هل تغير أمريكا سياستها تجاه حماس؟

تداول كثير من الكتاب والمحللين فكرة تغيير السياسة الأمريكية تجاه حماس، باعتبار أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بايدن، اتخذت سياسات مغايرة تماماً لما كانت تنتهجه إدارة الرئيس السابق ترامب، ويعزز هذا الفريق فكرته بطرح شواهد من قبيل رفع الحوثيين عن قائمة الإرهاب، والتفاوض مع حركة طالبان، وتمسك بايدن بحل الدولتين خلافاً لما جاء به الرئيس السابق ترامب من صفقة القرن.
وللوقوف على هذه الفكرة ومحاولة فهمها، لا بد من أن نضع بعض الحقائق أمام ناظرينا ونحن نحاول قراءة أفكار الرئيس بايدن، وذلك حتى لا تكون قراءة المشهد قائمة على الاجتزاء المصحوب بالرغبة غير الظاهرة والتي تحجبها ستائر كثيفة من المواقف الأمريكية الظالمة بحق شعبنا على مدى سنوات الاحتلال، فهل فعلاً قد تُغير الإدارة الأمريكية الحالية سياستها تجاه حماس؟، وأن حماس قد تتلقى اتصالاً هاتفياً من البيت الأبيض قريباً، كما ذكر أحد المحللين الإسرائيليين؟ أنا لا أعتقد أن هذا الأمر وارد حالياً وذلك للأسباب الآتية:
1.إن قضية طالبان أو الحوثيين تختلف في أصولها ومآلاتها عن قضية فلسطين، فالقضيتين في أصليهما هما قضيتا صراع أهلي داخلي بين مكونات الشعبين اليمني والأفغاني، وهذا هو الاختلاف الجذري الأول الذي يختلف عن القضية الفلسطينية، التي هي قضية احتلال استيطاني غربي يعد رأس حربة المشروع الغربي في المنطقة، وهو في الأساس سياسة أمريكية غربية ثابتة تجاه المنطقة، وربما أكثر من أنه مشروع صهيوني يهودي بدأه هرتزل ووجد طريقه للتحقيق على أرض الواقع من خلال السعي اليهودي لإنشاء الوطن القومي، فلولا القرار البريطاني بوعد بلفور لما وجدت دولة (إسرائيل) على أرض الواقع.
الأمر الآخر أن السياسة الأمريكية بصيغتها البراغماتية لا تقف كثيراً عند حدود الأفكار والأيديولوجيا ما دامت هذه الأفكار لا تتعارض مع مصالحها، أو أنها قد تكون مجرد شعارات يفرغها من مضمونها ومحتواها العلاقات والمصالح التي قد يُتفق عليها بين طرفي المعادلة، وهذا ما يحدث عملياً في قضيتي أفغانستان واليمن.
2.إن السياسة الأمريكية المتخذة من قبل الرئيس بايدن باتجاه حل الدولتين، هي سياسة قائمة على ضرورة الحفاظ على وجود (إسرائيل) في المنطقة كقوة إقليمية عظمى من الناحية العسكرية والاقتصادية، وفي ذلك استمرارها وبقاؤها كما يرى الرئيس بايدن، ودون ذلك سيكون الحل المطروح هو حل الدولة الواحدة، وذلك حسب ما كتب مؤخراً توماس فريدمان وما يعنيه هذا الحل من فناء لـ (إسرائيل) حسب ما يعتقده الأمريكيون، وهذا ما لا يريده بايدن.
3.إن تغيير السياسة الأمريكية تجاه حماس مرهون من وجهة نظري بأن تتحول حماس إلى نسخة (إسلامية) من حركة فتح، والأفكار كما ذكرنا سابقاً لا تلتفت إليها الإدارة الأمريكية كثيراً، ومن ثم على حماس أن تتخلى عن المقاومة المسلحة، وأن تقبل بكل وضوح بالشروط التي قبلت بها منظمة التحرير كاملة، ثم يترك الأمر للتفاوض وفقاً للرغبات الإسرائيلية، التي ما زالت تمارس منذ ثلاثين عاماً وحتى الآن لم تسفر عن شيء ملموس، وربما تحتاج حماس (إذا ما افترضا جدلاً) أنها لبت الشروط الأمريكية إلى ثلاثين سنة أخرى من التفاوض، عسى أن تصل إلى الدولة المفقودة.
4.لو افترضا جدلاً أن الإدارة الأمريكية قد توافق على التواصل مع حماس وفق ما هي عليه الآن، وتزيلها من قائمة الإرهاب، فإن هذا التوجه الأمريكي (المفترض) سيصطدم بمعارضة إقليمية شديدة من أطراف عربية، ترى في حماس ونهجها وأصولها تهديداً مباشراً لوجودها، باعتبارها ملهماً للشعوب العربية والإسلامية، وعليه فإن نجاحها في اختراق السياسية الأمريكية مع ثباتها على مواقفها سيعزز الشعور القومي، ويعلو بالكرامة الوطنية لدى هذه الشعوب، باعتبار حماس حركة أجبرت بثباتها الأمريكان ومن بعدهم الصهاينة على التعامل معها، الأمر الذي قد ينعكس داخلياً بلفظ الأنظمة المنبطحة التي فشلت فشلاً ذريعاً في خيار السلام، الذي أدى إلى شعور وطني عام بالإهانة، بعد أن مارست “إسرائيل” العلو والاستكبار في علاقتها مع كل الدول التي عقدت معها اتفاقيات سلام.
5.إن حماس تعد جزءاً من تحالف إقليمي هو التحالف المعادي للسياسة الأمريكية والوجود الصهيوني في المنطقة، وقد يمثل قبول الإدارة الأمريكية بالتعامل مع حماس نوعاً من الانتصار لهذا الحلف المعادي، وهذا ما لا يمكن أن تسلم به الإدارة الأمريكية.
لكل ما سبق أرى أن فكرة إزالة حماس من قائمة الإرهاب الأمريكية، وبدء التواصل معها على هذا الأساس، هي فكرة ليست في وارد السياسات الأمريكية الحالية تجاه المنطقة، التي لا تزال تدعم (إسرائيل) بكل سبل ووسائل الدعم، وتسعى إلى الحفاظ على أمنها واستمرار وجودها الغاصب على أرض فلسطين كمصلحة أمريكية مباشرة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذيرات من مخططات استيطانية ممنهجة تستهدف الضفة والقدس
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلامتواصل سلطات الاحتلال الصهيوني مساعيها الحثيثة لتهويد ما تبقى من أراضي الضفة الغربية والقدس، واستهدافها عبر تسريع...

تبريكات رسمية ومظاهر فرح فلسطينية بفوز أردوغان
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلامبين التهاني الرسمية السريعة والمظاهر الاحتفالية، والمتابعة الإخبارية، تنوعت مظاهر الفرح والاهتمام الفلسطيني...

عمليتا إطلاق نار بجنين وأضرار في مستوطنة جان نير
الضفة المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام نفذ مقاومون فلسطينيون، اليوم الأحد، عمليتي إطلاق نار في جنين، تسببت إحداهما بأضرار في وحدة استيطانية...

حماس تهنئ أردوغان بنيل ثقة الشعب التركي
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلامتقدمت حركة "حماس" بخالص التهاني والتبريكات إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفوزه في الانتخابات الرئاسية...

أردوغان رئيسًا لتركيا
أنقرة – المركز الفلسطيني للإعلامفاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السباق الرئاسي بعد حصوله على أكثر من 52 % من أصوات الناخبين. وأظهرت النتائج...

أمن السلطة يقمع استقبال المحرر صهيب اشتية بنابلس
نابلس- المركز الفلسطيني للإعلامبقنابل الغاز والاقتحام، تدخلت أجهزة أمن السلطة لتمنع الأجواء الاحتفالية بحرية الأسير المحرر صهيب اشتية، شقيق المعتقل...

مصعب اشتية يطالب أمن السلطة بالتوقف عن انتهاك حرمات البيوت الآمنة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلامدعا المطارد للاحتلال المعتقل في سجون السلطة مصعب اشتية، أجهزة أمن السلطة إلى التوقف عن انتهاك حرمات البيوت الآمنة...