في معركة سيف القدس، دفاعاً عن أهالي حي الشيخ جراح وأحياء القدس، قادرة على اتخاذ التقدير المناسب مع ما يتناسب واحتياج أهلنا في النقب المحتل”.

وأضاف: “زيادة الاعتداءات الإسرائيلية والانتهاكات بحق المقدسيين، واستنجاد أهلنا في القدس المحتلة بالمقاومة الفلسطينية، ورسالتهم إلى القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف، أدت إلى الوصول إلى معركة “سيف القدس” التي ألجمت العدو”.

وبات من حكم المؤكد أن المقاومة الفلسطينية، تتعامل مع الأحداث في فلسطين المحتلة، بحكم الواحد، أي أنها لن تسمح للاحتلال أن يستفرد بجزء من الأرض، وأن يبقى الأجزاء الأخرى متفرجة، وهذا من إرهاصات معركة سيف القدس.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات