السبت 20/أبريل/2024

إسرائيل قوية لكن مستقبلها مجهول.. قراءة للتنبؤات الصهيونية

إسرائيل قوية لكن مستقبلها مجهول.. قراءة للتنبؤات الصهيونية

الحديث عن مستقبل وجود الكيان الصهيوني في هذه المرحلة من الصراع ممتد في أقلام ونقاشات المفكرين والسياسيين داخل وخارج “إسرائيل” بعد انكشاف سوءة الكيان الأخلاقية والقانونية أمام المجتمع الدولي.

منذ عدة أشهر تتوالى آراء مفكري اليسار واليمين الإسرائيليين حول ممارسات التفرقة العنصرية، وتجاوزات القيادات السياسية والأمنية، ليس اعترافاً بحقوق الفلسطينيين بقدر حرصهم على مغازلة أنظمة التطبيع العربي ومحاولة تجميل وجه الاحتلال الحقيقي.

عناوين الكتابات والآراء المثيرة للجدل، تحظى بتناول وسائل إعلام محلية ودولية، والتي تقدمها من نافذة الجريء الجديد الذي كسر خطوطاً حمراء، وتجاوز مقصّ الرقيب الذي تكتم دوماً على حقيقة الاحتلال العنصرية.

لم يكن “إيلان بابيه” المؤرّخ الإسرائيلي وحده الذي طرق جدار الخزان يوم تكلّم قبل 30 عاماً عن مناهضة الصهيونية، فقد تناول كتاب “الصراع مع الصهيونية” قبل أشهر صورة متشائمة لمستقبل الكيان استنادا لمواقف 21 مفكرا يهوديًّا انتقدوا “إسرائيل” لأسباب أخلاقية وثقافية.

 قبل أسبوعين نشر الكاتب الإسرائيلي “روغل ألفر” يحذر من مضي الكيان نحو الدمار المحتوم، وأن أغلبية اليهود في الكيان يؤيدون استمرار الاحتلال، لكونها دولة أبرتهايد ثنائية القومية.

وذهب “ألفر” إلى: أنه “لا يمكن الاعتماد على العالم في تغيير توجه إسرائيل”، عادًّا أن الأخيرة ستواصل الاحتلال ما لم توقفها معارضة حقيقية.

عدوان وانتقاد
منذ زوال غبار معركة “سيف القدس” التي عدّها مراقبون للمشهد الإسرائيلي عدواناً صريحاً لدولة احتلال تكرر نمطية استهداف المدنيين في عدوان متكرر على فلسطين من نكبتها عام 1948م ونكسة 1967م، ومعارك غزة المتواصلة؛ والجدل مستعرٌّ حول مستقبل دولة تفرقة عنصرية.

حركة المقاطعة الثقافية والاقتصادية لدولة تمارس الاستيطان برنامجًا استراتيجيًّا، وتتصاعد فيها مشاهد إعدام المدنيين ومخالفات القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف تنشط في إزاحة الرأي العام الدولي بإيجابية لا تحدّ من قوتها سوى موازين القوى في الإقليم.

ويؤكد جمال عمرو، الخبير في شئون الاستيطان، أن كتاباً إسرائيليين يتحدثون منذ عدة أشهر بطريقة أكثر جرأة وصراحة، وأن الكاتب “ألفر” يساري انتقد الاحتلال وسبقه “جدعون ليفي” يساري آخر، دعا بعد معركة “سيف القدس” لمغادرة أرض فلسطين المحتلة.

ويضيف لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “المدهش أن كل الأطياف السياسية من اليسار واليمين مؤخراً تكتب حول مستقبل وجود الكيان؛ لكن كل منهم ينظر من زاويته الخاصّة”.

المفكرون من اليسار نظرتهم دنيوية بحتة بناء على معطيات عالمية تذكر غياب التسامح في أجندة دولة ثنائية القومية متسلّطة، ولعل وصف دولة عنصرية “أبارتهايد” يتكرر على مسامعنا في المحافل الحقوقية والدبلوماسية أكثر من أي وقت مضى.
المتدينون في “إسرائيل” يخشون من شهادة وفاة مرتقبة للدولة، وقد ضرب أحد الحاخامات في كنيس يهودي قبل أشهر أكتاف زملائه غاضباً: “نحن تأخرنا وكفرنا بمبادئ التوراة.. نحن في طريقنا للزوال..”.

ويرى غسان وشاح، أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية، أن المؤرخين وعلماء الحضارة والدراسات الاستراتيجية يجمعون اليوم على وجود تصدّع كبير في مشروع الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين.

ويتابع لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “فشل تشكيل حكومة لفترة طويلة بعد رحيل القادة المؤسسين، ودراسات علمية حديثة من جامعات مثل جامعة حيفا تقول إن 75% من الإسرائيليين يعتقدون ألا مستقبل لهم في إسرائيل”.

عداء الفلسطينيين للصهيونية كان بسبب مشروعها الاستيطاني قبل إنشاء كيان سياسي، فالصهيونية تزعم ألا وجود لشعب فلسطيني في التاريخ، وتنكر شيئا اسمه دولة فلسطينية.

وتشير استطلاعات رأي ودراسات علمية مغايرة وردت بُعيد عدوان مايو الماضي، أن 40% من الإسرائيليين يرغبون في الهجرة، وأن هناك مليونا هاجروا ولن يعودوا، بينما تقول بعض الدراسات إن كل بيت إسرائيلي به من حصل على جنسية أجنبية.

وكان “أفيغدور ليبرمان” الوزير في الحكومة الإسرائيلية حذر من حصول الفلسطيني على دولة فوق أرض 67 خشية من حصوله على دولة مع مرور الزمن في أرض 48 التي يشكل العرب الآن 21% من سكانها.

طارد للسكان
تعيش “إسرائيل” أزمة قيادة تهدد مشهدها السياسي، وما تكرار الانتخابات أربع مرات خلال عامين مؤخراً إلا أحد أعراض مرضها السياسي الذي انكشف مع رحيل قادتها المؤسسين وآخرهم “إسحاق رابين”.
اليسار في تراجع كبير، واليمين وقلة من يمين الوسط من يشكلون حكومات “إسرائيل” في العقد الماضي، والمنافسة بين الأحزاب تشتد حين يجري الحديث عن تقاسم الميزانية؛ ما يدلل على مستقبل غير مبشّر.

ويرى الخبير عمرو أن “نتنياهو” رئيس حكومة الاحتلال وصاحب أكبر فترة حكم في تاريخ الكيان حظي بإجماع، لكن القيادات الحالية لا تريد عودته بعد إقصائه بصعوبة.

الائتلاف الحكومي أقرب لائتلاف المصلحة الحزبية، فالأحزاب تتحالف وينفرط عقدها بناءً على رضى وتصويت أحزاب المتدينين ونشطاء الاستيطان الذين يُستمالوا بالمال والنفوذ.

ويشير الخبير عمرو أن ظاهرة النقد الذاتي في “إسرائيل” مؤخراً، ظاهرة ملفتة، ومحاولة من اليسار واليمين والوسط لمغازلة أنصار التطبيع لتعزيز دمج الكيان في الشرق الأوسط.

تراجع الدعم الغربي للكيان نسبيا، يرى فيه الخبير عمرو دعوة غير مباشرة من العالم الغربي لـ”إسرائيل” بتصحيح مسارها دون الاعتماد على حبل سرّي من الغرب.

وعد “بلفور” لبنة تأسيس دولة الكيان هدفه الرئيس كان تحويل فلسطين التاريخية إلى كيان جاذب لليهود وفق قول “وشاح” لكن “إسرائيل” اليوم باتت طاردة لسكانها.

ويضيف: “لدى إسرائيل اليوم الأمن والمال والتطبيع واقتصاد قوي، لكن لم ينجحوا اليوم بتعزيز مستقبلها، بل يتوقع بعض قادتها انهيارا قريبا لأن لديها تحديات داخلية أمام شعب محتل يقاوم”.

محافظة المقاومة الفلسطينية على دوام حالة الاشتباك مع الاحتلال، تهدد استقراره وتساهم في رحيل المستوطنين بتراكمية تزيد وتنقص، وهي حسب تأكيد “وشاح” معادلة “لا سلام دائم ولا هدنة طويلة” بغاية رفع فاتورة الاحتلال.

النقد الذاتي المتصاعد في “إسرائيل” بغاية تحريك مشاعر فلسطينية وإبراز نجم اليسار الآخذ في الأفول أكثر من غيره، قد يمد جسور الاتصال بين الإسرائيلي والفلسطيني حسب رغبة السلطة الفلسطينية، لكنه قطعاً لا يحرص على تجريم الاحتلال وإنصاف الضحية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات