الثلاثاء 21/مايو/2024

السلطة وأموال الإعمار.. عودة للمشهد من بوابة معاناة غزة الجريح

السلطة وأموال الإعمار.. عودة للمشهد من بوابة معاناة غزة الجريح

ما إن وضعت المعركة أوزارها في قطاع غزة؛ حتى بدأت أصوات من المقاطعة برام الله تتعالى بشأن إعادة الإعمار، واستغلالها للعبث السياسي والابتزاز من جديد.

وتعود المخاوف من جديد بعد المحاولات من السلطة الفلسطينية للعودة إلى المشهد من جديد، بعد عدوان إسرائيلي استمر 11 يوما، وراح ضحيته أكثر من 250 شهيدًا، والآلاف من المصابين والبيوت المدمرة كليا وجزئيا.

فما أن توقف العدوان على غزة حتى علت أصوات من أروقة السلطة للحديث عن أموال المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة، مطالبة بالحصول على هذه الأموال، وتنفيذ عملية الإعمار من خلالها.

وبعد العدوانات الإسرائيلية التي شنتها “إسرائيل” ضد غزة أعوام 2008 و2012 و2014، والتي أبرمت السلطة عقودها كطرف مسؤول عن الإدارة والإشراف المباشر عن عملية الإعمار، ما يزال جزء كبير من تعويضات عدوان 2014 لم يتسلمه أصحابه، الذين يتهمون السلطة باختلاس هذه الأموال، التي قدمتها الدول المانحة.

ووفق وزارة الأشغال العامة في قطاع غزة؛ فإن قرابة 1300 شقة سكنية دمرها الاحتلال تمامًا في عدوان 2014، ما تزال تنتظر إعادة الإعمار حتى يومنا هذا.

وزير المالية برام الله شكري بشارة صرح قائلًا: “شكّلنا لجنة اقتصادية متخصصة من وزارة المالية، لاستلام أي أموال سيتم التبرع بها لغزة، وبقرار من رئيس الوزراء محمد اشتية سيتوجه وفد للقاهرة قريبًا، للاتفاق مع الجانب المصري حول آلية مشاركة السلطة في إعمار غزة”.

دور سلبي
وفي هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا: إن دور السلطة خلال العدوان على غزة كان سلبياً وسيئًا جداً، ولم يرتقِ لتضحيات شعبنا الفلسطيني، ولم تتعاطَ معه كما يجب بدليل أنها لم تقدم أي شكل من أشكال المعونة أو المساعدة أو حتى الموقف السياسي.

وأشار القرا، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إلى أن دور السلطة برز بعد أسبوع من العدوان على قطاع غزة حينما تم الحديث عن الإعمار، وكأنّ السلطة موجودة لتمتص دماء الشعب الفلسطيني على الصعيد الاقتصادي، وتريد أن تستفيد وتنعش ميزانيتها الاقتصادية على حساب معاناة الشعب الفلسطيني.

وقال: “هذه المعطيات نتاج تجربة عام 2014 حيث تمت المماطلة والتسويف لعدة سنوات من إتمام الإعمار، وهناك عائلات لم يتم الإعمار لها حتى اليوم من السلطة فيما يتعلق ببعض المنازل التي تكفلت بإعادة إعمارها”.

وأضاف القرا أن “هذه المرة تريد السلطة أن تحصل على أموال الإعمار لفائدتها وفائدة بعض المسؤولين في السلطة”.

ولفت إلى أن حركة حماس والفصائل مضطرة لاعتبار السلطة جهة يمكن التعاطي معها لإعادة إعمار غزة، خاصة أنها تستغل ذلك بما يسمونه الشرعية التي تمنح للحكومة في ذلك.

وأوضح أن السلطة لم تقم بأي شكل فيما يتعلق بالإعمار حتى الآن، لكن من الواضح أنها تريد أن تعمل بالطريقة التي تناسبها، الأمر الذي يستدعي أن تعمل الدول التي تريد تقديم المساعدات مباشرةً كما تفعل قطر التي تقوم بعملها مباشرةً عبر اللجنة القطرية.

وأشار إلى أنه يمكن إعادة التجربة القطرية في إعمار القطاع، أو تقديم المساعدات لبعض المؤسسات التي يمكن أن يكون فيها شكل من أشكال الشفافية والمحاسبة.

وأضاف: “السلطة الفلسطينية غير مؤتمنة على أموال الإعمار، ولا تريد أن تساعد قطاع غزة إلا بقدر الفائدة التي تحصل عليها”.

غياب عن المشهد
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون: إن السلطة الفلسطينية غابت عن المشهد الفعلي سواء لنصرة القدس والشيخ جراح، بالإضافة إلى أنها خذلت غزة حينما تعرض لعدوان واسع ولم يكن هناك أي تحرك منها.

وأشار المدهون، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن السلطة تحاول الالتفاف على الواقع لتكريس حالة من حالات الانفصال عبر جعلها عنوانًا وحيدًا للإعمار.

وقال: “لا شك أن السلطة يعترف بها كل العالم، لكن هذا الاعتراف منقوص؛ لأنه لا يسير على أساس شعبي وشرعي، كما أنها أبطلت الانتخابات الأخيرة وهربت منها”.

وأضاف: “السلطة لا تقوم بواجبها تجاه غزة، وإنما تقوم بفرض شروط تعيق وصول المساعدات والإعمار إلى قطاع غزة”، لافتاً إلى أنه لا يمكن تجاوز السلطة في عملية الاعمار بسهولة، ولكن يجب التفكير بأن لا تنفرد في هذا الملف، وعليها التنسيق مع حركة حماس. العنوان المقاومة والقادر على تنفيذ الإجراءات على الأرض”.

وتابع: “نحن الآن أمام مرحلة جديدة لا تستطيع فيها السلطة تهميش وتهشيم وإبعاد فصائل العمل الوطني الأخرى، وهي ليست وحدها في الميدان، وليست العنوان الوحيد والفريد؛ بل هي عنوان متآكل وضعيف”.

وقال المدهون: “تخطئ كل دولة وكل منظومة تمنح السلطة ما لا يحق لها أو دورًا ليس لها”، مشدداً أن الدور الآن يجب أن يكون مرتبطًا بلجنة إعمار شعبية فصائلية وطنية في غزة تشارك فيها الحكومة الموجودة على الأرض في غزة بالإضافة إلى فصائل العمل الوطني ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات والنخب الفلسطينية.

وأوضح أنه يوجد فجوة بين السلطة وقطاع غزة يجب أن ترمّمها، من خلال الكف عن العقوبات التي اتخذها عباس عام 2017، إضافة إلى إعطاء غزة حقها من المقاصة والموازنات، والإشراف على دعم القطاع المدني والصحي الذي تعدّ السلطة مقصرة فيه، وفق قوله.

وحول إمكانية تجاوز دور السلطة في ما يتعلق بإعمار غزة، أشار المدهون أنه من الممكن تجاوزها عبر مؤسسات وطنية أو من الدول مثل اللجنة القطرية، لافتاً إلى أن ما يهم الجميع الآن هو عدم تأخر الإعمار، وأن يعاد بناء غزة أفضل مما كانت عليه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات