الإثنين 29/أبريل/2024

غزة المحاصرة.. بيضة القبان في المشهد الميداني

غزة المحاصرة.. بيضة القبان في المشهد الميداني

“إسرائيل” وجهت أحصنتها كافة لحسم ملف ستة أسرى انتزعوا حريتهم قبل أيام من سجن “جلبوع”، ونالت نشوةً مؤقتة يوم الجمعة بعد نجاحها في اعتقال 4 منهم.

انعكاسات ما جرى مع الأسرى وقعه قوي في الضفة المحتلة وأراضي 48، فتوقيته يرافق تصاعد المقاومة الشعبية على حدود غزة ومستوطنات الضفة، وهو يلامس أهم قضايا الإنسان تحت الاحتلال.

لا تزال غزة بيضة الميزان في أي تغير بالمشهد الميداني في فلسطين التاريخية إذا وقع أي حادث بغزة أو الضفة والقدس وحتى الداخل المحتل.

ومساء أمس، قطعت قيادة القسام وعداً بعدم إتمام أي صفقة تبادل مقبلة إلا وعلى رأسها أبطال عملية نفق الحرية.

بدأت أحداث مايو الماضي في الشيخ جراح، وانتهى بعدوان على غزة، وشكلت حادثة مقتل 3 مستوطنين بالضفة عام 2014م، مقدمة لعدوان على غزة على مدى 51 يوماً.
 
اعتادت غزة في العقدين الماضيين الوفاء بفاتورة التضحية خلال عدوان وعمليات قتل واعتداء على المقدسات بالضفة المحتلة، فهي لا تطلق القذائف فقط، وإنما تتناغم مع القضية كاملة.

حامية الوطن

نجاح الأسرى الستة في انتزاع حريتهم يهزّ القارب في أروقة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فما جرى سابقة تاريخية تستحق التأمل على مكث.

مقتل قناص إسرائيلي وانتزاع الأسرى حريتهم من “جلبوع” لاحقاً يضع غزة أكثر تحت مجهر تصعيد محتمل الوقوع في أي لحظة بغزة الأقرب دوماً للانفجار.

البساطة المضللة التي تحافظ فيها “إسرائيل” في التعامل مع غزة، وحين تخفف قيودها الاقتصادية حيناً، وتوسع مساحة الصيد حيناً آخر، لا تطيل من فتيل انفجارها القصير.

ويؤكد ناجي البطة، الخبير في الشئون الإسرائيلية، أن غزة تحولت إلى ولي الأمر بعد سقوط كل أولياء الأمور من الإقليم سوى غزة التي تشكل الآن حارسة المشروع الوطني.

لا تعمل رؤوس مربع الممانعة في المنطقة بذات الطريقة، فجنوب لبنان نقطة ساخنة تعمل بحذر، وسوريا غارقة في مشاكلها، وإيران تعمل بدبلوماسة احتواء التصعيد، ووحدها غزة تكمن قوتها في ضعفها.

ويضيف الخبير البطة “للمركز الفلسطيني للإعلام“: “غزة تتصدى إذا اعتدي على الأقصى وإذا اعتدي على الأسرى، والكل يطالبها دوماً بالرد إذا مس فلسطيني بسوء في الضفة أو الداخل المحتل”.

مع فارق القوة التدميرية بين “إسرائيل” ومقاومة غزة إلا أن الحكومة الإسرائيلية تعمل بحذر مع خيارات غزة التي تعيش الحصار وتمارس الكرّ والفرّ في الصراع الذي يقلق الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

ويرى اللواء يوسف شرقاوي، الخبير في الشئون العسكرية، أن وقع التطورات الميدانية والاعتداءات الإسرائيلية في شتى الملفات، واضح بغزة، لأنها مقاومتها تملك جزءً كبيراً من زمام المبادرة.

ويضيف “للمركز الفلسطيني للإعلام“: “المقاومة أضحت قادرة على فعل شيء عندما تريد، وتملك زمام المبادرة، وغزة تدخلت في قضية الشيخ جراح والأقصى عامةً، وتتدخل في تطورات غزة والضفة”.

انتماء الأسرى الستة لحركة الجهاد الإسلامي بواقع 5 يفتح، خيارات الجهاد كفصيل مقاوم للتقدم في المشهد الميداني، وهو ما يرجحه مراقبون خلال جولة غارات ليلية يوم الجمعة بدأت بعد زعم “إسرائيل” سقوط قذيفة غرب النقب.

تناغم اضطراري

حالة التناغم التي يعلو فيها لحن غزة في تطورات المشهد الميداني على كامل رقعة فلسطين التاريخية، له ما يبرره من الأسباب والدوافع، فالمقاومة بغزة تعمل بأيدلوجية رافضة لواقع الاحتلال وعدوانه.

عدوان مايو الماضي على غزة مضى وسط حالة غضب شاملة بالضفة والقدس والمدن العربية في الداخل المحتل التي حافظ الاحتلال على ممارساته العنصرية بحق أهلها الذين يشكلون 21% من سكان دولته.

ويشير الخبير البطة، أن غزة على أهميتها ومعاناتها لا يجب أن تدفع الثمن في كل جولة، وهي لم تلملم جراح عدوان مايو الماضي، بعد بل لابد من عملها بحكمة في الرد.

تتجشم غزة في كل تطوّر القسط الأكبر من فاتورة العدوان الإسرائيلي أمام انسداد أفق التسوية ورفض الاحتلال رفع حصار غزة، لا يجري في حياة الإنسان بغزة جديد يقال أو قديم يعاد.

ويقول الخبير شرقاوي إن حالة التناغم بين أجزاء الوطن في كل تطوراته، وغزة المقاومة، يحضر باستمرار، وإن مستقبل التناغم يمضي بثمن باهظ نحو فتح أفق سياسي مستقبلي تقتنع به المقاومة لكن طريقه شاقّة.

وتنال المقاومة بغزة ثقة الشعب الفلسطيني بعد فشل مشروع السلطة الفلسطينية السياسي في عملية التسوية، وهو ما تؤيده هتافات الجماهير في الضفة والقدس حين يشدد الاحتلال الخناق.

الإقليم الماضي في عملية تصالح مؤخراً، والانقسام الفلسطيني، قد يضيق الخناق أمام خيارات غزة التي يرش العدوان الإسرائيلي دوماً الملح في شقوق جراحها، لكنها مضطرةً دوماً للدفاع رغم بساطة إمكاناتها أمام “إسرائيل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات