الإثنين 06/مايو/2024

فلسطينيو 48 في 2021.. الأرض بتتكلم عربي

فلسطينيو  48 في 2021.. الأرض بتتكلم عربي

كان عام 2021 مميزا فيما يتعلق بحضور فلسطينيي الداخل على مستوى القضايا الوطنية الكبرى بشكل أربك الاحتلال الذي شعر للمرة الأولى منذ النكبة بخطر وجودي حقيقي تجلّى فيه التلاحم الفلسطيني في معركة “سيف القدس” صيف العام الجاري.

وصرح آنذاك رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، في (21-5-2021): إن اللد وعكا أصبحتا جبهة أخرى ضد “إسرائيل”؛ والتي عدّت دخول فلسطينيي الداخل على خطّ المواجهة خلال “سيف القدس” تهديداً إستراتيجيًّا لأساس مشروع الاستيطان اليهودي في فلسطين المحتلّة، في حين تحدث ليبرمان عن خطة طرد العرب من  منطقة المثلث لأراضي السلطة.

ولئن كان أول دخول جماعي لفلسطينيي الداخل على خط المواجهة مع الاحتلال في بداية أحداث يوم الأرض في مارس/آذار 1976، والذي بات الفلسطينيون يحتفلون به سنويًّا، لكنها بقيت احتجاجات محصورة مكانيًّا وجغرافيًّا وزمانيًّا، بعكس ما حدث أثناء معركة “سيف القدس”؛ الأمر الذي أوجد جبهة مواجهة جديدة ضد “إسرائيل”.

وقال الباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي كوبي ميخائيل في تصريحه لموقع “دفار” (5-2021): إن ما حدث في المدن المختلطة والبلدات الفلسطينية في الداخل “أخطر من المواجهة على جبهة غزة؛ لأنها تحدث مع مواطني الدولة، وداخل البيت، ولا يمكن الردّ عليها كما يتم الرد على العدو”، حسب وصفه.

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الفلسطينيين اليوم قد وصل إلى نحو (13.5 مليونا) يعيش نصفهم تقريباً في فلسطين التاريخية (حوالي مليونيْن في أراضي 48 ونحو 5 ملايين في أراضي 67) والنصف الآخر (حوالي 6.5 ملايين) في الشتات.

وتسعى حكومات الاحتلال إلى استبعاد فلسطينيي 48 من السلطة، وحصرهم في مناطق فقيرة، وتعاملهم كأقليّة وطنيّة ودينيّة؛ لتحقيق التجزئة الجغرافيّة والاحتواء الديموغرافي، والهيمنة السياسيّة والتبعيّة، لنزع الصبغة الفلسطينيّة عنهم.

ووثّق مركز عدالة الحقوقي في الداخل ضمن قاعدة بيانات التشريعات التمييزيّة 50 قانونًا إسرائيليًّا ضدّ فلسطينيي 48 لترسيخ فكرة يهودية الدولة؛ مثل قانون الجنسيّة اليهوديّة الذي ينصّ على سحب المواطنة ممن يمس أمن “إسرائيل”، وأداء القسم لمن يحمل الهوية الإسرائيلية بيهوديّة الدولة، ومن يرفض تسحب منه المواطنة.

الإضراب الشامل

شكل الإضراب الشامل الذي عمّ أراضي ال48 في (18-5-2021) أول حالة وطنية شبيهة بعصيان عام 1936، والذي نظمته لجنة المتابعة العربية في الداخل، ولحقت به باقي مكونات الشعب الفلسطيني طوعيا، ما شكل صدمة كبيرة للاحتلال.

أعاد الإضراب الاعتبار للمكون الفلسطيني في الداخل الذي قاد الحالة الوطنية للمرة الأولى منذ النكبة من خلال هذا الإضراب.

يعدّ الصحفي الفلسطيني في الداخل توفيق محمد لمراسلنا أن دوافع احتجاج فلسطينيي 48 متعددة، لكن أهمها رفض المحاولات الصهيونية لطمس الهوية عبر رفض قانون القومية، وكذلك مواجهة العنف والجريمة المنظمة المبرمجة بحقهم، إضافة إلى الانسجام مع الحالة الوطنية العامة كما جرى في أحداث القدس وغزة.

اغتيالات وجريمة منظمة انتقامية

شكلت جريمة اغتيال القيادي في الحركة الإسلامية بمدينة يافا المحتلة محمد أبو نجم في (26-1-2021) واحدة من سلسلة جرائم ممنهجة أطلقت فيها قوات الاحتلال عقال الجريمة والعنف المقصود تجاه شخصيات مؤثرة في المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل.

وسبقت جريمة اغتيال أبو نجم واقعة إطلاق نار على رئيس بلدية أم الفحم السابق سليمان اغبارية في (7-1-2021) ونحو مئة ضحية أخرى في جرائم عنف وإطلاق نار طالت شخصيات عديدة في مدن وبلدات فلسطين المحتلة وسط تجمعات سكانية لفلسطينيي 48 منذ بداية العام الجاري، في الوقت الذي تدعم فيه شرطة الاحتلال ومخابراته “الشاباك” هذه الجرائم.

ويؤكد رجا اغبارية -عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد في أم الفحم- لمراسلنا أن الجريمة المنظمة التي تستهدف فلسطينيي الداخل موجهة، ولو كانت في “الوسط اليهودي” لقضي عليها بوقت قصير.

وأضاف: تُوجه الجريمة، التي ترتبط العصابات المنظمة بها بأطراف في الشرطة وجهاز مخابرات الاحتلال، كإجراء عقابي ضد فلسطينيي الداخل؛ لأدوارهم ورفضهم التنازل عن هويتهم الوطنية.

إسناد عالٍ للقدس

لعب فلسطينيو الداخل دورا محوريا في إسناد القدس ومواجهة مخططات الاحتلال في المسجد الأقصى، وتجلى ذلك في عام 2021 الذي شهد أقوى حركة مرابطين في الدفاع عن الأقصى في باب العامود، والاعكتاف خلال رمضان لمنع اقتحام المستوطنين للمسجد، تلاها أحداث الشيخ جراح حيث شكلت مدن الداخل، سيما أم الفحم وكفر قاسم وباقي المثلث والنقب إسنادًا بشريًّا يوميًّا.

ويعدّ الباحث في الداخل، ساهر غزاوي، أن أحداث العام الجاري في القدس والشيخ جراح أثبتت الدور المحوري لفلسطينيي الداخل في الصراع، حيث شكلت أطرهم السياج الحقيقي الذي أدار هذا الصراع باقتدار أمام كل أدوات الاحتلال.

وأضاف لمراسلنا: إن تنامي الوعي الوطني والديني في الداخل، عزز الأدوار الوطنية لفلسطينيي الداخل، وأبرز فشل المنظومة الصهيونية في نزعهم عن هويتهم وقضيتهم المركزية.

بانتظار الإفراج عن الشيخ رائد صلاح

ويأمل الفلسطينيون في الداخل وفي كل مكان أن يسدل عام 2021 أثوابه بالإفراج عن شيخ المسجد الأقصى الشيخ رائد صلاح، والمتوقع الإفراج عنه في (13-12-2021) بعد سلسلة اعتقالات مباشرة، وحبس منزلي منذ عام 2017 بهدف تغييبه عن المسجد الأقصى الذي يعدُّ أول من دق ناقوس الخطر في مواجهة مخططات جماعات الهيكل وتأسيس حركة المرابطين وغير ذلك في وقت مبكر جدًّا.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات