مشعل في بيروت.. لماذا ستأتي محاولات التضييق بمفاعيل عكسية؟

يعيش واهمون كثر على أمل عزل رئيس حركة (حماس) في الخارج خالد مشعل، غير مدركين لا لتاريخ الرجل،  ولا قدرة حركة (حماس) على تجاوز هذه الأمور، وليس لديهم قراءة عن الحالة السوسيولوجية للشعب الفلسطيني، وردود فعله في مثل هكذا ظروف، ولم يقرأوا كفاية التاريخ الفلسطيني المعاصر، وكيف تكونت الوطنية الفلسطينية، ونمت، وكيف تصرفت في حالات مماثلة.

تعوزهم القراءة عن رجل حرص طوال الوقت على ترسيخ النهج الديمقراطي، وعملية التناوب على المراكز، يوم كان رئيساً للمكتب السياسي لحركة (حماس). ومن الحالات النادرة جداً في التاريخ الفلسطيني الحديث أن يتنازل سياسي، عن المركز القيادي الأول، وهو في ذروة العطاء، من أجل تكريس قوانين التداول. 

وطالما أن مشعل زاهد في المنصب السياسي إلى هذا الحدّ، فإن استهدافه هو استهداف لحركة (حماس)، والمقاومة في فلسطين بكليّتها. فمشعل لم يأت إلى هذا الموقع إلا بعد انتخابات داخلية. فهو جاء بأصوات حركة (حماس)، واستهدافه هو استهداف لتلك الأصوات، وللعملية الديمقراطية داخل الحركة.

هو استهداف للمقاومة في فلسطين بعد انتصارها في سيف القدس. ويُعتبر مشعل خير من يمثّل هذه المقاومة. فخلال رئاسته للحركة تعرض لمحاولة اغتيال، أدت إلى إطلاق الشيخ أحمد ياسين. وخلال رئاسته كانت العمليات الاستشهادية، وقصف تل أبيب. 

مشعل ظل ثابتاً رغم كل الضغوطات، وأبرزها مؤتمر شرم الشيخ عام 1996. فلا يمكن الفصل بين مشعل وتاريخ المقاومة في فلسطين. 

وأكثر من ذلك أي محاولة تجاوز لموقع مشعل خلال زيارته إلى لبنان، قد يأتي بردود فعل عكس ما يتمنى أصحاب تلك المحاولة. لم يقرأوا هؤلاء عن محاولات عربية فاشلة لعزل الحاج أمين الحسيني، وشعبنا اتخذ يومها موقفا عكسياً والتف حول الحسيني. لم يقرأوا أن محاولات عزل عرفات عام 1983، ورغم كل المآخذ على بعض أداء القيادة الفلسطينية من الجانب الشعبي، إلا أن عند محاولة عزله ازدادت شعبيته، ووصلت إلى 94 بالمائة في الضفة الغربية وقطاع غزة كرد فعل. واستثمر ذلك ليرفع شعار “القرار الوطني الفلسطيني المستقل”.

حتى إنهم لم يقرأوا محاولات عزل مشعل نفسه، وكيف زادت شعبيته، وكانت جدران مخيمات لبنان تمتلئ بصوره “الثابت على الثوابت”. الوطنية الفلسطينية حساسة جداً تجاه أي استهداف خارجي، وعلى من يحاول عزل مشعل أن يريح نفسه، فإنكارهم له لا ينفي حضوره بين شعبه، بل يزيده.